التعليق أو الكتابة بدون معلومات: الصمت والخجل موقف

  • 12/3/2015
  • 00:00
  • 9
  • 0
  • 0
news-picture

هنا في المملكة من لا زال يردد في مقالات وحوارات تلفزيونية وندوات، أفكاراً وآراء مبنية على معلومات مغلوطة أو عدم وعي حقيقي في فهمها، ومنهم كتاب ومثقفون أحترمهم وأقرأ لهم وأتابعهم وأستغرب منهم هذه الآراء غير الدقيقة، وإليكم أمثلة. أحدهم يتساءل: أين ذهبت مليارات الريالات التي أمر بها الملك عبدالله لدرء أخطار السيول في جدة؟ آخر يقول: الملاعب الرياضية غير آمنة لاستقبال الشباب الآن، فكيف تكون للنساء؟ لو سمحنا لهن بالحضور؟ وهو نفسه يقول: إن الإرهاب كله بسبب احتلال فلسطين، وأن هذا الاحتلال هو الذي ولد الأفكار والأفعال المتطرفة كلها، بمعنى أن الاحتلال هو السبب الذي أنشأ "القاعدة"، وقبلها تنظيم الجهادية السلفي، وأخيراً تنظيم داعش؟! وآخر يقول في ندوة دولية إن أميركا ومن لف لفها هي التي صنعت كل هذا الإرهاب الذي يقوم به مسلمون في كل مكان، وإن فكر الإخوان المسلمين وما نتج وتفرع عنه من تنظيمات حركية بريء من كل ذلك، وآخر... وثان... وكاتب ثالث يقول: "تركيا، وهيئة الأمر بالمعروف، وحجاب المرأة المسلمة" كلها محاربة من الذين في قلوبهم مرض! والحقيقة أنني لم أجد رداً مناسباً عليهم سوى "أرجوكم القراءة وتصحيح المعلومات قبل أن تدلوا بأي رأي في مقالاتكم أو في حوارات تلفزيونية"، وأنا واثق ومتأكد أن هؤلاء المثقفين الكتاب يومياً أو أسبوعياً أو المشاركين في ندوات وحوارات داخل المملكة أو خارجها، لو اجتهدوا قليلاً وبحثوا عن المعلومات المتوفرة وعلى شبكة النت أو تنازلوا قليلاً عن مكاسبهم الشخصية في استمالة المتطرفين المتشددين، أو غيرهم من الدهماء وأصحاب الشعارات الزائفة لوجدوا أن الحقيقة الموضوعية ستدفعهم إلى رأي منطقي واقعي لا مصلحة لهم ذاتياً فيه، فالذي يهمه الوطن وليس مصلحته الذاتية معنوياً أو مادياً من السهل أن يذعن للحقيقة ويقتنع بضوئها الباهر المعروف! جدة –مثلاً– اُعتمد لها "3.3" مليارات ريال لمشاريع درء السيول المنقولة عام 2009، وفعلاً تم تنفيذها، 14 سداً، وقنوات التصريف الرئيسة إلى البحر، وهي تعمل اليوم وغداً، بكفاءة، ومنذ أكثر من عامين سلم المشروع إلى أمانة جدة للصيانة والتشغيل، صحيفتا مكة والوطن نشرتا، وقنوات "العربية وmbc وروتانا خليجية، استضافت المتحدث الرسمي للإمارة وتحدث عن هذه الحقيقة: فلماذا تخوين من تسلم المليارات وصرفها في مشاريع حيّة، ومعروفة؟! أمَّا الملاعب الرياضية، وكونها غير آمنة، لاستقبال الرجال، ناهيك عن النساء، فإن السبب في نظر الكاتب المحترم، لأن رئاسة الشباب لم تتمكن حتى الآن من منع التدخين، فكيف تصبح آمنة، وهذا الخلل التدخيني العظيم موجود فيها، هل رأيتم أو سمعتم حجة أبلغ وأعمق من هذه، خاصة أنه أضاف أنه حضر وجرب، واحتاج وقتاً للوصول إلى سيارته بسبب فوضى الشباب في مواقف السيارات، ولهذا التبرير الذي لا يقنع أطفاله، فإن حضور النساء خطر يجب منعه! أمَّا احتلال فلسطين فهو منذ عام 1948 أي قبل أكثر من 40 سنة من ظهور المنظمات والتنظيمات والخلايا الإرهابية لدينا، لكن سعادته –بصفته كاتبا ومفكرا– يرى أن هذا الاحتلال هو سبب الإرهاب، وليس الفكر الذي غذاه وكبره وأطلقه. وهو يظن أن حل القضية الفلسطينية كفيل بالقضاء على الإرهاب، ونسي أو تناسى، أنه ليس في أدبيات أحد من المنظمات والخلايا الإرهابية شيء اسمه "فلسطين" لا قولاً ولا فعلاً، ابتداءً من الجهاد الإسلامي في مصر، ومروراً بالجهادية السلفية، ثم القاعدة، ثم داعش اليوم، في المملكة وفي غيرها ولا ندري غداً ما مسمى الإرهاب القادم، فلماذا سعادة الكاتب "الجهبذ" يبرر لهؤلاء بما لم يتخذوا نحوه موقفاً، لا قولاً ولا فعلاً مطلقاً، أمَّا جماعة "الإخوان المسلمين"، فلا أظنني بحاجة لإعادة ما نتج وتفرع عنها، ابتداءً بتنظيم "الجهاد الإسلامي" في مصر، ومروراً بما سمي "الصحوة" عندنا، وما نتج عنها من حزبيات، أخطرها "السرورية" التي ولدت "الجهادية السلفية" ثم القاعدة وداعش، ومعروف أن الاستخبارات الأميركية والإسرائيلية والإيرانية وغيرها كلها دعمت هذه التنظيمات واستثمرتها لمصالحها، وما زال الدعم والاستثمار مستمرين، وأكثر ما بعثر وربما حطم أهم جانب في هذا الاستثمار والدعم، هو ثورة يوليو المصرية 2013، وقيام الجيش المصري بإسقاط حكومة الإخوان، وانتزاع زمام السلطة. أظن –وليس كل الظن إثماً– أن أمثال كتابنا ومثقفينا ومحللينا المشار إلى فكرهم، إمَّا خائفون، أو يتملقون مشاعر نوعية جماهيرية متشددة ومنتشرة في الوطن العربي وليس في بلادنا فقط، وهؤلاء يهمهم الإخوان المسلمين أكثر من أوطانهم، وفي الحالتين هم ضارون أبلغ الضرر في ما يَكتبون أو يقولون، وأنا "معاذ الله" أن أطالب بمنعهم من الحديث أو الكتابة، لكن –فقط– أنبههم، إلى أن الجماهيرية المزيفة زائلة لا محالة، وأن على الكل أن يعرف حقيقته، فمن شاء تأييدهم فليفعل، ومن شاء أن يقول لهم: كفى تزييفاً للحقائق، فمن حقه أيضاً، أمَّا هم فيكفي أن يعرفوا أن الناس يعرفون الحقيقة، حتى وإن تجاهلوها أو حاولوا القفز عليها، فوجودهم، لا يقدم، بل قد يؤخر في وعي الناس، لكن كشف الحقيقة مستمر ويومياً، فليصمتوا أو يخجلوا قليلاً على الأقل، إن كانوا يعتقدون أن الصمت والخجل قيمة محترمة!

مشاركة :