يلقى سعي إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، الدؤوب للعودة إلى الاتفاق النووي المبرم مع إيران عام 2015 ترحيباً من الجمهوريين داخل الكونغرس الأميركي، في مجلسيه الشيوخ والنواب. فالجمهوريون يطالبون بايدن بعرض أي اتفاق محتمل مع طهران على مجلس الشيوخ للتصديق عليه في صيغة المعاهدة، وهددوا بعرقلته إذا لم يتم ذلك. وحتى بعض الديمقراطيين يرفضون إعادة إحياء الاتفاق النووي السابق، كالسيناتور الديمقراطي، بوب مانينديز، رئيس لجنة مجلس الشيوخ للعلاقات الخارجية، الذي عبّر عن رفضه في تصريحات سابقة خاصة بالعربية والحدث، مضيفاً أنه لم يؤيد أصلاً الاتفاق الأول. امتعاض ورفض والتقت العربية/الحدث في أروقة مجلس الشيوخ بعدد من الأعضاء الجمهوريين، الذين أظهروا امتعاضهم ورفضهم المطلق لأي خطوة تقوم بها الإدارة في اتجاه العودة للاتفاق السابق، خاصة في ما يتعلق برفع الحرس الثوري الإيراني عن قائمة واشنطن للمنظمات الإرهابية الأجنبية. فقد صرّح السيناتور الجمهوري، تيد كروز، لـ العربية/الحدث بأن الحرس الثوري، باعتباره "منظمة إرهابية، يموّل قتل عدد لا يُحصى من الأميركيين ومن حلفاء الولايات المتحدة". وأضاف أن إدارة بايدن تحاول بطريقة "غير نزيهة"، على حد وصفه، التظاهر بأن الحرس الثوري هو أي شيء آخر غير منظمة إرهابية معادية لأميركا "بشكل عنيف للغاية". "سياسة متخلفة تماماً" في الأثناء، موقف السيناتور الجمهوري، جوش هاولي، لم يختلف، حيث وجّه أسهم نقده للإدارة الأميركية واصفاً "سياستها تجاه إيران في هذه المرحلة بالمتخلفة تماماً"، معتبراً أن الأمر خطير. وتابع بأن الولايات المتحدة يجب ألا ترسل إلى إيران نفس "رسالة الضعف" التي أرسلتها إلى الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، قبل نحو عام بشأن خط الأنابيب نورد ستريم اثنان، عندما ألغت إدارة بايدن العقوبات الأميركية المفروضة على الشركة التي تبني الخط ورفعت العقوبات عن رئيسها التنفيذي، ماتياس وارنيغ، والذي يُصنف على أنه حليف لبوتين. كذلك، شدد هاولي خلال حديثه مع العربية/الحدث على أن الوقت الحالي ليس مناسباً لتخفيف العقوبات على النظام الإيراني، كما يقترح مسؤولو إدارة بايدن. واستغرب السيناتور الشاب تفكير الإدارة أصلاً بالسماح للإيرانيين بإنتاج الطاقة، ما يمكنهم من الإفلات من العقوبات الأميركية المفروضة عليهم. وأضاف هاولي أن الرسالة التي يجب أن توجه إلى الإيرانيين هي أنه سيتم تشديد الخناق عليهم بشكل لا يلين، وبأن الولايات المتحدة ستعمل على توحيد التحالف الذي بنته على مر السنين في المنطقة لمواصلة إخضاع الإيرانيين للمساءلة، والمحافظة على احتوائهم. "فكرة رهيبة" من جهته، وصف جيمس لانكفورد، لـ العربية/الحدث فكرة رفع الحرس الثوري الإيراني عن قائمة واشنطن للمنظمات الإرهابية الأجنبية "بالرهيبة". وتابع بلهجة فيها نوع من الحزم والإصرار بأنه يجب إبقاء العقوبات على إيران، مبرراً بأن الحرس الثوري قادر على تهديد الأفراد الأميركيين. وأضاف أنه من الواضح مما فعله هذا الحرس على مدى عقود ضد القوات الأميركية وحلفاء الولايات المتحدة بأنه منظمة إرهابية. بدوره بدت ملامح الغضب والامتعاض على وجه السيناتور الجمهوري، رون جونسون، الذي كان يسير مسرعاً لكنه توقف عندما سمع سؤالنا له عن الاتفاق، وأعرب متهكماً عن حيرته لما وصفه "بزحف إدارة بايدن إلى إيران"، التي قال إنها لن تتعامل أصلاً مع هذه الإدارة. وانتقد جونسون المساعي الأميركية للعودة إلى الصفقة النووية مع طهران و"الذهاب إلى فيينا بعشرة مليارات دولارات وأكثر لتقديمها لها"، مشدداً على أن ذلك كله لا معنى له بالنسبة إليه. صناعة القنبلة ومواقف الجمهوريين تأتي في وقت يصر معظم الديمقراطيين على أن الاتفاق هو الخيار الوحيد لمنع إيران من امتلاك سلاح نووي، حسب ما صرح سابقاً السيناتور الديمقراطي، كريس ميرفي، بعد جلسة استماع سرية حول المحادثات النووية قبل أكثر من أسبوع. وكان وقتها السيناتور الوحيد الذي تحدث إلى الصحافيين بعد انتهاء الجلسة، التي شارك فيها روب مالي، المبعوث الأميركي للشأن الإيراني، حيث رفض باقي الأعضاء الذين حضروها الإدلاء بتصريحات، فيما أشار بعضهم إلى عدم الرضا والانزعاج مما سمعوه. وحذر ميرفي وقتها من أن المدى الذي اقتربت فيه إيران من صناعة القنبلة مخيف، على حد وصفه، وشدد على أنه رغم تفهمه لكره الجمهوريين للدبلوماسية مع إيران فلا خيار أمام واشنطن سوى إنجاز الصفقة إذا كانت جيدة. تقارير مقلقة وكان كبير الجمهوريين في لجنة مجلس الشيوخ للعلاقات الخارجية، جيم ريتش، علق في بيان سابق على مواصلة إدارة بايدن سعيها للتوصل إلى صفقة مع إيران، على الرغم من اعتراضات شركاء الولايات المتحدة في الشرق الأوسط والمخاوف الرقابية، التي وصفها بالمشروعة من مجلسي الشيوخ والنواب في الكونغرس. كذلك، حذر ريتش وقتها بأن التقارير الصادرة من فيينا مقلقة في أحسن الأحوال، وقال إنه "مرعوب" من التنازلات التي تفكر فيها هذه الإدارة لإرضاء النظام الإيراني، معتبراً أن رفع الحرس الثوري الإيراني من قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية لا يدعم مصالح أمن الولايات المتحدة القومي. ويتفق الجمهوريون والديمقراطيون على هدف منع إيران من حيازة السلاح النووي وضرورة وقف برنامجها النووي والصاروخي، إضافة إلى وضع حد لأعمالها "الخبيثة" في الشرق الأوسط، لكنهم يختلفون على المقاربة لتحقيق ذلك. ففيما تظهر إدارة بايدن استعداداها لعقد تسويات من أجل إعادة إحياء الاتفاق النووي، يتهمها الجمهوريون بالضعف وتقديم التنازلات بطريقة تزعزع صورة الولايات المتحدة حتى أمام حلفائها، وتتركهم عرضة لاستهداف وكلاء إيران من المنظمات الإرهابية.
مشاركة :