قال الدكتور ممدوح بن تركي القحطاني استاذ التفسير وعلوم القرآن لـ(المدينة): إن تشريع الصيام مر بعدة مراحل، مشيرًا أن شهر رمضان يترقبه المسلمون في أصقاع الدنيا، ويتلهفون إلى أيامه ولياليه المباركة، وجاءت الشرائع السابقة بمشروعيته بل بوجوبه كما في قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ كَما كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) [البقرة:183]، وشُرع ليترقى فيه المسلمون في درجات التقوى، وتطيب نفوسهم وأرواحهم، وأضاف: إن الصيام لم يُشرع دفعة واحدة، وإنما جاء على عدة مراحل، ففي أول الأمر كان المسلمون يصومون ثلاثة أيام من كل شهر، ثم جاء الأمر بوجوب صيام يوم عاشوراء، وبعد ذلك صار صيامه مستحبًّا، وليس بواجبٍ، وفرض الله بعد ذلك صيام شهر رمضان ولكن على وجه التخيير، فكان المسلم مخيَّرًا بين صيامه وبين إطعام مسكين عن كل يوم، ثم جاء الأمر بصومه حتمًا لمن قدر عليه، (فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ)، وصار الإطعام لمن لا يطيق الصيام مثل كبير السن، فإنه يفطر ويطعم عن كل يومٍ مسكينًا، وأشار أن وقت الإفطار كان يبدأ بغروب الشمس ويستمر إلى طلوع الفجر ولكنه مقيّد بالنوم أو بأداء صلاة العشاء، فإذا نام الإنسان أو صلى العشاء فإنه يمسك عن المفطرات إلى الليلة المقبلة، وعلى هذا فإن الصوم يبدأ من بعد صلاة العشاء أو من النوم إلى غروب الشمس من اليوم التالي، وفي هذا نوع من المشقة، ثم خُفِّف ذلك وأبيح الأكل والشرب والجماع إلى طلوع الفجر، حتى لو نام الإنسان قبل ذلك، واستقر هذا التشريع.
مشاركة :