تُعتبر الصور الواردة من أوكرانيا هذه الأيام محطمة للقلوب، حيث تظهر فيها مجمعات سكنية مدمرة، وأشخاص يائسون، ومشاهد للموت والفرار. وبالنسبة إلى الكثير من المسنين في العالم -وفي ألمانيا على سبيل المثال- تعيد تلك الصور إلى أذهانهم ذكريات الحرب المؤلمة التي شهدتها بلادهم. ومن جانبها تقوم يوليا ميشيل -وهي طبيبة نفسية في برلين متخصصة في العلاج السلوكي- بتقديم استشارات ومعالجة كبار السن. وفي مقابلة معها وصفت كيف يمكن للخوف من الحرب أن يعبر عن نفسه، ومتى يُنصح بأن يطلب المرء المساعدة النفسية. وتقول ميشيل “بحسب ما أراه حاليا تبدو الأوضاع مختلفة كثيرا بين المرضى الذين أتعامل معهم؛ فالبعض يكون قلقا وغير مستقر، والبعض الآخر يكون غاضبا أو مستاء. من ناحية أخرى هناك آخرون لا يبالون بالأمر ويستمرون في ممارسة أنشطة حياتهم اليومية. وتعتبر ردود الفعل المختلفة هذه ببساطة جزءا من الشخصيات الإنسانية”. وقد يجد الأشخاص الذين عاشوا بأنفسهم تجربة الحرب ومروا بمخاطرها المميتة صعوبة في التعامل مع المشاهد الواردة من أوكرانيا هذه الأيام، إلا أن ذلك لا ينطبق بالضرورة عليهم جميعا. ويستطيع المخ أن يجد أوجه تشابه بين الصور والتجارب المخزنة في الذاكرة، ثم يعمل على تنشيط الأفكار والمشاعر المرتبطة بتلك الذكريات. وقد يجد شخص لديه ذكريات مؤلمة مرتبطة بالحرب صعوبة في التحكم في رد فعله على تلك الصور القادمة من أوكرانيا. وفي حال كانت هذه الذكريات تحدث في الكثير من الأحيان وتتداخل مع تفاصيل حياته اليومية، فإنه يجب أن يفكر في الحصول على مساعدة نفسية. Thumbnail وبخصوص الشيء الذي يمكن أن يساعد كبار السن على التعامل مع الموقف -إلى جانب حصولهم على المساعدة النفسية المهنية- تعتقد ميشيل أن من المهم اعتبار المشاعر غير السارة، مثل الخوف ورد الفعل الجسدي المصاحب لذلك، أمرا طبيعيا. وتقول إنه من المنطقي أن تجعلنا صور الحرب، سواء كنا كبارا أو صغارا، خائفين. وقد يكون من المفيد التأمل في كل الأمور التي مر بها المرء بالفعل. وكبار السن على وجه التحديد لديهم ثروة من ذلك مخزنة، لأنهم مروا بمواقف صعبة وصاروا قادرين على التعامل مع الأزمات بحكمة. كما يمكنهم تحليل مدى عقلانية مشاعرهم، إذا رغبوا في ذلك. وبشأن تداعيات الوضع القائم في أوكرانيا على كبار السن، وما إذا كان ذلك بالفعل خطيرا بالقدر الذي يتصورونه، تقول ميشيل “من الممكن أن يكون الحديث عن الأمر عنصرا مساعدا أيضا، وذلك لا يجب أن يتم فقط مع الأشخاص الذين لديهم أسلوب تفكير مماثل لهم بالطبع، ولكن ربما أيضا مع أولئك الذين يعانون من قلق أقل من نظرائهم (الذين لديهم أسلوب تفكير مماثل لهم). وسيكوّن لهم ذلك فكرة عن طرق أخرى للنظر إلى الموقف. وتعتبر العلاقات الاجتماعية المنتظمة مفيدة، سواء كانت عبر الهاتف أو من خلال الرسائل أو المقابلة وجها لوجه”. وتضيف “من الممكن أن يفيدهم إدراك حجم استحواذ الحرب (القائمة في أوكرانيا) على أذهانهم. وفي حال كانوا يميلون إلى الشعور بالخوف أو الاضطراب، فربما يجب عليهم أخذ استراحة من الأخبار المتعلقة بالحرب (…) فالمشاعر الأليمة المستمرة ليست جيدة لحياتنا النفسية”. وتتابع “وبشكل عام أوصي باتباع روتين يومي وطقوس ثابتة، لأن ذلك يبقينا متوازنين. ومما استخلصته من تجربتي أن كبار السن خبراء بالفعل في تنظيم حياتهم. وأخيرا يعتبر التركيز على الأشياء الصغيرة من المهدئات النفسية إلى حد ما”.
مشاركة :