المعلن والمخفي في ضوء المصادر الأمريكية د. محمد مظفر الادهمي في 19 من اذار/مارس 2003 بدأت الحرب الامريكية على العراق بضربات جوية، أعقبها في اليوم التالي الغزو البري من الجنوب عبر الحدود العراقية الكويتية. وفي يوم 9 نيسان /أبريل أُحتلت العاصمة بغداد. وأعلن الامريكان سقوط النظام في العراق . يقول بوب وودورد في كتابه الوثائقي ” خطة الهجوم” ان ادارة بوش الابن كانت قد عقدت النية على غزو العراق واحتلاله قبل هجمات الحادي عشر من سبتمبر ، وان العراق لم يكن لديه اي علاقة بأسلحةالدمار الشامل او القاعدة وابن لادن الذي نفذ هذه الهجمات . ويؤكد ذلك مدير ال CIA جورج تنت في كتابه (في وسط العاصفة) انه وبعد يوم واحد من هجمات الحادي عشر من سبتمبر ذهب لرؤية الرئيس بوش في البيت الابيض، وعندما كان يسير في الممر الذي يؤدي الى الجناح الغربي، شاهد ريشارد بيرل مغادرا، وهو احد الشخصيات التي تحمل لقب الاب الروحي للمحافظين الجدد، وهو في الوقت نفسه رئيس اللجنة الاستشارية المستقلة للسياسات الدفاعية التي تتبع وزير الدفاع، فقال بيرل لتنت وهو يمر من امامه (على العراق ان يدفع ثمن ما حدث بالأمس ..انه يتحمل المسؤولية).ويقول تنت انه اصيب بالدهشة ولم ينبس ببنت شفة، لأنه كان قبل ساعة قد استنسخ قوائم ركاب الطائرات المختطفة والتي تبين بما لا يقبل الشك ان القاعدة كانت وراء هجمات 11 سبتمبر ولا علاقة للعراق بها .ويؤكد تنت في كتابه انهم كانوا يحققون لأشهر عن الدول الداعمة للقاعدة ولم يجدوا اي شيء يشير الى العراق. ومع ذلك، وبعد ستة ايام من هجمات سبتمبر اصدر الرئيس بوش امره بالبدء بالحرب على الارهاب، وكانت افغانستان الخيار الاول، في الوقت نفسه، تم توجيه وزير الدفاع دونالد رامسفيلد بالاستمرار في العمل على اعداد خطط الحرب على العراق . الاسباب المعلنة وعند تحليلنا لأسباب هذا الموقف المعادي للعراق نجد ان قيادات القرار السياسي في ادارة بوش كانت تعتبر ان حرب الخليج لعام 1991 لم تكتمل اهدافها بعد، وقد وجدوا الان في الحرب على الارهاب فرصتهم لإكمال مهمتهم في العراق بإنهاء حكم الرئيس صدام حسين، والذي كانوا يحثون الادارات الامريكية السابقة على القيام به. و من بين هؤلاء وزير الدفاع الحالي رامسفيلد ونائب الرئيس دك تشيني ونائب وزير الدفاع بول وولفوودز .وكان هؤلاء اعضاء في منظمة تدعى (مشروع القرن الامريكي الجديد). وكان اعضاء هذا المشروع قد قدموا قبل ثلاث سنوات ونصف من احداث سبتمبر رسالة مفتوحة الى الرئيس بل كلنتون، نشرت في الواشنطن تايمز، يحثونه فيها على غزو العراق واسقاط الرئيس صدام حسين . واصبح عشرة من بين الموقعين على الرسالة في مراكز قيادية في ادارة بوش الابن . اضافة الى المحافظين الجدد كانت هناك مجموعتان في ادارة بوش الابن تدعوان الى غزو العراق : الاولى هم من يعتبر ان الحرب تعني الحصول على الاموال، ولا علاقة لهم بالسياسة، بل بالشركات ومصانع السلاح وغيره من مستلزمات الحرب .اما المجموعة الثانية فهم الداعمين لإسرائيل الذين يعتقدون ان الرئيس صدام حسين هو القائد العربي الوحيد الذي يهدد فعلا اسرائيل ولابد من ازالته . يضاف الى هذا كله ان الرئيس بوش الابن كان يؤمن انه لابد ان ينتقم من صدام حسين الذي حاول قتل والده عند زيارته للكويت بعد اجبار العراق على الانسحاب منها .وكان يقول (هذا هو الشخص الذي حاول قتل والدي). الاسباب المخفية من جانب آخر ناقش العديد من الكتاب والمحللين ما اطلقوا عليه الاسباب غير الرسمية او غير المعلنة لغزو الولايات المتحدة للعراق، ويمكن اختصارها على النحو الاتي : اولاً : العلاقة بين المحافظين الجدد في السلطة وبين شركات النفط الامريكية، مثل هاليبرتون وغيرها .ذلك ان احتلال العراق سيسمح لهذه الشركات في السيطرة على حقول النفط، التي لا يوجد لها موطئ قدم في العراق الذي يعتبر البحيرة النفطية الوحيدة التي لم يصل اليها الامريكان، ولا تتعامل بالدولار بل باليورو. ثانياً : العلاقة بين المحافظين الجدد في السلطة وبين المقاولين الفرعيين للجيش .هؤلاء هم شركات خاصة بتجهيز القوى القتالية المسلحة او الخدمات الامنية، ويشار الى موظفيهم باسم (مقاولين عسكريين خاصين) وهم مدنيون يمارسون واجبات عسكرية . في كتابهاThe Invisible Sldiers كتبت Ann Hagedornعن خصخصة الامن القومي الامريكي وظهور صناعة جديدة وجريئة من الشركات العسكرية والامنية الخاصة، والتي تعتبراكبر خصخصة عسكرية في تاريخ الولايات المتحدة الامريكية، بحيث بلغ عدد المقاولين الخاصين اكثر من عدد القوات العسكرية النظمية .وقد اطلق Allison Stanger الباحث في Middlebury College اسم (The First Contracts War) على الحرب التي شنتها الولايات المتحدة على العراق . وقد قدر الباحثان كري شوب و فولكر فرانك في بحثهما الموسوم Contractors as Military Professionals عدد الذين قدموا فقط خدمات امنية في العراق بـ 30.000 مقاول، منهم ثلاثة ارباع يشكلون القوة المسلحة الثانية الاكبر بعد القوات الامريكية في العراق. وخلال فترة وجود القوات الامريكية في العراق من عام 2003 الى عام 2011 حصلت هذه الوكالات على مقاولات بما يقدر ب 85 مليار دولار، منها 76 مليار دولار من وزارة الدفاع الامريكية، لتقديم خدمات ومنتجات ودعم لوجستي ومنتجات نفطية وبناء واطعام . ثالثاً : كانت ادارة بوش الابن تأمل ان ازالة صدام حسين سينتج عنه ما يشبه تساقط حبات الدومنو واحدة بعد الاخرى، حيث ستجبر الانظمة المعادية لأمريكا ومصالحها في الشرق الاوسط على التعاون خشية على نفسها، او ان شعوبها ستنقلب عليها وتسقطها اقتداء بالتجربة الامريكية في العراق بتحرير شعبه وبناء الديمقراطية فيه.
مشاركة :