الجزائر تفرج عن معتقلي الرأي في مبادرة للتهدئة السياسية

  • 4/5/2022
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

أعلنت السلطات الجزائرية الأحد الإفراج عن 1076 سجينا بموجب مرسوم رئاسي، إضافة إلى 70 متهما استفادوا من "تدابير رحمة" (إفراج مؤقت) في قضايا تتعلق بـ"الإخلال بالنظام العام"، في خطوة وصفها مراقبون بأنها مبادرة لجسر الهوة بينها وبين المناوئين لها من رموز الحراك الشعبي ونشطائه. وقالت الرئاسة الجزائرية في بيان "بمناسبة حلول شهر رمضان المعظم، وقّع رئيس الجمهورية عبدالمجيد تبون اليوم (الأحد)، مرسوما رئاسيا يقضي بالعفو عن 1076 محبوسا محكوما عليهم نهائيا". كما أن تبون "أوصى باتخاذ تدابير رحمة تمس 70 متهما في قضايا تتعلق بالإخلال بالنظام العام"، وفق الرئاسة. ولم يكشف بيان الرئاسة الجزائرية عن هوية هؤلاء المتهمين الذين صدر بحقهم العفو الرئاسي، لكن أحزابا سياسية ومنظمات حقوقية أكدت في وقت سابق الإفراج عن العشرات من "معتقلي الرأي"، واصفة ذلك بـ"الخطوة المهمة نحو التهدئة". وقبل ثلاثة أيام، قالت الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان (مستقلة)، في بيان، إن نحو 70 ممن تصفهم بـ"سجناء الرأي" جرى إخلاء سبيلهم مؤقتا في انتظار محاكمتهم، وأرفقت الرابطة بيانها بقائمة تضم أسماء المفرج عنهم وولايات البلاد التي أخلي سبيلهم فيها. ويتعلق الأمر بنشطاء من الحراك الاحتجاجي الذي بدأ في فبراير 2019 بمظاهرات حاشدة حتى أطاح بالرئيس الراحل عبدالعزيز بوتفليقة، ثم استمر للمطالبة بتغيير النظام حتى ظهور وباء كوفيد - 19 في بداية 2020. وأطلق سراح أغلب المعتقلين من الحبس المؤقت الأربعاء والخميس الماضيين في انتظار محاكمتهم، علما أن تهم بعضهم هي "الإشادة بالإرهاب" مثل الناشط البارز زكي حناش، بحسب اللجنة الوطنية للإفراج عن المعتقلين. وكذلك تم الإفراج عن إبراهيم لعلامي أحد رموز الحراك الشعبي، والذي حكم عليه بالسجن عامين بعدة تهم، منها "نشر خطاب الكراهية"، و"التحريض على التجمهر غير المسلح". ومطلع فبراير الماضي، دعت منظمة العفو الدولية إلى توقيع عريضة موجهة إلى الرئيس الجزائري لإطلاق سراح من وصفتهم بـ"سجناء الرأي". وتقول "اللجنة الوطنية للإفراج عن المعتقلين"، وهي منظمة حقوقية جزائرية، إنها "أحصت أكثر من 300 معتقل رأي في البلاد تم توقيفهم منذ أشهر فيما يسمى مسيرات الحراك الشعبي ضد النظام الحاكم". ونفت السلطات الجزائرية، على لسان أكثر من مسؤول، وعلى رأسهم الرئيس تبون، في أكثر من مناسبة، وجود معتقلي رأي في البلاد. وقبل أشهر، قال تبون في تصريحات لوسائل إعلام محلية إن "من يستغل شبكة الإنترنت للسب والشتم والتجريح في أعراض الناس ليس رأيا، وإنما الرأي هو التنافس بالأفكار". وتابع "لا يوجد لدينا في الجزائر سجين رأي.. هل يوجد في السجن من قال أنا أيديولوجيتي ضد ما تتبناه الدولة وتم سجنه؟". وتفتح هذه العملية التي تأتي مع حلول شهر رمضان برمزيته الدينية المجال أمام قيام السلطة بخطوة أولى في مسار التنفيس من حالة الاحتقان الذي تعيشه البلاد في الآونة الأخيرة، بسبب التضييق على الحريات الأساسية وخنق المجالين السياسي والإعلامي، وملاحقة الناشطين السياسيين المعارضين بتهم ثقيلة، لاسيما أولئك المحسوبين على الحراك الشعبي. وتأتي عملية الإفراج عقب الزيارة التي قادت وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إلى الجزائر في الخامس والعشرين من مارس الماضي، وكانت وضعية حقوق الإنسان والحريات الأساسية من ضمن المحاور المعلن عنها من طرف الخارجية لتناولها مع المسؤولين الجزائريين، ولذلك لا يستبعد أن تكون العملية تعبيرا من الحكومة الجزائرية عن حسن نواياها في هذا المجال للإدارة الأميركية. ووقعت السلطات الجزائرية طيلة الأشهر الماضية تحت ضغط منظمات وهيئات حقوقية إقليمية ودولية، وجّهت لها مراسلات رسمية وانتقادات حول السياسة الأمنية المطبقة تجاه المعارضين لها، ودعتها إلى فتح المجال أمام الحريات الأساسية والسياسية من أجل السماح للجميع بالتعبير عن آرائهم وأفكارهم. وكانت الحكومة الجزائرية قد عدّلت تشريعاتها القضائية بشكل وسّع دائرة المتابعة بتهم الإرهاب، ليشمل الانتماء إلى حركات سياسية صنفتها كمنظمات إرهابية، وهي "رشاد" و"ماك" (استقلال القبائل)، فضلا عن ممارسات السعي لتغيير النظام السياسي للبلاد خارج الأطر الدستورية. وأصدرت في هذا الشّأن خلال الأسابيع الماضية لائحة بأسماء مهاجرة، كـ"إرهابيين" مطلوبين للقضاء الجزائري، بينما يعتبرون أنفسهم ناشطين سياسيين معارضين للسلطة، فضلا عن استقدام ثلاثة عسكريين فارين من تركيا وإسبانيا، ويتعلق الأمر بقرميط بونويرة ومحمد عبدالله ومحمد بن حليمة.

مشاركة :