استراتيجية التعافي الاقتصادي في البحرين بدأت تؤتي ثمارها

  • 4/6/2022
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

أكد المدير العام للمعهد العربي للتخطيط في دولة الكويت د. بدر عثمان مال الله أن المؤشرات الاقتصادية لمملكة البحرين تدلل على ان استراتيجية التعافي التي وضعتها المملكة قبل شهور بدأت تؤتي ثمارها، معتبرًا ان هذه المؤشرات منسجمة مع رؤية البحرين 2030، واهدافها في تحقيق نمو اقتصادي قوي ومعالجة وتحسين مناخ الاستثمار. وقال مال الله في مقابلة مع «الأيام»، على هامش زيارته الى المملكة، ان معدل النمو الاقتصادي التي حققته البحرين -2.4% خلال عام 2020 الذي يشكل العام الاسوأ من حيث تأثيرات جائحة كوفيد-19 على الاقتصاد العالمي- يعكس الإدارة الاقتصادية والتنموية الفعالة للبلاد تحت قيادة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى ال خليفة، وولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد ال خليفة رئيس مجلس الوزراء. وأشار مال الله -الذي يرأس مؤسسة تعتبر من اهم بيوت الخبرة في المنطقة العربية المتخصصة بالاستشارات الانمائية- الى انه في حال تحققت تقديرات صندوق النقد الدولي لعام 2022 لمعدل النمو في البحرين، التي تصل -تقديرًا- الى 3.1%، فهذا سوف يُعد انجازا كبيرا، سيما بالنظر الى نمو الناتج المحلي. وأوضح مال الله تطلع المعهد للتعاون مع مملكة البحرين، لا سيما في اعداد الخريطة الاستثمارية التي تعطي صورة متكاملة للتشابكات الاقتصادية، ما يجعلها تشكل منهجية اقتصادية مهمة في صناعة القرار الاقتصادي، وتحفيز الاستثمارات، ورسم السياسات، لافتًا الى ان المعهد يعتبر المؤسسة الوحيدة في المنطقة التي تتبع هذه المنهجية، إذ قامت بتنفيذها لدولة الامارات العربية المتحدة ودول عربية أخرى. وفيما يلي نص المقابلة: ] في البداية، ما أهم ما تناولته هذه الزيارة؟ - كما تعلمون، المعهد العربي للتخطيط تأسس كمؤسسة وطنية، ثم تحول الى مؤسسة عربية في اطار جهود دولة الكويت في دعم العمل العربي المشترك، وكذلك دعم العمل الخليجي المشترك، ونحن كمنظمة عربية متخصصة بشؤون التنمية الاقتصادية والاجتماعية نقدم دعما لجميع الدول الأعضاء، والبحرين هي احد الدول الاعضاء، لذا نحرص بين فترة وأخرى على تقديم ما نستطيع من خدمات ودعم لمملكة البحرين. لا شك ان دولة الكويت تلعب دورًا رياديًا في مجال تقديم الدعم والمساندة لأشقائها العرب، وهذا انعكس على السمعة التي تحظى بها دولة الكويت على المستوى العالمي، وبالتالي هذا الدعم والمساندة نعتبره التزامًا من الكويت اتجاه اشقائها العرب. وفي اطار هذا الدعم، يقوم المعهد بتقديم خدمات إنمائية في مجالات مختلفة منها التدريب والاستشارات والدعم المؤسسي، والدراسات التطبيقية والبحوث، وذلك بحسب احتياجات الدول العربية. وكما تعلمون هناك روابط عميقة وتاريخية تربطنا بمملكة البحرين، سواء على صعيد القيادتين السياسيتين او على صعيد الشعبين الشقيقين، وللبحرين مكانة كبيرة في قلوبنا في الكويت، ونشعر بالاعتزاز دومًا بما يربطنا بأشقائنا البحرينيين. كما تعلمون، لدينا تعاون مع عدد من المؤسسات في البحرين، حيث دعمنا وساندنا المؤسسة الخيرية الملكية، وكذلك عملنا مع وزارة التربية والتعليم، وقدمنا دراسات استراتيجية ودعما مؤسسيا لوزارة العمل والتنمية الاجتماعية، وكذلك قدمنا مبادرات للشباب، لذا نأمل ان نستمر بتعزيز التعاون المشترك. ] ماذا عن اللقاءات التي عقدت خلال هذه الزيارة؟ - في الواقع، رغبة منا في المعهد العربي للتخطيط في تقديم خدماتنا، قمنا بزيارة بعض المؤسسات، منها مجلس التنمية الاقتصادي، وكذلك عقد لقاء مع وزير المالية والاقتصاد الوطني الشيخ سلمان بن خليفة ال خليفة، حيث تداولنا العديد من الجوانب التي يمكن التعاون من خلالها في المستقبل. ] كيف تقيّمون - من منظور اقتصادي - ما تحقق في مملكة البحرين، مع الأخذ بعين الاعتبار تداعيات جائحة كوفيد-19؟ - لا شك ان البحرين في تطور مستمر، وكلما زرنا البحرين شهدنا هذا التطور، سواء عبر المدن الجديدة والبنى التحتية المتطورة، وكذلك الإنجازات الاقتصادية التي تحققت. وهذا كله إنجازات كبيرة تحققت بفضل الله، وبفضل القيادة السياسية الحكيمة لجلالة الملك حمد بن عيسى ال خليفة، وولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد ال خليفة رئيس مجلس الوزراء، وهذا ليس كلاما نطرحه على سبيل المبالغة، بل هي حقائق تدعمها الأرقام، فعندما نأخذ على سبيل المثال معدلات النمو في العام 2020 -وهو العام الذي تأثرت معدلات النمو في مختلف انحاء العالم بسبب جائحة كوفيد19- نجد ان البحرين من خلال استراتيجية التعافي الاقتصادي استطاعت ان تسجل معدل نموًا يصل الى 2.4%، وهذا معدل نمو كبير بالأخذ بعين الاعتبار معدلات النمو في الاقتصاد العالمي الذي لم يصل الى هذه المعدلات من النمو. كذلك عندما ننظر الى تقديرات صندوق النقد الدولي لعام 2022، نجد ان تقديراته تصل الى 3.1%، وهذا بحد ذاته سوف يكون إنجازا كبيرا، حيث ان قيمة الناتج المحلي تكون قد نمت -من العام 2020 الى 2022- من 31 مليارا الى 34 مليار دولار. كذلك عندما نأخذ المؤشرات الاقتصادية الأخرى، ومنها معدل البطالة، نجد ان معدل البطالة انخفض من 5.4% الى 4%، وهذا انجاز كبير. كذلك نسبة الدين العام الى الناتج المحلي الإجمالي نجد انها قد تراجعت. أيضًا معدلات التضخم نجد انها في حدود معقولة ومنطقية، اذ لا تتجاوز 2.5 الى 2.7، وهذه كلها مؤشرات وأرقام تدلل على ان استراتيجية التعافي التي وضعتها البحرين قبل شهور بدأت تؤتي ثمارها، وهي منسجمة مع رؤية البحرين 2030، واهداف الرؤية في تحقيق نمو اقتصادي قوي، ومعالجة وتحسين مناخ الاستثمار، وكذلك توفير فرص العمل للشباب البحريني، فهذه نجاحات وانجازات، نفتخر بها كمواطنين خليجيين، عندما نتحدث عن دولة محدودة الموارد تمكنت بفضل إدارة اقتصادية وتنموية فعالة، لا سيما ان البحرين قد وضعت أيضا استراتيجيات لتنمية العديد من القطاعات، منها القطاع السياحي وقطاع الاتصالات والخدمات، وهذا يدلل على القيادة الاقتصادية الناجحة لمملكة البحرين، وهذا امر يبعث على الفخر والاعتزاز، ونأمل ان تعزز لنا فرص التعاون، فنحن لدينا خبرة طويلة في التخطيط الإنمائي وإدارة الاقتصاد. ] هل هناك خطط طرحت للتعاون بين المعهد ومملكة البحرين، ومنها في مجالات التدريب، لا سيما مع وزارة التربية والتعليم وغيرها من المؤسسات في المملكة؟ - لا شك ان قطاع التعليم يعتبر من اهم القطاعات لتنمية الموارد البشرية، وما يلفت النظر هو الاهتمام الذي توليه الدولة للتعليم، وتطوير التعليم والموارد البشرية البحرينية. الحقيقة ان وزارة التربية والتعليم قامت بجهود مقدر وكبيرة في إعادة تنظيم دور الوزارة في إدارة قطاع التعليم، وهذه الجهود الإصلاحية كان لها نتائج إيجابية. لقد قدمنا لهم العديد من الدراسات الاستشارية حول اقتصاديات التعليم، كذلك ما يتصل بشؤون الموازنة في التعليم، كما قدمنا العديد من البرامج التدريبية المختصة لوزارة التربية والتعليم، وقد حققوا العديد من الإنجازات المهمة في قطاع حيوي ومهم. ونحن بدورنا مستمرون بتقديم الخدمات التدريبية، والدعم للمنظمات الاهلية، ومنها بشكل خاص جمعية الكلمة الطيبة التي يترأسها فخريًا سمو الشيخ عيسى بن علي ال خليفة، وقد نفذنا مع الجمعية مبادرة تأتي في اطار دعم وتطوير الشباب، وقد دربنا عددًا كبيرًا من الشباب في مجال المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وقد اخترنا المتميزين بينهم، وقدمنا لهم منحًا تدريبية في دولة