وصل رئيس الوزراء الفلسطيني السابق، سلام فياض، صباح أمس، إلى قطاع غزة عبر معبر بيت حانون «إيرز»، في زيارة استمرت نحو 7 ساعات، التقى خلالها قيادات من فصائل مختلفة، وألقى محاضرة أمام نخبة من المثقفين والمفكرين والإعلاميين، حول رؤيته الخاصة بـ«إنهاء الانقسام الفلسطيني». وهذه هي الزيارة الأولى لفياض الذي كانت تعده حماس، أحد أكثر الشخصيات الفلسطينية في الضفة الغربية معاداة لها، إبان رئاسته للحكومة من يونيو (حزيران) 2007 وحتى أبريل (نيسان) 2013، حين اتهمته الحركة بالوقوف خلف ما أسمته «مأسسة الانقسام»، وقطع رواتب آلاف الموظفين، وشن حملة اعتقالات كبيرة ضد عناصرها بالضفة. وتلقى فياض دعوة من مؤسسة بيت الحكمة التي يترأسها القيادي في حماس أحمد يوسف، الذي دعاه شخصيا للحضور إلى غزة، لإلقاء محاضرة حول رؤيته بشأن الوضع السياسي الفلسطيني وكيفية الخروج من واقع الانقسام القائم. ووصف يوسف «فياض» بأنه من «أصحاب الفكر المستنير» الذي يحمل في جعبته الكثير لتقديمه من أجل القضية الفلسطينية. وأحدثت زيارته لغزة جدلا واسعا في الشارع الفلسطيني وخصوصا في قطاع غزة، حيث سارعت حركة حماس، التي تسيطر على القطاع، إلى نفي أي علاقة لها بالزيارة التي قالت على لسان ناطقها سامي أبو زهري، إنها «زيارة شخصية» لن تتضمن عقد أي لقاءات معه. كما فضلت حركة فتح في غزة مقاطعة المشاركة في استقباله لأسباب لم توضحها. لكن مصادر تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، قالت إن قرار مقاطعته جاء بعد تعليمات من قيادة اللجنة المركزية لفتح بالضفة، والمسؤولين عن متابعة قضايا الحركة بغزة، لأسباب تتعلق بالخلافات التي شهدتها السنوات الأخيرة مع فياض، والتي شهدت موجة مطالبات بإقالته من منصبه إبان توليه الحكومة قبل أن تتم إقالته فعليا. وتقول مصادر لـ«الشرق الأوسط»، إن فياض وصل إلى غزة وليس في جعبته أي مبادرة سياسية خاصة، وإن حماس استقبلته تحت ضغوط من القيادي فيها، أحمد يوسف، الذي طلب من إسماعيل هنية وموسى أبو مرزوق، بشكل مباشر، السماح له بالدخول إلى غزة، من دون أي إجراءات تعرقل ذلك وهو ما جرى التوافق عليه. وهاجم القيادي في حماس باسم نعيم، عبر صفحته على «فيسبوك»، سلام فياض، واتهمه بأن حياته السياسية خلال رئاسته للوزراء، كانت «كارثية بمأسسة الانقسام والقبول بالرؤية الأميركية والإسرائيلية لصناعة الفلسطيني الجديد». على حد تعبيره. وأضاف نعيم: «سلام فياض كأي مواطن فلسطيني من حقه التنقل بين مدن الوطن المحتل، ولكن هو رجل دولة، ما يسري عليه لا يسري بالضرورة على غيره، وواضح أنه يتحرك في إطار رؤية مستقبلية عنوانها الأساس، هو كيفية تجاوز الوضع الراهن ومستقبل القيادة الفلسطينية ودوره شخصيًا فيها، وهو من حقه أن يبحث له عن مكان في الصف الأول (...) وإذا كان يريد أن يبحث عن مكانه في معادلة المستقبل، فعليه أولاً التوبة والتكفير عن خطايا الماضي، لا تكفي الكلمات الرنانة، فلسطين ليست ملفًا في أحد البنوك أو مشروعًا في أحد الشركات، فلسطين عقيدة، وطنية، تاريخ، مقدسات». من جانبها، عبرت نقابة موظفي غزة عن استنكارها واستيائها من زيارة فياض، بسبب مواقفه السلبية، وحصاره لقطاع غزة، وقطع رواتب الموظفين منذ عام 2007. وقالت النقابة في بيان لها: «كانت أمامه فرصة لحل مشكلات القطاع وهو في المسؤولية ولكنه لم يفعل». وطالبته شخصيا، بالتكفير عن أخطائه وجرائمه بحق غزة وموظفيه. والتقى فياض في غزة قيادات من فصائل منظمة التحرير، في مكتب الجبهة الشعبية، حيث طرح الكثير من الأفكار التي قال القيادي في المبادرة الفلسطينية عائد ياغي، في تصريح صحافي له، إنها ليست جديدة، بل إنها مكملة لما طرح من سياسيين آخرين. مبينًا أن فياض شدد خلال اللقاء، على ضرورة حل أزمات قطاع غزة بما في ذلك قضية الموظفين ومعبر رفح، للمضي في ملف المصالحة وإنهاء الانقسام، وهو ما طرحه أمام المثقفين والكتاب والإعلاميين أيضًا في مؤسسة بيت الحكمة.
مشاركة :