باشرت وفود البلدان ال195 المشاركة في المؤتمر الدولي للمناخ في باريس امس مفاوضات ماراثونية غداة قمة استثنائية لقادة الدول، سعياً للتوصل الى اتفاق يحد من الاحتباس الحراري، غير ان عقبات كثيرة لا تزال تعترض هذا الهدف. ومن المحطات الرئيسية للقاءات افريقيا التي ستكون محور قمة مصغرة لحوالي 12 رئيس دولة افريقية بمشاركة الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند حول موضوع "التحدي المناخي والحلول الافريقية". وحض رئيس المؤتمر الدولي للمناخ لهذه السنة وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس الاثنين في كلمة اطلق بها اعمال المؤتمر، المشاركين "على احراز تقدم في الجوهر بحيث نحترم التفويض البالغ القوة الذي منحنا اياه مختلف رؤساء الدول والحكومات". ودعا المندوبين الى "عدم ادخار اي جهد" لدفع المفاوضات قدماً بعدما راوحت في الاشهر الاخيرة. وكان حوالى 150 من قادة الدول اعطوا دفعا سياسيا قويا للمفاوضات موجهين نداءات بالاجماع تدعو الى انقاذ الكوكب. وقال مندوب اوروبي "سيكون الامر صعبا.. مشروع الاتفاق طويل وينطوي على الكثير من الخيارات. فبأي وتيرة يمكن ان تتقدم المفاوضات؟" في اشارة الى المداولات التي تطول عادة وتراوح مكانها، وهو ما اثبتته جولات التحضير للمؤتمر التي استمرت طوال العام 2015. وقالت سيلييا غوتييه الخبيرة في السياسات المناخية لدى "شبكة العمل حول المناخ" التي تضم 900 منظمة غير حكومية "كل الخيارات مطروحة، كل شيء ممكن، الأسوأ كما الافضل". وتابعت ان "الخطابات اوجدت ديناميكية مهمة، لكن يتعين بذل جهود كبيرة للتوصل الى اتفاق على مستوى الرهانات". وضاعف حوالى 150 قائد دولة الاثنين في لوبورجيه النداءات من اجل التحرك ضد ارتفاع حرارة الارض، من الرئيس الاميركي الى الرئيس الصيني شي جينبينغ مرورا برئيس الوزراء الهندي نارندرا مودي. وفي مؤشر الى وعي غير مسبوق لمخاطر الاحتباس الحراري، لم يشهد اي مؤتمر حول المناخ من قبل مشاركة هذا العدد من قادة العالم. واثنت المنظمات غير الحكومية على الدفع السياسي الذي اعطاه قادة العالم باسره لكنها تنتظر لترى "كيف سيترجم ذلك خلال المفاوضات". ويوزع النص المطروح لاقراره في نهاية المؤتمر على خمسين صفحة ويتضمن فصولا رئيسية بينها: خفض انبعاثات الغازات المسببة لمفعول الدفيئة، وهو هدف بعيد الامد، والتكيف مع التغير المناخي، وتمويل سياسات دول الجنوب على صعيد المناخ، والية لرفع التزامات الدول بصورة منتظمة، وغيرها. والهدف من هذين الاسبوعين التوصل الى اول اتفاق تلتزم بموجبه الاسرة الدولية تقليص انبعاثات الغازات السامة ذات مفعول الدفيئة لاحتواء ارتفاع حرارة الارض بدرجتين مئويتين قياسا الى الحقبة السابقة للثورة الصناعية. غير ان مواقف المفاوضين تكون احيانا متباعدة جدا، بحسب مدى اعتماد الدول على مصادر الطاقة الاحفورية (الفحم والنفط والغاز) ومستوى التطور وموارد كل بلد. وتطالب الجزر التي باتت في "حال طوارئ مناخية" بسبب ارتفاع مستوى مياه المحيطات، باتخاذ تدابير قوية وسريعة. في حين ان الدول النفطية، والدول المنتجة للفحم مثل استراليا، تتمنع عن الخوض في عملية انتقال الى الطاقة النظيفة تكون مخالفة لمصالحها. اما الهند التي تعتبر من الاطراف المحوريين في المفاوضات، ويترتب عليها تامين الكهرباء ل300 مليون نسمة ومكافحة الفقر، فتعول كثيرا على الفحم الذي يعتبر من مصادر الطاقة الاكثر تلويثا. وقال الأمين العام للامم المتحدة بان كي مون الاثنين بعد ست سنوات على فشل مؤتمر كوبنهاغن محذرا "لن نتوصل الى اتفاق مثالي"، داعياً المفاوضين الى "ابداء ليونة وحس بالتسوية". ويفترض بالاتفاق الذي تامل الاطراف في التوصل اليه بحلول 11 ديسمبر، ان يسمح للعالم بدخول منعطف تاريخي للابتعاد عن مصادر الطاقة الاحفورية التي تؤمن اليوم قسما كبيرا من الطاقة في العالم غير انها تتسبب باحتباس حراري غير مسبوق. ومن اجل الحصول على موافقة دول جنوب الكوكب، يترتب ضمان تمويل يسمح لها بمواصلة تنميتها بواسطة الطاقات النظيفة ومواجهة عواقب التغير المناخي مثل تراجع المحاصيل الزراعية وارتفاع مياه البحار وذوبان الجليد وتضاعف الظواهر المناخية القصوى وغيرها.
مشاركة :