الناتو يتحسب لسيناريو حرب طويلة في أوكرانيا

  • 4/6/2022
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

بروكسل/كييف - يتحسب حلف شمال الأطلسي (الناتو) لسيناريو حرب طويلة في أوكرانيا قد تستمر سنوات وهو ما يطرح أعباء أمنية واقتصادية كبيرة وخطيرة قد لا تقوى دول العالم على تحملها ومع ذلك فإن الىمال لا تزال معقودة على مفاوضات بين موسكو وكييف لانهاء الحرب، بينما لا تلوح في الوقت الراهن مؤشرات على نهاية قريبة لاسوأ نزاع على تخوم شرق أوروبا وتمتد تداعياته إلى كل مكان في العالم. وقد حذر الأمين العام للناتو ينس ستولتنبرغ الأربعاء من أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لم يتخل عن رغبته في السيطرة على كامل أوكرانيا، مرجحا أن تستمر الحرب "لأشهر وحتى سنوات"، مضيفا "لم نر أي مؤشر يدل على أن بوتين غير هدفه بالسيطرة على كل أوكرانيا". وقال ستولتنبرغ قبل اجتماع وزراء خارجية الحلف "علينا أن نكون واقعيين. قد تستمر الحرب لفترة طويلة، لأشهر وحتى لسنوات. لذلك علينا أن نكون مستعدين لمسار طويل من حيث تقديم الدعم لأوكرانيا والاستمرار في العقوبات وتعزيز دفاعاتنا". ومن المقرر عقد اجتماع لمجموعة السبع في مقر الحلف على هامش اجتماع حلف شمال الأطلسي، بحضور وزير الخارجية الياباني يوشيماسا هاياشي. وسيكون تشديد العقوبات المفروضة على روسيا أبرز المواضيع المدرجة على جدول أعمال الاجتماع. أوضح ستولتنبرغ أن "أوكرانيا بحاجة ماسة إلى دعم عسكري ولهذا من المهم جدا أن يوافق الحلفاء في الناتو على مواصلة دعم أوكرانيا بأنواع عديدة من التجهيزات العسكرية، سواء كانت معدات ثقيلة أو أنظمة أسلحة خفيفة"، معتبرا أن المساعدة المقدمة كان لها "تأثير حقيقي". وأضاف ستولتنبرغ "مهما كان موعد انتهاء الحرب سيكون لها تداعيات بعيدة المدى على أمننا. لأننا شاهدنا الهمجية. لقد رأينا استعداد الرئيس بوتين لاستخدام القوة العسكرية لتحقيق أهدافه. وهذا ما يغير واقع الأمن في أوروبا لسنوات عديدة". وقال "لقد طلبنا من القادة العسكريين تقديم خيارات للقادة السياسيين حتى يتمكنوا من اتخاذ قرارات لإعادة ضبط قدرة الدفاع والردع للتحالف". وتتم مناقشة هذه الخيارات في قمة الحلف المقررة يومي 29 و30 حزيران/يونيو في مدريد. وأكد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في إفادة صحافية إلى جانب ستولتنبرغ "سنقوم بثلاثة أمور إذا استمرت روسيا بعدوانها على أوكرانيا: مواصلة دعم الأوكرانيين وممارسة ضغط غير عادي على موسكو وتعزيز دفاع الحلف". وقال بلينكن في مقابلة مع قناة "إم إس إن بي سي" الأميركية في بروكسل "مقابل كل دبابة روسية ترسل إلى أوكرانيا، سنزود أوكرانيا عشرة أسلحة مضادة للدبابات"، فيما شدد ستولتنبرغ على أن "هذه الحرب يجب أن تنتهي الآن ويمكن للرئيس بوتين أن ينهيها بسحب قواته". وخصصت الولايات المتحدة مئة مليون دولار إضافية لتمويل مشتريات الأسلحة لأوكرانيا. ولدى وصوله إلى مقر الحلف، قال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو الذي استضافت بلاده محادثات روسية أوكرانية "لقد جمعنا وزيري الخارجية معا في أنطاليا، وأحرزا تقدما ملحوظا. وللأسف، الصور التي رأيناها في بوتشا ومناطق أخرى تضر بالأجواء الإيجابية نسبيا، لكننا ما زلنا نحتفظ بالأمل والتفاؤل الحذر". وتابع "إننا ننتظر مزيدا من الاجتماعات بين الفريقين المفاوضين وبعد ذلك ربما بين وزيري خارجية روسيا وأوكرانيا، للتوصل إلى اتفاق محتمل". وقال مسؤول دفاعي أميركي كبير اليوم الأربعاء إن تقديرات الولايات المتحدة تشير إلى أن روسيا أتمت انسحابها من محيط كييف وتعتقد أنها تعيد تجهيز قواتها وتزويدها بالإمدادات من أجل إعادة انتشار متوقعة في أوكرانيا. وتابع المسؤول الذي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته "تقييماتنا تشير إلى أن جميع الروس غادروا"، مضيفا أن التقييم الأميركي كان بالكامل خلال آخر 24 ساعة. وفي شرق أوكرانيا، يتوقع أن يشكل طريق يمرّ عبر سهل متعرّج ويربط منطقتَي خاركيف ودونيتسك، أحد ميادين القتال الأساسية في الهجوم الروسي الوشيك على منطقة دونباس. ويشقّ الطريق مناطق في قلب دونباس لا تزال تحت سيطرة أوكرانية، كما