الكويت، والان نحن في طور التخطيط من جمعية الكلمة الطيبة من اجل إعادة تنفيذ هذه المبادرة لتعميم الفائدة منها. في الواقع نحن الآن نحاول التركيز على عرض مجموعة من الخدمات نأمل ان يتم الاستفادة منها، الأولى تتعلق بإعادة النظر في إدارة الاقتصاد ومنظومة التخطيط الإنمائي. لا شك ان البحرين قد قطعت مراحل مهمة في هذا الاتجاه، لكننا نتطلع لعرض تجاربنا في محاولة للاستفادة منها. النقطة الأخرى هي موضوع الخريطة الاستثمارية، وهي مهمة جدًا لصناعة القرار ورسم السياسيات وتحفيز الاستثمارات، فالدول الآن تسعى بشكل حثيث للحصول على خدمات استشارية لإعداد خرائط استثمارية خاصة بها، ونحن في المعهد العربي نعتبر المؤسسة الوحيدة في المنطقة التي تتبع هذه المنهجية، وقد قمنا بتطبيقها في عدة دول، حيث اعددنا الخريطة الاستثمارية لدولة الامارات، وكذلك الأردن، ولبنان، والآن نحن في طور تنفيذها لتونس. لذا نأمل ان ننفذ الخريطة الاستثمارية لمملكة البحرين، لأن الخريطة الاستثمارية تعطي صورة متكاملة للتشابكات الاقتصادية، وعناقيد القيمة في الإنتاج، والسلع والخدمات في الاقتصاد الوطني، وما هي مقومات الاقتصاد، كما تقترح فرص الاستثمارات الجديدة والواعدة، وهي بذلك تكون جاذبه للمستثمر الوطني والاجنبي. كذلك نحن نرى إمكانية تطبيق منهجية العناقيد الاقتصادية في القطاعات المختلفة للاقتصاد البحريني، ونرى كيفية التشابك بين المنتجين في قطاعات مختلفة، وهذه مسألة مهمة جدًا لأن هذه المنهجية تكشف القطاع الإنتاجي والاحتياجات الجديدة، وبالتالي فرص الاستثمار الجديدة التي تدخل ضمن سلاسل القيمة داخل القطاع، ونحن الآن نطبقها في دولة الامارات وفي دول أخرى، ونأمل ان نقدم خبراتنا أيضا لمملكة البحرين التي نعتز بها، ونأمل ان نفيها حقها وان نسهم في تقدمها. ] سأختم معك بالتحديات، لطالما شكل الدور الريعي للدولة في المنطقة عبئًا من الناحية الاقتصادية، عندما تتحمل الدولة إدارة الاقتصاد والخدمات وخلق الوظائف... وإلخ. إلى أي مدى نجحت دول المنطقة - وبالأخص البحرين - بخلق توازن ما بين معطيات الاقتصاد الذي يجب أن يقلل الأعباء على الدولة عبر الإصلاحات الاقتصادية، وبين الحفاظ على نموذج علاقة الترابط بين الدولة والشعب في هذا الجزء من المنطقة العربية؟ - الحقيقة ان هذا التحدي من اكبر التحديات التي تتعامل معها دول المنطقة، فالحكومات في دول الخليج تهتم بمواطنيها، ويحظى المواطن برعاية الحكومة، كما ان علاقة الحاكم بالمحكوم في دول الخليج تختلف عن بقية الدول، فهناك ترابط يمكن وصفه بالعلاقة الابوية. لكن هذه العلاقة لا تعني ان لا يتغير دور الدولة، فلا يمكن ان تستمر الدولة في تقديم الخدمات المجانية والاشراف على الرعاية وتوفير فرص العمل، لآن الأعباء تتزايد، والنمو السكاني يتزايد وبالتالي الأعباء على الدولة تتزايد، لذلك هناك اتجاهات جديدة لتقليص هذه الأعباء، وهذا يأتي من خلال تطوير قطاع خاص نشط وفعال، وقادر على الإسهام في النمو وتوفير فرص العمل. وقد نجحت البحرين الى حد كبير بتطوير دور القطاع الخاص، وهذا انجاز كبير. لا شك ان دراسة الاقتصاد ومقوماته ووضع خريطة استثمارية للاقتصاد، ومحاولة تشبيك الاقتصاد، ورسم عناقيد في القطاعات الاقتصادية المختلفة، سوف يسهم ويساعد في هذا الاتجاه، وهو الاتجاه المطلوب في المستقبل. صحيح ان الحكومات لديها التزام ومسؤوليات اجتماعية في تأمين حياه كريمة للمواطن، وهو التزام لا بد منه، لكن من الناحية العملية ينبغي ان ينمو القطاع الخاص وتتاح له الفرصة لخلق فرص العمل، وينبغي ان تكون هناك شبكات للحماية الاجتماعية التي تحمي المواطن، وهذا الاتجاه الان سائد في دول مجلس التعاون، والبحرين بدورها تحرص على شبكات الامن المجتمعي التي تؤمن ضمانات المستقبل للمواطن.

مشاركة :