من المبكر تأبين الأرض: العلماء يحاربون الحكم على مصير المناخ

  • 4/6/2022
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

ليس ما نعيشه هو النهاية، لكنه يبدو كذلك للكثيرين الذين باتوا مهووسين بما ستحمله التغيرات المناخية من كوارث وتقلبات غير متوقعة ستنهي حياة كوكب الأرض. وعلى الرغم من أن تغير المناخ سيزداد سوءا -وهو ما تحذّر منه قتامة التقارير العلمية الأخيرة، بما في ذلك تلك الصادرة عن الأمم المتحدة- ثمة من العلماء من يؤكدون أن كبح ظاهرة الاحترار المناخي ليس مستحيلا. ويقول العلم إن الوقت لم يفت بعد بالنسبة إلى كوكب الأرض أو البشرية، وإن الإجراءات يمكن أن تمنع الأسوأ إذا نجحنا في تنفيذها قريبا. كريستيانا فيغيريس: إنك محكوم بمستقبل من الدمار وزيادة البؤس وبعد عقود من محاولة لفت انتباه الجمهور وتحفيز الحكومات على اتخاذ إجراءات ومحاربة الحركات المنظمة التي تنكر العلم، يقول باحثو المناخ إن هناك معركة جديدة بين أيديهم؛ وتحوم حول الشعور بالاستسلام، حتى أن بعض الشباب قرروا عدم ​​إنجاب الأطفال بسبب تغير المناخ. ولاحظت جاكلين جيل -عالمة المناخ في جامعة مين- في 2018 أن القليل من الناس اعتقدوا أن تغير المناخ ليس حقيقيا وأن المزيد من الأشخاص “يؤمنون الآن بأنه لا يمكن فعل أي شيء”. وتؤكّد جيل أن هذا ليس صحيحا. وقالت لوكالة أسوشيتيد برس “أرفض نعي شيء ما زال على قيد الحياة. نحن لم نتجاوز فترة اللاعودة. لكن يصعب إقناع الناس”. وقالت سوزان كلايتون -أستاذة علم النفس في كلية ووستر التي تدرس التوتر الناجم عن تغير المناخ وتحدثت ضمن مؤتمر في النرويج الأسبوع الماضي تناول هذه القضية- إن “الاستسلام موجود، وهو طريقة لقول: لست مضطرا إلى بذل جهد لإجراء التغييرات لأنه لا يوجد شيء يمكنني القيام به”. وتحدثت جيل وستة علماء آخرون إلى وكالة أسوشيتيد برس، ولم يقللوا من شأن الضرر الناجم عن تراكم الانبعاثات، لكنهم قالوا إن هذا لا يعني نهاية العالم. وقالت جينيفر فرانسيس -العالمة في مركز وودويل لأبحاث المناخ- “يعلم الجميع أن الأمور ستزداد سوءا. لكن بإمكاننا فعل الكثير لجعلها أقل سوءا من السيناريو الأسوإ”. جاكلين جيل: أرفض نعي شيء مازال على قيد الحياة ويمكن إنقاذه وأصدرت الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ التابعة للأمم المتحدة تقريرها الثالث في غضون ستة أشهر، وشمل مدى سوء الاحترار المناخي وكيف سيؤذي البشر والنظم البيئية. ويركز التقرير على مخاطر كمية الوقود الأحفوري التي يتم حرقها. ويُظهر أن العالم لا يزال يسير في الاتجاه الخاطئ في معركته للحد من تغير المناخ، مع انتشار استثمارات جديدة في البنية التحتية للوقود الأحفوري وتراجع الغابات لإفساح المجال للزراعة. وقالت كريستيانا فيغيريس -وزيرة المناخ السابقة للأمم المتحدة التي ساعدت على صياغة اتفاقية باريس للمناخ سنة 2015 وتدير الآن منظمة تسمى “التفاؤل العالمي”- “إنهم لا يقولون إنك محكوم بمستقبل من الدمار وزيادة البؤس؛ ما يقولونه إن مسار العمل كالمعتاد يسبب البؤس ويقودنا نحو مستقبل يتزايد فيه الدمار. لكن لا يتعين علينا اختيار ذلك. وهذه هي النقطة التي تغيب عن المحادثات دائما”. وقالت إنغر أندرسن -مديرة برنامج الأمم المتحدة للبيئة- إن “المسؤولين يسيرون على حبل مشدود مع تقارير مثل هذه، فهم يحاولون حث العالم على العمل لأن العلماء يعتبرون هذه الحالة أزمة، لكنهم لا يريدون أن يسببوا للناس تأثيرا نفسيا سلبيا. وتابعت “لسنا محكومين بالفشل، لكن العمل السريع ضروري للغاية، حيث يصبح تغير المناخ أكثر تعقيدا وتكلفة ويصعب التغلب عليه مع كل شهر أو سنة نؤخر فيها العمل”. جينيفر فرانسيس: بإمكاننا فعل الكثير لجعل السيناريو أقل سوءا وقال جيمس سكيا -الرئيس المشارك للفريق الذي أعد التقرير الصادر الاثنين- إن “الرسالة الكبيرة هي أن الأنشطة البشرية أوصلتنا إلى هذه المشكلة، ويمكن للبشرية أن تخرجنا منها مرة أخرى؛ ذلك أنه