مصر تُمكّن القطاع الخاص لاستعجال قرض صندوق النقد الدولي

  • 4/5/2022
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

تراهن القاهرة على الشراكة بين القطاعين العام والخاص لاستكمال شروط صندوق النقد الدولي للدخول في مرحلة ثانية من الإصلاح الاقتصادي، والذي يرى أنها لم تتخذ الخطوات الكافية فيما يتعلق بالإصلاح الهيكلي التابع للبرنامج الأول، والذي بدأ في نوفمبر 2016. وحددت الحكومة الخطوط العريضة لاستراتيجية طويلة المدى لتشجيع مشاركة القطاع الخاص في عدد من المجالات، وتشمل التخارج من قطاعات محددة لفتح الباب أمام نشاط القطاع الخاص، مع الحفاظ على موطئ قدم في القطاعات الضرورية. ويشترط صندوق النقد للمرحلة الثانية تحديدا واضحا لدور القطاع الخاص في الحياة الاقتصادية، ومن ثم ينبغي توافر خارطة يحدد عليها المجالات التي يحل فيها هذا القطاع محل الشركات المملوكة للدولة. ولم تحدد الحكومة القطاعات التي ستخرج منها، لكنها تعمل على تقديم رؤية شاملة تطبقها خلال السنوات الثلاث المقبلة. رشاد عبده: القاهرة تؤكد أن مشاركة المستثمرين بهدف التنمية وتشهد الفترة الراهنة تحديد القطاعات التي يتم تركها تدريجيًا، وبمجرد الإعلان عنها تقوم الحكومة بتقييم جميع الأصول المملوكة للدولة التي تفتح الباب لهيمنة القطاع الخاص. ويعتبر المسار بمثابة رسالة من السلطات إلى الصندوق حتى يعجل بصرف شريحة جديدة تبلغ نحو ثمانية مليارات دولار، في إطار المرحلة الثانية من برنامج الإصلاح الذي بدأ منذ ست سنوات وحصلت مصر فيها على عشرين مليار دولار. ويشترط الصندوق أن تصطحب قروضه إصلاحات هيكلية تتضمن رفع الدولة يديها بشكل تدريجي عن السيطرة على الشركات أو مزاحمة القطاع الخاص. وأوضح الخبير الاقتصادي ياسر عمارة أن حصول مصر على قرض آخر من الصندوق لن تترتب عليه أعباء إضافية جديدة، حيث اتخذت الحكومة القرار الأصعب بخفض سعر الجنيه، مستبعدا رفع أسعار السولار والبنزين كشرط لتلقي الشريحة الجديدة. وقال في تصريحات لـ”العرب” إن “تعزيز مشاركة القطاع الخاص يسْهم في جذب الاستثمارات الأجنبية والتدفقات الدولارية خلال الفترة المقبلة، لأنه يمثل انفتاحا بشكل أكبر على الاقتصاد العالمي، ما يعزز دخول مستثمرين جدد إلى الأسواق”. ومن الرسائل التي تستعين بها مصر في تعجيل القرض ما قامت به السعودية بإيداع خمسة مليارات دولار في بنكها المركزي. وكشفت الرياض أن خطوتها جاءت بناء على توجيهات من العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي العهد الأمير محمد بن سلمان التي تؤكد قوة العلاقات الثنائية بين البلدين، وحرص الرياض على مواصلة دعم القاهرة. وهذه الخطوة الأحدث في سلسلة من الخطوات المساندة من دول الخليج العربي بعد انخفاض الجنيه المصري ورفع أسعار الفائدة التي بثت تخوفات من إمكانية تآكل الاحتياطي النقدي الأجنبي، ما قد يؤجل القرض المرتقب من الصندوق. وعززت مصر موقفها من خلال استثمارات بقيمة سبعة مليارات دولار، حيث تعهد صندوق أبوظبي السيادي باستثمارات بقيمة ملياري دولار وأعلنت قطر استثمارات بقيمة خمسة مليارات دولار. وذكر الخبير الاقتصادي رشاد عبده أن مساعي الحكومة لتمكين القطاع الخاص تأتي لقناعتها بأنه يقوم بدور