وكأنه بمثابة قبلة حياة للمتعبين من صخب الحياة اليومية وضجيج المدن، يقبع مخيم أوكسجين وسط غابات محافظة عجلون، شمالي الأردن، ليكون متنفسا وملاذا لعشاق السياحة والمشي في الطبيعة. وتشتهر غابات عجلون بأشجارها الخضراء المتربعة على سفوح جبالها الشامخة، ما يمنحها مشهدا أقرب إلى اللوحات الفنية للطبيعة الساحرة. وسط تلك الغابات، اختار رائد القدومي (42 عاما) أن يؤسس مخيما بيئيا يحقق لزائره مفهوم السياحة البيئية، وأطلق عليه اسم “أوكسجين” ليكون عنوانا للمكان وطبيعته. وقال القدومي، الذي يصف نفسه بـ”عاشق الطبيعة”، إن فكرة تأسيس مخيم “أوكسجين” لم تأت جزافا بل كانت محاولة لاستعادة موروث تاريخي، يتمثل في رياضة المشي الجبلي أو ما يعرف بـ”الهايكنغ”. وأضاف “رياضة المشي الجبلي كانت نمطا أساسيا في حياة أجدادنا، إضافة إلى التخييم، لذا وجدت أن إنشاء المخيم وسط هذه الغابات سيحقق الهدفين معا”. وكانت البداية عام 2010 عندما قرر القدومي تشكيل فريق باسم “أوكسجين” من الأصدقاء والمقربين، بهدف الإعلان عن برامج للمشي الجبلي والتخييم، وبدأ حينها الحصول على طلبات للمشاركة من المهتمين. ويوضح رائد “بعد مرور سنوات، شعرت بأنه حان الوقت لأقوم بتحويل هذا العمل إلى مشروع خاص، وحاولت أن ينضوي تحت مظلة وزارة السياحة، رغبة في انتعاش السياحة البيئية في الأردن”. ويضيف “بحثت عن مكان مناسب ووجدت أن غابات عجلون هي الأنسب، واستأجرت هذه الأرض بمساحة 5 آلاف متر مربع، وأضفت إليها الخيام الخاصة والأكواخ الخشبية، ليستوعب المخيم 60 زائرا يوميا، ويعدّ الموقع ضمن مسار سياحي للمنطقة. الطبيعة دواء ينعش القلب والروح الطبيعة دواء ينعش القلب والروح والمغزى من المخيم هو أن يمنح زواره تجربة الحياة وسط الطبيعة البكر الساحرة، بعيدا عن نمط سياحة المنتجعات، لأن الطبيعة هي الأم التي يلجأ إليها الجميع لتحقيق مفهوم الاستشفاء النفسي”. وعن الفعاليات الطبيعية التي ينظمها المخيم، يقول القدومي إن الهايكنغ (المشي الجبلي) يعد الأساس ثم يتم استخدام الموقع في رصد بعض الظواهر الفلكية أحيانا”. ويوضح، “بعد أن لاقى المخيم إقبالا قمت بتعزيز مهاراتي وخبراتي في مجال السياحة البيئة ورياضة المشي الجبلي، لتحقيق الحماية الكاملة والمحافظة على بيئة المكان الذي تمر به”. ويشير إلى أنه لا يبحث عن أعداد زوار المخيم بقدر التدقيق في نوعيتهم قائلا “ما يعنيني هو استضافة زوار لديهم اهتمام بالطبيعة، ويخدمون أنفسهم بأنفسهم، مع التأكيد على ضرورة الحفاظ على البيئة”. ويضيف “من يرغب في المبيت بالمخيم، فإنه إما أن يختار الأكواخ الخشبية، أو الخيام بين الأشجار؛ ليعيش مع الطبيعة، مقابل أسعار لا تزيد على 35 دينارا (حوالي 50 دولارا) في الليلة الواحدة”. ويتابع “أما الزوار الذين يرغبون في قضاء يوم واحد دون المبيت فالأسعار تعد رمزية (..) فالتعرف على سحر الطبيعة يحتاج تجربة حياتية مختلفة وليس مرورا عابرا”. ويمضي قائلا “المخيم يعد أيضا مركزا للانطلاق إلى أماكن مختلفة في معظم محافظات المملكة، إذ يتم فيه تزويد الراغبين في التجربة بالمعلومات الضرورية التي يحتاجونها؛ ليسهل عليهم التعامل مع البيئات المختلفة”. ويضيف القدومي “يسعى المخيم لتعزيز السياحة البيئية، من خلال عدة نشاطات، أبرزها إعادة تدوير بعض المخلفات الصلبة من الأخشاب، وزراعة الأشجار الحرجية، والحفاظ على أنواع الطيور مثل الحجل والشنار، ونسعى مستقبلا لصنع بيوت للنحل بين الأشجار؛ لإنتاج العسل”. وانطلق مخيم “أوكسجين” رسميا في فبراير 2021، وزاره المئات خلال عام واحد، وقد خصص للمبتدئين مسارا بطول 5 كيلومترات، فيما خصص للمتمرسين مسافة تزيد على 16 كيلومترا. وعول مؤسس المخيم على المزيد من الدعم من وزارة السياحة والمنظمات المعنية بالبيئة والمناخ للتوسيع نشاطات مشروعه.
مشاركة :