يعج تاريخ تصفيات المونديال بمشاهد تكسر القلوب لمنتخبات عجزت، على أرضها، عن التأهل للحدث الكبير باللحظات الأخيرة، وبعد تلقي ضربات صاعقة لم يتصورها أحد، ربما حتى المنتصرون. وما جرى، الثلاثاء، في ملعب مصطفى تشاكر بمدينة البليدة، يعد مثالا صارخا على ما تفعله كرة القدم القاسية بالمشجعين واللاعبين، حيث أخفق المنتخب الجزائري في بلوغ نهائيات قطر 2022، بعد سيناريو عجيب لم يكن في الحسبان، وفقا لقناة الحرة. وكان الجزائريون يحتفلون بالتأهل إلى المونديال للمرة الخامسة في تاريخ "محاربي الصحراء"، حين سجل لاعب منتخب الكاميرون كارل توكو إيكامبي هدفا قاتلا في الدقيقة +120 لتخطف "الأسود التي لا تقهر" بطاقة المونديال من أصحاب الأرض. والعجيب أن الجزائر كانت قد خطفت هدف تعادل، بدا قاتلا، قبل ذلك بدقائق محدودة (في الدقيقة 118) كان كافيا للتأهل، ليتصور الجميع، بمن فيهم مشجعو الكاميرون، أن بطاقة المونديال باتت في قبضة الجزائريين. وعقب الهزيمة سادت حالة من الصدمة العارمة وعدم التصديق في الجزائر، بينما انهار المدير الفني جمال بلماضي، على أرض الملعب باكيا، وتحدث كثيرون عن كرة قدم أثبتت مرة أخرى أنها غادرة وقاسية، ولا تعرف الرحمة. لكن مشهد الإقصاء المرير للجزائر لم يكن الوحيد من نوعه في تاريخ تصفيات المونديال، والغريب أنه سبقه قبل أيام مشهد مماثل في ملعب "رينزو باربيرا" في باليرمو، حين مني المنتخب الإيطالي، صاحب الأرض، بهدف قاتل في الدقيقة 90+2، من منتخب يبدو مغمورا، مقدونيا الشمالية، ليحرم "الآزوري"، بطل أوروبا، من المشاركة بالمونديال للمرة الثانية على التوالي. والغريب أن خسارة إيطاليا أمام مقدونيا الشمالية، كانت الوحيدة بمشوارها في التصفيات، حيث خاضت إجمالا 9 مباريات، لكنها كانت كافية لتبعدها عن نهائيات قطر. وتكشف أرقام المواجهة نفسها بين المنتخبين بوضوح كيف سارت المباراة، إذ سددت إيطاليا إجمالا 32 مرة على المرمى، مقابل 4 تسديدات فقط للضيوف كان بينها الهدف اليتيم، فيما حصل أبناء روبرتو مانشيني على 16 ركلة ركنية مقابل صفر للضيوف الذين خرجوا غير مصدقين الانتصار في معقل الطليان، علما بأنهم خسروا لاحقا أمام البرتغال وعجزوا عن التأهل للمونديال القطري. ويمكن أن نورد هنا واقعتين آخريين شهيرتين لإقصاء "يكسر القلب" كانا من نصيب السعودية وفرنسا. ففي تصفيات مونديال 2010، شهدت مباراة السعودية والبحرين، التي استضافها ملعب الملك فهد الدولي بالرياض، دقائق أخيرة يمكن وصفها بالجنونية، حين فاجأ الضيوف، منتخب السعودية، وبدد آماله في التأهل إلى نهائيات جنوب أفريقيا، بعدما تعادل معه بهدفين لمثلهما، في إياب الملحق الآسيوي. وكان المنتخبان تعادلا سلبيا في مباراة الذهاب بالمنامة ليبدو "الأخضر السعودي" قريبا من التأهل إلى نهائيات كأس العالم للمرة الخامسة على التوالي. وفي مباراة العودة تقدم المنتخب السعودي بهدف سجله ناصر الشمراني في الدقيقة 13، ثم تعادل الفريق البحريني في الدقيقة 42 بهدف للاعب جيسي جون. ثم سجل حمد المنتشري الهدف الثاني للسعودية بينما تلفظ المباراة أنفاسها الأخيرة ليحتفل الملعب بأكمله بـ"التأهل"، لكن المنتخب البحريني كان له رأي آخر حين أدرك التعادل في الرمق الأخير بهدف سجله إسماعيل لطيف، لتقصي السعودية وتمر البحرين ولكن من دون النجاح لاحقا في بلوغ مونديال جنوب أفريقيا. وتتعلق واقعة شهيرة أخرى بمنتخب قوي وذائع الصيت، هو المنتخب الفرنسي، الذي لن ينسى محبوه ما جرى بتصفيات مونديال 1994. ويبقى "كابوس كوستادينوف" عالقا في أذهان عشاق "الديوك" الذين كانوا يحتفلون أيضا بالتأهل للمونديال بملعب "بارك دي برانس"في نوفمبر 1993، قبل أن تقلب تسديدة من زاوية شبه مستحيلة في الوقت الضائع، سددها المهاجم البرتغالي إميل كوستادينوف كل شيء، حيث فازت بلغاريا 2-1 وأقصيت فرنسا عن المونديال الثاني على التوالي. والطريف أن هدف كوستادينوف القاتل مثل علامة فارقة للمنتخبين، إذ تألقت بلغاريا في مونديال 1994 بالولايات المتحدة وأحرزت المركز الرابع، بينما شهدت فرنسا نهضة كروية تاريخية تمثلت في الاستعانة بالمدرب إيميه جاكيه الذي قادها للتتويج بالمونديال الأول على أرضها عام 1998، ثم نجح "الديوك" بعد عامين في الفوز بيورو 2000 بعد نهائي لا ينسى أمام إيطاليا. تابعوا البيان الرياضي عبر غوغل نيوز طباعة Email فيسبوك تويتر لينكدين Pin Interest Whats App
مشاركة :