تحيط به منطقتا دونيتسك جنوبا ولوغانسك شرقا الانفصاليتين المواليتين لموسكو. وقد بات تحت ضغط أكبر مع ترقّب هجوم روسي محتمل على المنطقة من الشمال. وقال ملازم في كتيبة أوكرانية منشغلة في تعزيز مواقعها على جانبي الطريق بالأخشاب "نحن بانتظارهم"، مضيفا "سنُدمّر العدو الذي جاء يجتاح وطننا الأمّ، روسيا الفاشية، لا يمكننا تسميتها بغير ذلك. من يعيش بالسيف سيموت بالسيف"، مضيفا "نحن مستعدّون حضّرنا لهم بعض المفاجآت". وتابع "فلتعطينا دول الغرب المزيد من الآليات، فلتساعدنا على إغلاق مجالنا الجوي (أمام الطائرات الروسية). وسيكون النصر لنا". وينتشر عسكريو اللواء 95 المجوقل وهي قوات نخبة، في كراسنوبيليا التي تعجّ بالمنازل الريفية ذات النوافذ الخشبية. وبعد الاستيلاء على مدينة ايزيوم قبل أيام، باتت القوات الروسية تتمركز على بعد نحو 20 كيلومترا شمال مدينتي سلوفيانسك وكراماتورسك وهذه الأخيرة عاصمة دونباس ولا تزال كييف تسيطر عليها. ويعتبر مركز الدراسات الحربية الأميركي أن "سلوفيانسك ستكون المعركة المقبلة الأساسية في الحرب في أوكرانيا". وعلى جانبي الطريق بين إيزيوم الخاضعة لسيطرة الروس وسلوفيانسك الخاضعة لسيطرة الأوكرانيين، تمثل قرية كراسنوبيليا خط المواجهة منذ أسبوعين. ويقول ضابط كبير "الروس ينشطون ونعلم أنهم يستعدّون للهجوم"، مشيرا إلى ازدياد في تحليق مروحيات روسية فوق خطّ الجبهة، ما يُنذر بشكل عام بالتحضير لهجوم واسع النطاق. وفي علامة أخرى على احتمال وصول الحرب إلى هذه المناطق في دونباس، تصطفّ سيارات إسعاف تحت الأشجار. وعندما تضرب نيران المدفعية، تقترب إحداها نحو الجبهة وعلى متنها جنديتان ممرضتان. وعلى بعد بعض الكيلومترات شرق الطريق الرئيسي، يطرح سيناريو آخر نفسه وهو بلا شكّ لصالح الأوكرانيين أكثر، إذ يشكّل نهر سيفيرسكي دونيتس المتعرّج عقبة طبيعية أمام القوات الروسية. وفتح الأوكرانيون عددا من المخازن الثمانية على النهر لجعل عبوره أكثر صعوبة، فارتفع "مستوى سيفيرسكي دونيتس بنحو مترين"، بحسب أحد السكان المنطقة. وتمّ تفجير جميع الجسور مثلما حصل في قرية بوغوروديتشني حيث لم يبق إلّا كبار السنّ. ويقول أرتور نازاروف (58 عاما) وهو مدير المدرسة المحلية "الجميع متوتّر حاليا، كبار السن لم يريدوا أن يرحلوا"، مضيفا على وقع صوت مدفعية بعيد، "هنا نهاية الطريق، قمنا بالتموين، ننتظر". ونجا جسر واحد من القصف والتدمير على بعد ثلاثة كيلومترات في بلدة سفياتوهيرسك السياحية، لكن يُتوقّع أن يُدمّر هو أيضا. ويُعرف المكان بتمثال "أرتيوم" الذي وضعه السوفيات عام 1927 على الجبل تكريما لـ"بطل" بلشفي محلي. أمّا في الأسفل، يبدو أن الجسر فيه ألغام وجاهز للتخريب. ومن هذا الجانب من النهر، يترقّب الأوكرانيون ويعلمون ذلك. ويوضح قائد الدفاع عن الأراضي المحلي أندريه بيزروتشكو "عندما سيبدأ الروس هجومهم، سيكون لدينا ساعة أو ساعتين كحدّ أقصى لإخلاء المنطقة باتجاه الضفة الغربية"، فالروس متمركزون على بعد بضعة كيلومترات إلى الشمال في قرية باسيكا وهم ليسوا حصرا في أراض معادية لهم، فالسكان "مؤيدون للروس بنسبة 80 بالمئة" في هذه القرية، بحسب أندري (43 عاما) الذي يحمل بندقية كلاشنيكوف وهو أيضا صاحب أحد أبرز المطاعم في سفياتزغيرسك. ويضيف "طبعا حين ستسقط المدينة، سأخسر كل شي، أعمالي وبيتي. الجميع يعرفني هنا أنا مهدد بشكل متواصل"، مشيرا إلى الرسائل القصيرة التي تصله والتي تحتوي تهديدات بالقتل. وتلتقي السيارات كلّ صباح لتشكيل قافلة باتجاه المنطقة الخاضعة لسيطرة الروس بعد الحصول على موافقة ضمنية من القوات الأوكرانية. ويعلّق أندري قائلا "هؤلاء الناس يظنون أنهم سيكونون بمنأى أكثر في الأراضي المُحتلة". ووصلت في فترة بعد الظهر قوافل مدنية من المنطقة الروسية. وتُشكّل سفياتوهيرسك ممرا ومنطقة اتصال سرية حيث لا يزال بإمكان السكان الانتقال من معسكر إلى آخر. ويقول أندري "السيارات تمر في الاتجاهين، ما زال أمام الجميع خيار". وفي هذا الجزء من دونباس، يتواجه المتحاربون على طريق عام حيث يبدو أن المعركة ستكون دامية. وعلى بُعد كيلومترات قليلة تقع منطقة عبور للمدنيين محفوفة بالمخاطر، ستُقطع بمجرّد تحرّك الروس.

مشاركة :