لم نخسر المعركة كلها. وأمامنا حقا فرصة لفعل شيء ما”. ويفصّل التقرير أنه من غير المحتمل أن يتمكن العالم من الحد من الاحترار المناخي إلى 1.5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الصناعة دون إجراء تخفيضات فورية وجذرية في كميات التلوث الكربوني. وارتفعت درجة حرارة العالم 1.1 درجة مئوية بالفعل. وأظهرت تقارير سابقة للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ أنه بعد 1.5 درجة يموت المزيد من البشر ويتضرر المزيد من النظم البيئية ويتفاقم تغير المناخ بسرعة. وقال سكيا “نحن لا نفشل عند 1.5 درجة. ولن يعني سيناريو تجاوزها أننا سنرفع أيدينا يائسين”. وأظهرت تقارير الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ أنه اعتمادا على مقدار حرق الفحم والنفط والغاز الطبيعي، يمكن أن يتراوح الاحترار المناخي بحلول 2100 بين 1.4 و4.4 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الصناعة، مما قد يعني المزيد من الأمراض وكوارث الطقس ونسب الوفيات. لكن عالم المناخ في “ناسا” غافين شميدت قال إنه يعلم أن الناس يخطئون عندما يقولون إنه لا يمكن فعل أي شيء، فـ”أنا أعمل مع الناس وأرى الإدارة. وأشاهد الناس يفعلون الأشياء الصحيحة في أغلب الأحيان وبأفضل ما في وسعهم”. غافين شميدت: الناس يخطئون عندما يقولون إنه لا يمكن فعل شيء وقال مايكل مان -عالم المناخ في جامعة بنسلفانيا- إن “العلماء اعتادوا على الاعتقاد في أن الأرض ستشهد عقودا من الاحترار المناخي في المستقبل حتى بعد توقف ضخ ثاني أكسيد الكربون في الهواء أكثر مما تخرجه الطبيعة. لكن التحليلات الأحدث في السنوات الأخيرة تظهر أن الانخفاض سيستغرق بضع سنوات فقط بعد تحقيق صافي انبعاثات صفرية لمستويات الكربون في الهواء، بفضل امتصاص الكربون بواسطة المحيطات والغابات”. وتُكرّر مخاوف العلماء المشروعة وتتضخم بينما يرى العلم أننا بحاجة إلى التقليل من انبعاثات الكربون بنسبة 50 في المئة ضمن هذا العقد لتجنب عتبة الـ1.5 درجة. وقال مان إن ارتفاع الحرارة بدرجتين سيكون أسوأ بكثير من ارتفاع 1.5 درجة، لكنه لن يعني نهاية العالم. واعتبر أن الاستسلام أصبح تهديدا أكبر بكثير من الإنكار، وهو يعتقد أن بعض الأشخاص والجمعيات التجارية والشركات التي أنكرت تغير المناخ يشجعون الأشخاص الذين يقولون إن الوقت فات. ويواجه مان علنا عالم البيئة المتقاعد في جامعة أريزونا جاي ماكفيرسون، وهو زعيم ومنظّر في حركة الهلاك. وقال ماكفيرسون إنه ليس جزءا من النظام النقدي، ولم يحصل على راتبه منذ 13 عاما، ولم يصوت وعاش خارج الشبكة لمدة عقد. واعتبر أن جميع الأنواع تنقرض وليس البشر استثناء. وتوقع من قبل أن تنقرض البشرية في 2026، ولكنه قال في مقابلة مع وكالة أسوشيتيد برس “أنا لست متأكدا من 2026″، وذكر 2030 والتغيرات في الموائل البشرية بسبب ذوبان الجليد في القطب الشمالي. باحثو المناخ يقولون إن هناك معركة جديدة بين أيديهم؛ وتحوم حول الشعور بالاستسلام، حتى أن بعض الشباب قرروا عدم ​​إنجاب الأطفال بسبب تغير المناخ. وقالت جينيفر فرانسيس -وهي رائدة في دراسة الجليد البحري في القطب الشمالي- “بينما سيكون القطب الشمالي خاليا من الجليد بحلول صيف 2050، يبالغ ماكفيرسون في تعداد الآثار السيئة (…)”، وتابعت “وسيختبر الباقون منا تسارع الاحترار المناخي وارتفاع مستوى سطح البحر، وأنماط الطقس المضطرب والطقس القاسي الأكثر تواترا. ثم ستتأقلم معظم المجتمعات بدرجات متفاوتة. ويستحيل أن ينقرض البشر بحلول 2026”. وأضافت فرانسيس أنه ربما لم يعد بإمكان البشر منع ذوبان الجليد البحري في القطب الشمالي في الصيف، ولكن مع التكنولوجيا الجديدة وخفض الانبعاثات صارت “لدينا فرصة حقيقية لمنع حدوث السيناريوهات الكارثية الأخرى هناك”. وقالت أستاذة علم النفس كلايتون “بغض النظر عن مدى سوء الأشياء، فإنها يمكن أن تكون دائما أسوأ. لكن يمكنك أن تصنع فرقا بين السيء والأسوأ”.

مشاركة :