توقع البنك الأوروبي لإعادة البناء والتنمية أن تسدد الحرب الروسية - الأوكرانية ضربة إلى اقتصادي الدولتين خلال العام الجاري، مع تأثيرات سلبية في الاقتصادات العالمية. وأكد أن الاقتصاد الروسي يواجه انكماشا بنسبة 10 في المائة في 2022، بينما يتراجع إجمالي الناتج الداخلي الأوكراني 20 في المائة، في ظل أكبر صدمة في الإمدادات منذ 50 عاما تتسبب فيها الحرب. وقبل الأزمة في 24 شباط (فبراير)، توقع المصرف الذي يتخذ من لندن مقرا أن ينمو إجمالي الناتج الداخلي الأوكراني 3.5 في المائة هذا العام، وأن يحقق الاقتصاد الروسي تحسنا 3 في المائة. وذكر المصرف، الذي أصدر توقعات طارئة أمس، أنه أول مؤسسة مالية دولية تحدث توقعات النمو منذ اندلاع الحرب في أوكرانيا الشهر الماضي، وفقا لـ"الفرنسية". وأفاد بأن التوقعات الأخيرة قائمة على فرضية "أن يتم التوصل إلى وقف لإطلاق النار في غضون بضعة أشهر، ليعقبه بعد وقت قصير انطلاق جهود كبيرة لإعادة الإعمار في أوكرانيا". وفي ظل سيناريو كهذا، يفترض أن ينتعش إجمالي الناتج الداخلي الأوكراني 23 في المائة العام المقبل، بينما يتوقع ألا تحقق روسيا الخاضعة لعقوبات اقتصادية غربية شديدة أي نمو. وقال المصرف "يتوقع أن تبقى العقوبات المفروضة على روسيا في المستقبل المنظور، لتؤدي إلى ركود الاقتصاد الروسي في 2023، مع تداعيات سلبية بالنسبة إلى عدد من الدول المجاورة في شرق أوروبا والقوقاز وآسيا الوسطى". وتابع "بوجود هذا الكم الكبير من الضبابية، ينوي المصرف إصدار توقعات إضافية في الأشهر المقبلة، آخذا في الحسبان أي تطورات جديدة". وتواجه بيلاروس المحاذية لكل من أوكرانيا وروسيا، عقوبات غربية أيضا على خلفية دورها في النزاع، إذ يشير المصرف إلى أن اقتصادها سينكمش 3 في المائة هذا العام وأن تشهد ركودا في 2023. وتأسس البنك الأوروبي لإعادة البناء والتنمية 1991 لمساعدة الدول السوفياتية سابقا على التحول إلى اقتصادات السوق الحر، لكنه وسع نطاق نشاطه لاحقا ليشمل دولا في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. وتوقع المصرف أن تحقق منطقة استثماره، باستثناء روسيا وبيلاروس، نموا 1.7 في المائة هذا العام، مقارنة بتوقعاته السابقة أن تبلغ النسبة 4.2 في المائة في تشرين الثاني (نوفمبر). ويتوقع أن يتسارع النمو لاحقا ليصل إلى 5 في المائة 2023، مع تحذيرات من أن هذه التوقعات خاضعة لضبابية عالية بشكل استثنائي، بما في ذلك مخاطر سلبية كبيرة في حال تصاعدت الأعمال العسكرية أو فرضت قيود على صادرات الغاز وغيره من السلع الأساسية من روسيا. وأضاف أن "اقتصاد العالم يواجه أكبر صدمة إمدادات منذ مطلع سبعينيات القرن الماضي على أقل تقدير"، مشيرا إلى أن "روسيا وأوكرانيا تمدان العالم بحصة كبيرة بشكل غير متناسب من السلع الأساسية التي تشمل القمح والذرة والأسمدة والتيتانيوم والنيكل". وقالت بياتا يافورتشيك كبيرة خبراء الاقتصاد لدى المصرف إن "الضغوط الناجمة عن التضخم، التي كانت مرتفعة حتى قبل الأزمة، ستزداد الآن بالتأكيد، وهو أمر ستكون له تداعيات غير متناسبة على عديد من الدول ذات الدخل الأكثر انخفاضا - حيث يستثمر البنك - كما على الشرائح الأفقر من السكان في معظم الدول". وكشف المصرف في وقت سابق هذا الشهر عن حزمة صمود بقيمة ملياري يورو "2.2 مليار دولار" لمساعدة المواطنين والشركات والدول المتأثرة بحرب أوكرانيا، بما في ذلك تلك التي تستقبل لاجئين. وقال "إن أوروبا شهدت أيضا أكبر موجة نزوح قسري منذ الحرب العالمية الثانية، ويدرس التقرير العواقب المحتملة لهجرة من هذا النوع"، وتابع أن "العمال المهرة من أوكرانيا قد يدعمون بعض الاقتصادات في الأمد البعيد، خصوصا في الدول التي تعاني شيخوخة السكان". وأضاف "لكن على الأمد القريب، تواجه الاقتصادات ضغوطات مالية وتحديات إدارية في وقت تزيد فيه توفير السكن والرعاية الصحية والتعليم". وأفاد البنك الأوروبي لإعادة البناء والتنمية، الذي دان التدخل الروسي في أوكرانيا، الثلاثاء بأنه سيغلق مكاتبه في موسكو ومينسك "كنتيجة لا يمكن تجنبها للأعمال التي قامت بها روسيا بمساعدة بيلاروس". ولم تنخرط المجموعة في أي مشاريع استثمارية جديدة في روسيا منذ 2014، عندما ضمت موسكو شبه جزيرة القرم القرم. ويقدم المصرف عادة بياناته الاقتصادية المحدثة في أيار (مايو) وتشرين الثاني (نوفمبر). وفي سياق متصل، قالت وكالة موديز أمس، "إنها سحبت جميع التصنيفات الائتمانية لروسيا والكيانات شبه السيادية الروسية المصنفة"، وأضافت أنها "قررت سحب التصنيفات لأسباب تجارية خاصة بها". وفي الأسبوع الماضي أعلنت "موديز" عزمها سحب تصنيفاتها الائتمانية للكيانات في أعقاب تحركات مماثلة من وكالة التصنيف العالمية فيتش وستاندرد آند بورز. وحذرت المنظمات الاقتصادية الدولية الكبرى، بينها البنك الدولي وصندوق النقد الدولي والبنك الأوروبي لإعادة البناء والتنمية، من تبعات "واسعة النطاق" للتدخل الروسي في أوكرانيا على الاقتصاد العالمي. وأعربت المنظمات في بيان مشترك سابق، عن هولها وقلقها الشديد حيال الحرب في أوكرانيا، موضحة أنها اجتمعت لبحث وطأتها والرد الجماعي الواجب بإزائها. وأشارت المؤسسات الموقعة، وبينها أيضا بنك الاستثمار الأوروبي، إلى الكارثة الإنسانية المدمرة في أوكرانيا،"وأن الحرب تبلبل سبل العيش في المنطقة وما بعدها". وأوضحت أن الحرب تحد من إمدادات الطاقة والمواد الغذائية، وتتسبب في ارتفاع الأسعار وزيادة الفقر، ما "سيضر بالانتعاش الاقتصادي في مرحلة ما بعد الوباء في العالم".
مشاركة :