بنهاية شهر مارس، غداً الخميس، ينتهي شهر القراءة، الذي أصبح تقليداً سنويّاً منذ أعلنت الدولة عام 2016 عاماً للقراءة، ضمن تقليد سابق اعتمدته منذ عام 2015، بتخصيص كلّ عام لأحد المعاني أو القيم أو الرموز التي تسعى إلى ترسيخها، وتركيز الاهتمام الرسمي والمجتمعي حولها. وقد خُصّص عام 2015 للابتكار، والعام الذي تلاه للقراءة، في إشارة إلى العلاقة العضوية التي تجمع بين مقوِّمين أساسيَّيْن للتطور المُستدام، ذلك أنّ القراءةَ هي الركيزة الأهم التي تحفّز الابتكار وتُذكية، وتضمَن استمراره وتجدُّده. وإزاء النجاحات التي حقّقها «عام الابتكار» و«عام القراءة»، وفي ظِلّ إدراك القيادة الرشيدة لأهمية إبقاء هاتين القيمتين حاضرتين في الوعي وفي التفاعلات المجتمعية، فقد خُصِّص شهر فبراير من كل عام للابتكار، وشهر مارس للقراءة، ليحتفظا بالترتيب ذاته، وفقاً للعلاقة السالف ذكرها، في دليل على وضوح الرؤية، وما تتسم به من تماسك واتساق. لقد أصبح «شهر القراءة» ساحةً حقيقيةً لتنافس صحيٍّ ومحمودٍ بين مؤسسات الدولة، الحكومية منها والخاصة، التي تحشد طاقاتها من أجل الخروج بمبادرات مبتكَرة تتضافر فيما بينها على تحقيق الأهداف المتوخّاة، ولتجعل من القراءة أسلوب حياة، وسلوكاً طبيعيّاً يعتاده كلّ أفراد المجتمع منذ سنوات النشأة الأولى، وهو ما يعني تطوُّراً كبيراً في وعي الفرد وقدراته، ومن ثم تطوراً مجتمعيّاً أشمل وأعمق، وتطويراً مستمرّاً للمهارات والقدرات في كلّ مجالات العمل والإنتاج، وقدرة على تحقيق الاستفادة القصوى من الطاقات غير المحدودة للعقل البشري، الذي أصبح المورد الأثمن والمصدر الأهم لثروة الأمم، ورخائها، وازدهارها، وقوتها. وعاماً بعد عام، كانت مؤسّسات الدولة تستفيد من تجاربها السابقة خلال شهر القراءة، وتُعِدُّ برامجها وخططها وفعالياتها بناءً على رصيد متراكم من الخبرات، واستفادة مُتبصِّرة ممّا سبق من دروس، وهو ما تجلَّى خلال فعاليات «شهر القراءة 2022»، من تطور على مستويَي الكمّ والنوع. وقد أثبتت كل مؤسّسات الدولة أنّ لديها ما تُقدِّمه، وأن فرص المشاركة لا تقتصر على المؤسّسات التعليمية أو الثقافية أو الفكرية، وهو تطور مفصلي في الفهم والممارسة، يؤكد المسؤولية الشاملة لكلّ القطاعات، وأنّ كل الهيئات والمؤّسسات، أيّاً كان حجمها وقدراتها، لديها ما تُقدِّمه. والأمر الأهم، أن «شهر القراءة» يمثّل مظهراً من مظاهر الرؤية الشاملة لـ«مجتمع المعرفة»، الذي تزداد جذوره في دولة الإمارات رسوخاً وقوة. كما أنه يستند إلى إطار واضح يشمل الخطط والتشريعات التي تجعل خطوات العمل وغاياته بالغة الوضوح والدقّة، وتمثّل «الاستراتيجية الوطنية للقراءة»، و«القانون الوطني للقراءة»، نموذجَين على متانة هذا الإطار وقوته، وهو ما يجعل تحقيق الأهداف نتيجة طبيعية، بل حتمية. عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية
مشاركة :