تتيح التقنيات الناشئة التنبؤ وإدارة الأعمال في قطاعات متعددة، خصوصاً القطاعين الصحي والتعليمي، فاستخدام تطبيقات «الميتافيرس» يشكل بوابة لمستقبل التعليم ومفتاح الوساطة التعليمية، إذ سيحيل العالم إلى حجرة دراسية مفتوحة. وأفاد مشاركون مسؤولون ومختصون على هامش فعاليات القمة الحكومية العالمية في دورتها الثامنة، بأن هناك بعض البلدان في حاجة إلى تسريع الخطى نحو ما سينتقل إليه العالم إلى ما بين الواقعين المادي والافتراضي، من خلال تعزيز استخدام تطبيقات «الميتافيرس»، مشددين على أهمية أن تقدم الحكومات العالمية في العالم الافتراضي ومجالاته المتعددة كإنترنت الأشياء والذكاء الاصطناعي، ومواءمتها مع تطبيقات «الميتافيرس» التي تتصدر الوسائل التكنولوجية الحاضرة، وستحدث ثورة في شتى القطاعات. وأوضح المشاركون بأن «الميتافيرس» ستخدم التعليم وتحيل العالم إلى حجرة دراسية مفتوحة، وتحقق التوازن بين المفاهيم الجديدة والتعليم القائم، مطالبين في الوقت ذاته بسن القوانين التي تضمن السلامة الرقمية في العوالم الافتراضية لحماية الأشخاص وتحديداً الطلبة الذين ينخرطون في تلك التطبيقات، لافتين إلى أن الإمارات سباقة في استحداث القوانين والتشريعات التي تضمن حماية وأمن المعلومات. وتيرة متسارعة من جهته، أكد ديفيد موينينا سينجه وزير التعليم الأساسي والثانوي ومسؤول الابتكار الأول في مديرية العلوم والتكنولوجيا والابتكار في سيراليون، أن العالم يمضي بوتيرة متسارعة إلى مرحلة الحياة الافتراضية، بعد أن بدت ملامحها ومتغيراتها إبان جائحة فيروس كورونا المستجد، مشيراً إلى أن التعليم سيكون من أكبر المستفيدين بتطبيق مشروع «ميتافيرس» أو «العالم الماورائي» الذي من شأنه تغيير مستقبل البشرية. وقال موينينا: إن الحديث عن العوالم الافتراضية والواقع الافتراضي بما يضمن التواصل بين الجميع بطريقة سهلة وأكثر تفاعلية، لافتاً إلى أنه على مستوى التعليم ستكون هناك فوائد جمة، موضحاً: فرصة التعليم ستصبح أكثر سهولة عن طريق «ميتافيرس»، حيث يمكن لأفضل معلم في سيراليون أن يقوم بتعليم الطلاب في دبي، والتواصل مع المعلمين أيضاً، وفي الوقت نفسه يتواصل مع طلاب على سبيل المثال في كوستاريكا وأن يتفاعل الطلاب في رواندا مع آخرين في كوريا الجنوبية ما يجعل العالم يصبح قرية صغيرة أو حجرة دراسية يتواصل من خلالها الجميع بكل سهولة. وأضاف: قوة هذه التقنية وفعاليتها مهمة عندما يتم التعامل معها بالشكل الصحيح، إذ إننا عندما نكون قادرين على إنشاء هذه الاتصالات سنصبح قادرين على إثراء التفاعلات التي تحدث من خلال مشاركة الفرص المتاحة في بعض الأماكن ولا يمكن للآخرين الحصول على الفرص نفسها، بينما من خلال «ميتافيرس» قد نجد أنفسنا أمام فرصة جيدة لمشاركة هذه الفرص للجميع. وتابع: هذه الفرضية والعدل في إتاحة المعلومات للجميع، ستجعلنا نتحدث عن الإنصاف وعن السلام العالمي وهي كلها احتمالات ستكون متاحة ومن خلالها نستطيع الوصول إلى أفضل استخدام ممكن لهذه التقنية، لأنه في الوقت نفسه الاتصال السيئ موجود في كل مكان، بينما أرى أنه من الأساسيات هو وجود الهواتف التي تتطور بشكل كبير، وأعتقد أن الهواتف الذكية باتت متوفرة في كل مكان.