نضجت إيغا شفيونتيك بما يكفي، فبعدما كانت اليافعة المتكتمة والمولعة بموسيقى الهارد روك تتابع الإسباني رافائيل نادال بدهشة، حوّلت بطولة رولان غاروس 2020 اللاعبة الحزينة بسبب فيروس كورونا إلى نقطة انطلاق أوصلتها إلى صدارة التصنيف العالمي للاعبات التنس. على وقع أغنية «ولكام تو ذا جانغل» (أهلا بكم في الغابة) لفريق غانز أن روزز عبر سماعات الأذن، استهلت البولندية مشاركتها في ملاعب البطولات الكبرى خلال «رولان غاروس» 2020 في باريس، وتحوّلت في نهايتها إلى «بينك فلويد». لم يكن أحد موجوداً للتصفيق لها. حتى عندما رفعت الكأس دون أن تخسر أي مجموعة في سبع مباريات، لتصبح أصغر متوجة بكأس سوزان لنغلن منذ الأميركية مونيكا سيليش في 1992 وأول بولندية تحرز لقب بطولة كبرى. السبت وتحت شمس فلوريدا، كانت الجماهير حاضرة خلافاً للمشهد الباريسي، لمتابعة ابنة العشرين عاماً تحرز لقب دورة ميامي للألف نقطة بفوز ساحق على اليابانية ناومي أوساكا 6 - 4 و6 - صفر، قبل 48 ساعة من تربعها رسمياً على تصنيف سيدات التنس «دبليو تي إيه»، بدلاً من الأسترالية آشلي بارتي المعتزلة بشكل صادم عن 25 عاماً. أصبحت رابع لاعبة في التاريخ تحرز ثنائية إنديان ويلز وميامي في العام ذاته والمعروفة باسم «سانشاين دابل»، إذ تقام الدورتان في ولايتي كاليفورنيا وميامي توالياً، بعد الألمانية شتيفي غراف (1994 و1996)، والبلجيكية كيم كليسترز (2005) والبيلاروسية فيكتوريا أزارينكا (2016). على الأراضي الأسترالية، خاضت شفيونتيك أولى بطولاتها الكبرى في 2019 عندما بلغت الدور الثاني. بعدها بأشهر قليلة، لم تصمد أكثر من 45 دقيقة أمام الرومانية سيمونا هاليب في باكورة مشاركاتها في رولان غاروس. لكن البولندية صقلت موهبتها جيداً في 2020. وبلغت ثمن النهائي في ملبورن، والدور الثالث في فلاشينغ ميدوز، ثم أحرزت لقباً رائعاً في رولان غاروس بعد تخطيها لاعبات مثل أوساكا، وهاليب، وفوزنياكي لتصعد إلى لائحة العشرين الأوليات. تغيير ملحوظ آخر قامت به الطالبة المجتهدة في 2019 والتي تخرّجت عام 2020، تمثل بتبديل مدربها. وشرح مدربها السابق بيوتر سيرتسبوتوفسكي قائلاً: «لم يكن التنس محور حياتها الرئيسي... تخيّلوا، يجب أن أنظّم تمارينها السابعة صباحاً، لأنه كان يتعين عليها الذهاب إلى المدرسة بعد ذلك. وكانت تصل متعبة بعد اضطرارها للدراسة مساء». لكن هذه الحالة ليست سوى من الماضي، ولو أن البولندية المجتهدة دوماً تستعين بطبيبة نفسية تساعدها على التحضير للمباريات. وحول ذلك أوضحت في 2020: «جعلتني أكثر ذكاءً. بفضلها، ارتفعت ثقتي بنفسي». وتضيف: «القوة الذهنية بشكل خاص هامة. بين نخبة اللاعبات، الجميع قادر على اللعب جيداً، لكن الأفضل هن الأكثر قوة ذهنياً». كلمات تعكس ربما ما يحصل من ضغط نفسي مع لاعبات مثل أوساكا، سفيتولينا أو أزارنكا اللواتي يعانين ضغوطاً نفسية هائلة. يضيف المدرب سيرتسبوتوفسكي: «شفيونتيك مثل الوحش بالمسابقات، عندما تدخل أرض الملعب، تصبح جاهزة لكلّ شيء. هي متعطشة للانتصارات»، علماً بأنها وضعت حداً لتعاملها معه في نهاية 2021. وجاءت شفيونتيك، المولودة في العاصمة وارسو، إلى عالم التنس عندما أرادت التغلب على شقيقتها الكبرى. ورثت روح التنافس من والدها توماس، رياضي التجديف السابق المشارك مع الفريق البولندي في مسابقة القارب الرباعي ضمن أولمبياد سيول 1988. أحرزت شفيونتيك لقب أول دورة رسمية تخوضها عام 2016 في ستوكهولم بعد تأهلها من التصفيات. بعدها بسنتين، وبعد أشهر عدة بعيداً عن المنافسات لإصابة قوية في كاحلها، رفعت كأس فردي الناشئات في ويمبلدون. بعد ستة ألقاب لدى المحترفات، بينها ثلاثة توالياً هذه السنة في الدوحة وإنديان ويلز وميامي، أصبحت شفيونتيك الأولى عالمياً.
مشاركة :