آمالنا حول السفر السياحي تتجاوز في العادة فكرة السفر الداخلي والقريب، حيث السفر في مخيلتنا مرتبط في العادة بأماكن ومزارات سياحية خارج حدود بلادنا، وبعيده عن جيراننا، وهذا أمر جيد وأحلام وتصورات مشروعة، لكن حقيق بنا قبل الولوج إلى مثل هذا تفكير، أن ننظر إلى بلادنا، فحتماً فيها من المزارات والأماكن الملهمة ما يستحق منا الزيارة والاستمتاع، فنحن أحق بهذه الزيارات من سائح أجنبي يفد علينا من أقصى الأرض، فقط كي يرى طبيعتنا ويستمتع بأجوائنا وما توفر في بلادنا من فرص وأمكنة تاريخية وسياحية مميزة. بالسفر الداخلي، أنت أمام فرصة رائعة لا تتوقف لدى مشاهداتك الجديدة وتعرفك عن قرب على تاريخك وجذور الحياة في موطنك، فضلاً عن التنوع السياحي والفرائد الطبيعية التي عليها بلدك، بل أنت كذلك أمام فرصة مميزة كي تحظى بكل هذه التجارب نظير مبالغ زهيدة لا تقارن بسفرة لك إلى خارج البلاد، لذلك فهي صفقة رابحة من كل الجهات، خصوصاً من ناحية التكاليف. شبه الجزيرة العربية ودول مجلس التعاون الخليجي تمتاز بكثير من الوجهات المميزة، فإذا كنت ترغب في مدن عصرية عالمية فيها كل ما تتمنى العين أن تراه، فمرحباً بك على سبيل المثال ليس أكثر في الإمارات، حيث في كل إمارة قصة، وإذا كنت ترغب في طبيعة ساحرة خلابة فأنت أمام خيارات متعددة، فها هي صلالة في عمان وعسير والعلا في السعودية، ولا تنس البحرين وتاريخها والكثير الكثير مما يستحق المشاهدة فيما هو حولنا. ما أجمل أن تكون هذه الرحلات ضمن مخططات أسرية، فذاك أمر رائع أن يكون أولادك وأفراد أسرتك بجوارك كي تطلعهم عن قرب عما يعنيه هذا الوطن، عن دروبه ونواحيه مترامية الأطراف، عن حاضره المشرق وتاريخه غزير الثراء، أن تسير معهم في الأزقة القديمة وتطلعهم على هيئات البيوت كيف كانت وكيف كان أجدادنا يعيشون؟ إن هذه المعرفة لكفيلة بتعميق معنى الوطن في وجدان الأبناء، وجعلهم شغوفين أكثر لمعرفة المزيد، وذلك هدف رائع إذا تحقق، وبالطبع ليست الأهداف الوطنية هي الوحيدة المتحققة، بل المتعة والمرح لا تنفصل عن مثل هذه رحلات، خصوصاً أن بلادنا متنوعة الأوجه والمستويات وهذا يوفر لنا فرص كثيرة للاختيار. في النهاية يجب أن نشير إلى أن السفر الملهم والممتع لا يكون دائماً بكثرة ما ننفقه من مال، لا يكون بتلك الأماكن الفخمة التي نبحث فيها عن خطأ فلا نجد، بل ربما رحلة بسيطة إلى الصحراء وتأمل وفير للسماء وضحكات تحيطك من أبنائك وأسرتك، كفيلة أن تستشعر معها سعادة لا تفوقها سعادة، لذلك لا قواعد تحكم اختياراتك، فقط ابحث عما يجعلك سعيداً وقم به على الوجه المناسب لك.
مشاركة :