وشدد الوزير ديفيد موينينا سينجه على أن الاستفادة من «ميتافيرس» في مجال التعليم يرتبط بالحلول المتاحة لتلك التطبيقات. تطوير بدوره، قال الخبير التربوي سليمان أكبر: إن إعادة تشكيل مستقبل التعليم والطرق المثلى لتطوير نظام بيئي جديد لطلبة العلم، ومدى قدرة «الميتافيرس» في بناء وتطوير نظام بيئي جديد في قطاع التعليم، موضحة أن البشرية مقبلة على عالم متسارع ومتغير، وله انعكاسات على كافة القطاعات بما فيها قطاع التعليم الذي يمثّل الأساس الصلب للمعرفة. وأوضح أن التكنولوجيا أصبحت اليوم تسهم بشكل كبير في تغيير وتطوير قواعد العمل في قطاعي التعليم والرعاية الصحية وريادة الأعمال وصولاً إلى إجراء العمليات الجراحية باستخدام تقنيات «الميتافيرس»، مؤكداً أنه على العالم تعزيز التقدُّم في العالم الافتراضي ومجالاته المتعددة كإنترنت الأشياء والذكاء الاصطناعي والجيل الثالث من شبكة الويب و5G من خلال التعاون ومشاركة المعرفة لتحقيق نجاح أفضل. وفي السياق ذاته، قال الدكتور عبيد صالح المختن، باحث تقنية المعلومات والجريمة الإلكترونية: إن تطبيقات الميتافيرس سوف تحدث نضجاً تكنولوجياً في مختلف القطاعات نظراً لارتباطها بقطاع الطب والهندسة والتعليم والسياحة وغيرها، إذ ستغير حيثيات تلك التطبيقات مجرى الحياة، معتبراً أن الأشخاص الذين سيبقون على استخدام التكنولوجيا الحالية دون النظر إلى تطبيقات الميتافيرس وما ستحدثه من ثورة مستقبلية ويرون أنها مجرد موضة تظهر وستختفي بعد قليل، لا يستطيعون التأقلم مع التغيرات التكنولوجية المعاصرة التي تتغير وتنضح باستخدام تلك التطبيقات والعوالم الخفية الافتراضية والمعززة في الوقت ذاته. وتابع: «إن الطفرة التكنولوجية وعناصر الثورة الصناعية الرابعة التي نعيشها اليوم والأعوام المقبلة والتي ستغير في تضاريس ومعالم قطاع الأعمال لتصبح مبنية على التكنولوجيا المتفوقة والتي ستغير خارطة الأعمال والتوجهات التقنية التي تلعب دوراً كبيراً في حياتنا اليومية دائماً ما تصل إلى مرحلة الكمال وتبحث عن المستجدات». ولفت إلى أن تطبيقات «الميتافيرس» هي أحد مستجدات العصر التي ستخرجنا من العالم الواقعي وتجعلنا نعيش في عوالم افتراضية، سنكون قادرين فيها على التسوق، وعلى مقابلة الأصدقاء، والعمل عن بُعد، وسنكون قادرين على مشاركة مساحات رقمية، والموسيقى، والقيام بالأعمال الفنية، ولكن «الميتافيرس» تحتاج إلى زيادة سرعة الإنترنت والشبكات وتوفير المعدات، حتى تؤدي دورها. وذكر أن «الميتافيرس» توفر للطلبة ما يحتاجون إليه الذي يعد أبعد بكثير عن التعلم عن بعد، وهو التفاعل مع الواقع المعزز والافتراضي ويعيش تجارب تفاعلية تحقق المردود التعليمي الذي يرغب فيه. وأكد أن الإمارات سباقة في استحداث القوانين والتشريعات التي تضمن حماية وأمن المعلومات، وحدثت أكثر من 22 قانوناً مع دخول عام 2022 وذلك لإيجاد الأرض المناسبة للمستثمرين وتوفير الحماية للمؤسسات والأشخاص بشكل عام، مفيداً بأن تشجيع المستثمرين في استخدام وتوظيف تلك التطبيقات التوظيف الأمثل. وأشار إلى أن استخدام تطبيقات «الميتافيرس» تمكن الأشخاص من السفر في أي وقت وتلمس العالم الافتراضي بشكل واقعي، بالإضافة إلى استخدامه في العلاج النفسي وفي أمور الطب بشكل عام، وتمكنهم من خوض المغامرات من دون تخوفات. مستجدات من جانبه، أكد عمرو حمدي الأمين العام للمنظمة الكشفية العربية، أهمية جودة الحياة الرقمية وخاصة في زمن تزايدت فيه وتيرة الحياة الرقمية سواء في التعليم أو الترفيه أو التجارة والأعمال، وظهرت مستجدات جديدة في التكنولوجيا الرقمية مثل الميتافيرس والتي ستؤدي إلى مزيد من التغيير والتسارع في الحياة الرقمية وما يستتبعه من احتياجات معرفية وثقافية مهمة لضمان جودة وأمان الحياة الرقمية، وأصبح من الضروري الاهتمام بجودة وسلامة الحياة الرقمية وخصوصاً للشباب والأطفال. وقال حمدي: إننا أمام تحدٍ كبير يطال تربية وتنشئة الأطفال في العصر الرقمي بشكل متوازن لضمان جودة الحياة الرقمية والحفاظ على سلامة النشء من مخاطر العالم الرقمي، بما يسهم في تجسيد مجتمع المعرفة الرقمي نحو مجتمع متلاحم ومترابط وتحقيق الاستثمار الأمثل لمزايا التطبيقات التفاعلية المتاحة في العالم الرقمي لكافة المجالات التعليمية والثقافية والترفيهية. موارد رقمية كما أضاف ليوناردو غارنييه المستشار الخاص للأمين العام للأمم المتحدة لقمة التعليم، بأن الميتافيرس تمثل الجيل الجديد من المنظومة التعليمية، كونها تستخدم الموارد الرقمية كاملة، في وقت أجبرتنا جائحة كوفيد 19 على استخدام تلك الموارد الرقمية، وسرعت بخروجها بشكل ناضج يحاكي كافة القطاعات. وأفاد الدكتور ناجي واكيم نائب مدير الجامعة المشارك للخدمات الأكاديمية في جامعة زايد بأن التعليم يشهد تطوراً كبيراً تخطى مرحلة التعليم عن بعد إلى التعليم الافتراضي التفاعلي وهو ما يزيد الحاجة إلى تقنيات الميتافيرس كالواقعين المعزز والافتراضي في بعض الحالات قد تكون رحلة استكشاف للميتافيرس لا تزال في بدايتها، ولكن بعض تطبيقات التعليم والتعلّم أصبحت شبه جاهزة. وقال الدكتور ناجي: إن محترفي التعليم يجب أن يحققوا النجاح من خلال الفاعلية، التي تعدّ المسألة الأكثر إلحاحاً التي يواجهها التعلّم الإلكتروني التقليدي الموجود، فقد أجبرتنا الجائحة على الدخول إلى مختبر هائل حاصرت فيه مؤتمرات الفيديو الكثير من مهامنا التي تشمل التعلّم، منوهاً بأن التعلّم الإلكتروني ينطوي على الكثير من الجوانب السلبية التي غالباً ما يسعّرها انعدام المساواة في الحصول على التقنية، إلّا أنّ بعض الدراسات وجدت أنّه فعّال. وسيط تعليمي أكد ليوناردو غارنييه أهمية تطويع التطبيقات والتعامل معها على أنها وسيط تعليمي مثل الأجهزة والألواح الذكية، لتعزيز التعلم الذاتي بدرجة أكبر لدى الطلبة، لأنه الاتصال والأداة التي لا تزال تمثل تحدياً تربوياً لدى القطاع التعليمي العالمي. ولفت إلى أن تطبيقات الميتافيرس تخاطب الجمهور العالمي لذلك ستكون مفتاحاً لإضفاء الطابع الديمقراطي على التعليم، كونها تتطلب عمل مشكل بين المعلمين والطلبة في الجانب التعليمي. تابعوا أخبار الإمارات من البيان عبر غوغل نيوز طباعة Email فيسبوك تويتر لينكدين Pin Interest Whats App
مشاركة :