الخبز والملح لا يقتتلان..! - عطية محمد عطية عقيلان

  • 4/3/2022
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

الحاجة وشغف العيش وقلة الموارد الطبيعية لدى العرب قديمًا، جعلت من تقديم الطعام من أهم مظاهر الكرم وحسن استقبال الضيوف، بل دعوة الصديق والقريب غالبًا لا تخلو من ذلك، بل إنه من المعيب عدم القيام بواجبهم وحقهم ويشمل في شقه الأكبر تقديم القهوة والطعام، لذا تعتبر هذه العلاقة وما يقدم فيها من عيش وملح، له دلالة عن عمقها وما بها من ثقة وألفة ومحبة، فالمثل المتداول في جل الأوطان العربية وبصيغ مختلفة يقول «بيننا عيش وملح»، أي تعني أننا تشاركنا الطعام وأصبحت هناك علاقة متينة لها مكانتها وما تحويه من ثقة واحترام وتقدير، وينطوى تحتها حسن المعشر وجميل المعروف والصحبة والمحبة والأخوة، ويعاب ويعير كل من قام ببدء الخلاف والقطيعة مع زميل أو قريب أو صديق بأنه «لم يصن العيش والملح»، ولم يقدَّر هذه العلاقة التي شملها العيش والملح، المعبر عن عمقها وقدمها وقوتها، وأهميتها لكلا الأطراف، وبها التزامات يجب أن تراعى وأعراف ليس له حدود معايير واضحة وغالبًا تكون فضفاضة ومطاطة، نفسرها بحسب عاطفتنا وميولنا وهوانا في الغالب، علمًا أنه ليس المهم أن أكرمك بالطعام والشراب وأقوم بظلمك وأكل حقك أو أتحدث عنك بالسوء، فالاهتمام ومعيار الطعام قديمًا لها قيمة كبيرة جدًا، قد يكون بسبب قلة الموارد والحاجة والأحوال الصعبة، فلا غرابة من اعتبار «الكرم الغذائي» عاملاً مهمًا، لا سيما أنه واضح، فهو شيء مادي مشاهد وملموس تستطيع أن تراه بعينك ويسهل الحكم عليه، عكس الأشياء الأخرى التي تحتاج أن تكون ملمًا أو مطلعًا عليها بشكل مباشر، كالمساعدات المالية أو ما يقدم من وقفات ومساعدة ودعم ومعروف. ونستطيع الاستفادة من المثل الروسي «الخبز والملح لا يقتتلان» وتحويله إلى واقع ونمط حياة ونطبقه في علاقاتنا مع الأصدقاء والأقارب، بعدم التنازع والخلاف والقطيعة بسوء ظن أو على أحكام ظنية ومعايير شخصية والتي غالبًا تكون منحازة ومجحفة، دون أن نستسهل أخطاءنا ونراها صغيرة وعادية، مقابل تضخيم زلات الأصدقاء ونحاسبهم عليها، وادعو نفسي والقراء لتفعيل «الخبز والملح» بتذكر جميل ما قدم لنا من معروف أو مساعدة أو دعم أو نصح أو توجيه، وحتمًا سنأنس برحلة طيلة العمر مع أصدقاء ومحبين وأقارب بعلاقة يسودها الألفة والتسامح والتغافل، فكلاهما الخبز والملح يحتاجان بعضهما بعضًا ليكون طعمهما شهيًا ومحببًا أُكله، ومن دون أحداهما يفقد الطعام ويصبح غير مستساغ، كذلك علاقاتنا مع أقاربنا وأصدقائنا عند انقطاعها، تفقد الكثير من بريقها وجاذبيتها، وكما يقال «العيش أرخص شيء عند الفرَّان، والملح أرخص شيء عند البقال، والاثنان أغلى شيء عند ابن الأصول»، مع التذكير والتنبيه بالحرص على الكرم بالتسامح والمساندة لكل صديق وقريب ومحب، ونحول المثل إلى «تقدير العُشرة واستمرار العلاقة عند أولاد الأصول لا يفترقااااااان».

مشاركة :