مهم في التنمية، خاصة أن الاتجاه العالمي للنهوض باقتصاديات الدول يقوم على الشراكة بين القطاعين العام والخاص. وتوقع في تصريح لـ”العرب” أن تتوسع الحكومة في التعاون مع القطاع الخاص دون تقييد لعدد محدود من القطاعات، لأن الدولة ستظل محتفظة بنسبة تملك ليست هينة، لكنها قد تكون بنسبة مرتفعة في بعض القطاعات مثل الغاز والنفط. ياسر عمارة: الخطة تعزز جذب الاستثمارات والتدفقات الدولارية ومن الأمثلة الناجحة على الشراكة بين القطاعين العام والخاص في مصر إسناد الحكومة إدارة سلاسل بنزايون وصيدناوى إلى شركتي بي تك ورنين، وحققتا نجاحا وتوسعا بعد أن عانت الحكومة معهما ولم تستطع توفير رواتب الموظفين فيهما. ولم تتأخر الحكومة في تمكين القطاع الخاص منذ بدء المرحلة الأولى للإصلاح الاقتصادي، وقامت ببيع بعض الشركات التابعة للدولة عبر طرحها في البورصة، وتسعى حاليا لبيع أخرى تابعة لجهاز مشروعات الخدمة الوطنية المملوك للجيش. وتسببت ظروف الأسواق العالمية وغياب السيولة بالبورصة المحلية وجائحة كورونا في تعطيل بيع شركات الدولة المستهدفة، ما اعتبره صندوق النقد تأخرا في الإصلاح الهيكلي الذي يشترط أن يتواكب مع نظيره الاقتصادي. وأقر البرلمان في نوفمبر الماضي مشروع قانون مشاركة القطاع الخاص في مشروعات البنية التحتية للدولة، ويهدف إلى تحفيز استثمارات أصحاب الشركات ورجال الأعمال عبر الشراكة مع القطاع العام. ويؤكد خبراء أنه لا بد أن تعجّل السلطات بتمكين القطاع الخاص وتعزيز التعاون معه، إذ يعد ركيزة أساسية لمساعدتها على سد الفجوة التمويلية الضخمة في البنية التحتية التي قدرها البنك الدولي بنحو 230 مليار دولار، وهي خطوة ترسم صورة مغايرة أيضا للمزاعم التي تتهم الحكومة بأنها تزاحم القطاع الخاص. ومن القطاعات المتوقع أن تتخارج منها الدولة ضمن وثيقة المشاركة بين القطاعين العام والخاص، بيع شركات تابعة للجيش متخصصة في الصناعات الغذائية والزراعية، فضلا عن المشاريع المتعلقة بالأسمدة والصناعات الكيميائية. خبير اقتصادي يؤكد أن حصول مصر على قرض آخر من الصندوق لن تترتب عليه أعباء إضافية جديدة، وليس شرطا أن يتم ذلك عن طريق الطرح في البورصة، بل يتم عبر بيع حصص استراتيجية واستحواذ على حصص في تلك الشركات بعيدا عن سوق المال. ويبدو أن الحكومة بدأت في التخلص من بعض ملكيتها في شركاتها التابعة، وشهدت شاشات البورصة “صفقة بيع من الحجم الكبير”، كما يطلق عليها في سوق المال، إذ أعلنت شركة فوري التابعة للحكومة بيع نحو 6 في المئة من أسهمها بقيمة 1.05 مليار جنيه (58 مليون دولار تقريبا). ويعد تمكين القطاع الخاص في الحياة الاقتصادية بمثابة ضمانة للمؤسسة الدولية المانحة، ما يعجل بحصول مصر على القرض، لأن البلاد مضطرّة إلى الحصول عليه لتتمكن من سد الفجوة في الغذاء التي تبلغ نحو 60 في المئة وتعتمد على الاستيراد. ويتطلع وزير المالية محمد معيط إلى استمرار دعم الصندوق حتى يعبر بلده الأزمة الاقتصادية العالمية الشديدة الناتجة عن معدلات تضخم غير مسبوق منذ أربعين عاما بعدما انعكست على أسعار المواد الأساسية وتوافرها وتداعيات الأزمة الروسية – الأوكرانية التي تهدد استقرار سلاسل الإمداد الغذائي في العالم.

مشاركة :