المؤتمر الإقليمي الذي نظمته النيابة العامة خلال الفترة 22-24 مارس 2022 (لتعزيز التعاون القضائي في منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا) جاء لمواجهة عمليات غسل الأموال وتجفيف منابع الإرهاب، لذا كان في المشاركين قضاة ومدعون عامون، وعدد من الخبراء الدوليين، وأعضاء من النيابة العامة بمملكة البحرين ودول مختلفة، وممثلو عدد من الجهات ذات الاختصاص في الداخل والخارج، وبمشاركة اكثر من 65 مشاركاَ من 20 دولة، والبحرين لسجلها الحافل في مواجهة عمليات غسل الأموال وتمويل الإرهاب لديها الخبرة الكبيرة التي يستفاد منها في هذا المجال. المؤتمر الأقليمي جاء بالتعاون مع المعهد الدولي للعدالة الجنائية وحقوق الإنسان بسيراكوزا والمكتب العالمي لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب التابع للاتحاد الأوروبي، وهدف المؤتمر مواجهة العمليات المالية المشبوهة، وذلك من خلال التعاون بين المؤسسات والدول، والإسهام في دعم الأجهزة المختصة لإنفاذ القانون لمكافحة تلك الجرائم. إن مثل تلك المؤتمرات تسهم في التواصل المباشر بين الأجهزة المعنية، وتبادل الخبرات والمعلومات، فتلك الجرائم أصبحت اليوم عابرة للحدود، لذا لابد من عمل جماعي منظم تتبادل من خلاله الدول المعلومات، فهناك تحديات كبيرة تحتاج إلى تعاون كبير، وجهد أكبر، فتلك الجرائم تشكل تهديداً على استقرار المجتمعات، ويؤثر على أمنها وتطورها. إن الجرائم الحديثة وفي مقدمتها غسل الأموال تخطت المفهوم المباشر، وهي اليوم تدعم الجماعات الإرهابية لما بينهما من مصالح مشتركة وتقاطع أهداف، فالكثير من الأعمال الإرهابية التي تتعرض لها المجتمعات المستقرة هي مدعومة وبشكل مباشر من الأموال التي يتم غسلها وتجفيفها ثم تداولها، لذا فإن إغلاق أبواب الإرهاب ونوافذه يبدأ من تجفيف منابع التمويل!. لقد أكد النائب العام الدكتور علي البوعينين على أن الاتفاقيات الدولية صدرت لمواجهة جرائم غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وهي جرائم عابرة للحدود، لذا جاءت الاتفاقيات الدولية لمواجهة تلك الجرائم، فاستوجب وضع الأطر والأليات وفق معايير دولية تراعي الإطار المؤسسي والتشريعي الوطني. المؤتمر جاء لتحسين الإطار التشريعي والتنظيمي للتعاون القضائي الدولي في مكافحة جرائم غسل الأموال وتمويل الإرهاب، ومحاولة زيادة قدرة جهات إنفاذ القانون على الحد من التدفقات المالية غير المشروعة، والحيلولة دون استخدام عائدات الجريمة المنظمة، ولا يتأتى ذلك إلا من خلال التعاون القضائي. جاء المؤتمر الأقليمي في الوقت الذي يعاني فيه العالم من آثار غسل الأموال وظهور الجماعات الإرهابية، خصوصاً في العقود الأخيرة، وهي جرائم أثرت في استقرار المجتمع الدولي، وساهمت في انتشار الصراعات والحروب، ولا يمكن التصدي للجماعات الإرهابية إن لم يكن هناك عمل مؤسسي ومنظم لتجفيف منابع التمويل، وأبرزها عمليات غسل الأموال.
مشاركة :