التقيتها امرأة جميلة وعملها يعتمد على حسن مظهرها، وعلى الرغم من عرضها في السناب لما لذ وطاب من الأطعمة إلا أنها تعدت مرحلة النحافة إلى الهزال، وكان ذلك خوفا على خسارة مكاسبها من التقدير وفرصها بالحصول على مزايا اجتماعية ومهنية، يضاف لذلك النظرة الدونية للبدناء والتسويق الإعلامي الذي يربط الجمال بالنحافة الزائدة، مما ساهم بانتشار اضطرابات غذائية باتت ظاهرة مرضية تستحق الدراسة والاهتمام.1-2 % من المراهقين والنساء يعانون من مشكلة النهم العصبي (Bulimia nervosa)، 80 % منهم من الإناث وغالبيتهم أوزانهم معتدلة، وعزز ذلك إلى عوامل عائلية، اجتماعية، ومزايا شخصية، فأكثرهم ينتمون لأسر تعاني من السمنة المفرطة، أو من اضطرابات غذائية أو مزاجية مثل الاكتئاب والقلق. كما لوحظ انتشاره في المهن أو النشاطات التي تتطلب المحافظة على بنية جسدية معينة مثل عرض الأزياء. وبالشخصيات التي لا ترضى إلا بالكمال. وللضغوط النفسية دور كبير مثل انفصال الوالدين، الطلاق، الانتقال إلى بلد أو مدرسة أو مهن جديدة أو فقدان شخص عزيز.يمنح تناول الطعام المصابين بالبوليميا العزاء للتخلص من التوتر النفسي، وبعد تحقيق النشوة بتناول الطعام تذهب السكرة ويحل مكانها الخزي بسبب الخروج عن السيطرة ويتملكه الشعور بالذنب والخوف المبالغ فيه من الزيادة بالوزن. وعكس ذلك مرض الأنوريكسيا الذي يعيش فيه الشخص في دائرة مغلقة من وسواس زيادة الوزن، يمارس فيه حميات غذائية قاسية ليسعى إلى تحقيق المثالية في الوزن والرشاقة بصورة تشبه عارضات الأزياء.قد تكون الأسرة أو الوسط المحيط أو المدرسة أو العمل أحد أسباب انتشار الاضطرابات الغذائية لاختلال المفهوم بين الرشاقة والنحافة. وتغفل الكثير من الأسر أو الأزواج عن الوعي بمعاناة المصابين بتلك الاضطرابات الغذائية، والذين عندما يتعرضون لنوبة النهم يستهلكون كميات كبيرة من الطعام بوقت قصير جدا، لتحقيق نشوة مؤقتة، يليها إحساس بالذنب فيلجأ إلى جميع الوسائل التي يعرفها للتخلص من هذا الطعام بما يسمى بعملية التطهير إما بتفريغ المعدة بوضع الإصبع في الفم للتقيؤ أو بتناول العقارات الدوائية التي تسبب التقيؤ، أو الإسهال، أو القيام بنشاط رياضي عنيف.ويمكن معرفة المصاب بالنهم العصبي من سلوكه وحالته المزاجية وتقدير ذاته لقوامه ومظهره، ومن نهمه بتناول الطعام يعقبها اختفاؤه أو تردده على دورة المياه باستمرار، أو إصراره على ممارسة النشاط البدني القاسي لحرق الطعام مهما كانت الظروف وحتى لو كان مصابا أو مريضا.ويلاحظ عليهم الانتفاخ غير الطبيعي في الخد والفك، ووجود خشونة بظاهر الكف ومفاصل أصابع اليد بسبب تعمد إدخالها للتقيؤ وتصبغ الأسنان.يسبب النهم العصبي مشاكل صحية خطيرة تبدأ من تسوس الأسنان وتعفنها، وأمراض اللثة وتحلل مينا السن والرائحة الكريهة بالفم بسبب أحماض المعدة الواصلة للفم من التقيؤ المستمر. والإمساك والإسهال بسبب استخدام الملينات، والإحساس بالإرهاق، واضطرابات العادة الشهرية.كما أن عادة التقيؤ المستمر تسبب التهابات بالمريء، واختلال كيمياء الدم ونسبة الأملاح، لهذا فهو أحد أسباب هشاشة العظام، واضطرابات الكلية، والمشاكل القلبية لعدم انتظام ضربات القلب التي تقود للوفاة.يعي أكثر المصابين بالبوليميا معاناتهم ويصعب عليهم التخلص منها بالإرادة فقط، ويعانون من الاكتئاب، والإرشاد النفسي والسلوكي والدوائي أحد السبل للمساعدة خصوصا بالحالات المبكرة التي يمكن اكتشافها عن طريق الأسرة والمدرسة والتي تستجيب للعلاج بشكل أسرع كلما تم اكتشافها، ولكن لن يتحقق ذلك بدون الوعي بوجود المشكلة والتوجه للعلاج.@DrLalibrahim
مشاركة :