البرلمان الأوروبي يستعجل حظرا فوريا على واردات الطاقة من روسيا

  • 4/7/2022
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

ستراسبورغ (فرنسا) - دعا البرلمان الأوروبي في قرار تبناه الخميس إلى فرض حظر "شامل وفوري" على واردات "النفط والوقود النووي والفحم والغاز" من روسيا. وصوّت 513 نائبا أوروبيا تأييدا للقرار، فيما صوّت 22 ضدّه وامتنع 19 عن التصويت. وعلّقت رئيسة البرلمان الأوروبي روبرتا ميتسولا قائلةً "إنها لحظة مهمة جدا ومرحلة ذي معنى. إن موقف البرلمان واضح ويُرسل أقوى رسائل الدعم إلى الذين يتواجدون على خطّ المواجهة". وكانت المفوضية الأوروبية اقترحت الثلاثاء على الدول الأعضاء السبع والعشرين وقف مشترياتها من الفحم الروسي التي تشكل 45 بالمئة من واردات الاتحاد الأوروبي وإغلاق الموانئ الأوروبية أمام السفن الروسية. وتتم مناقشة إجراءات هذه الحزمة الخامسة من العقوبات حاليا بين ممثلي الدول الأعضاء. ويطالب البرلمان بالمضي قدما لكن فرض حظر محتمل على النفط الروسي (25 بالمئة من إجمالي واردات النفط الأوروبية) والغاز الروسي (45 بالمئة من الإجمالي) هو موضوع مناقشات مريرة بين الدول الأعضاء وقد أعربت برلين علنا عن تردّدها. ومن المقرر أن يناقش هذا الموضوع الاثنين في اجتماع لوزراء الخارجية الأوروبيين. ومع هذا القرار، يطلب النواب الأوروبيون أيضا بـ"تكثيف إرسال الأسلحة إلى أوكرانيا"، ما طالب به أيضا وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا الخميس خلال زيارة له لمقرّ حلف شمال الأطلسي في بروكسل. وحتى الآن، اتفقت دول الاتحاد الأوروبي على حزمة بمليار يورو لتزويد كييف بالأسلحة. وقال مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد جوزيب بوريل "قد يبدو ذلك كثيرا، لكن مبلغ مليار يورو هو ما ندفعه كلّ يوم لبوتين للطاقة التي يزوّدنا بها". ودعا البرلمان الأوروبي أيضا الاتحاد إلى استبعاد جميع المصارف الروسية من نظام سويفت للتواصل المصرفي السريع والآمن (بعدما استٌبعدت سبعة مصارف روسية منه)، ومنع النقل البرّي والبحري للبضائع باتجاه روسيا. وطالب باتخاذ "جميع الإجراءات الضرورية" لكي "تُلاحق أفعال فلاديمير بوتين و(الرئيس البيلاروسي) ألكسندر لوكاشنكو على أنها جرائم حرب وجرائم ضدّ الإنسانية". وتحدث أعضاء البرلمان الأوروبي عن تأييدهم لإنشاء "صندوق شبيه بخطة مارشال" لإعادة بناء أوكرانيا بعد الحرب. ويستعد الأوروبيون لإدراج الفحم على قائمة العقوبات ضد روسيا، لكن إذا كان يبدو للاتحاد الأوروبي من السهل نسبيا الاستغناء عنه وكذلك عن النفط، إلا أن وقف مشتريات الغاز هو موضوع حساس أكثر. وروسيا هي عملاق المحروقات والعائدات من النفط والغاز مولت 45 بالمئة من ميزانيتها الفدرالية العام الماضي بحسب الوكالة الدولية للطاقة. وطالب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الاتحاد الأوروبي بوقف استخدام هذه الطاقة معتبرا أن موسكو عبر ذلك "لن تمتلك المال بعد الآن لهذه الحرب". وبحسب الإحصاءات الأميركية حول الطاقة، صدرت روسيا ما يقرب من 5 ملايين برميل يوميا من النفط في عام 2020، نصفها إلى دول أوروبية (لا سيما ألمانيا وهولندا وبولندا). وقررت الولايات المتحدة، وهي منتج كبير للطاقة، فرض حظر، لكن أوروبا تدرس الأمر في الوقت الحالي فقط بشأن الفحم قائلة في الوقت نفسه إنها تريد خفض مشترياتها من الغاز الروسي بمعدل الثلثين اعتبارا من هذا العام. وتمتلك روسيا 15 بالمئة من الاحتياطي العالمي للفحم بحسب التقرير السنوي لشركة بريتيش بتروليوم حول الطاقة، فيما تشكل إمدادات الفحم الروسي 45 بالمئة من واردات الاتحاد الأوروبي مع اعتماد بعض الدول عليه بشكل خاص مثل ألمانيا وبولندا اللتين تستخدمانه لإنتاج الكهرباء. والاتجاه السائد في الاتحاد هو للاستغناء عن الفحم الملوث، فقد تراجع الاستهلاك من 1200 إلى 427 مليون طن بين 1990 و 2020. لكن في موازاة ذلك، أغلق الأوروبيون مناجمهم وأصبحوا أكثر اعتمادا على الواردات كما أكد معهد بروغل. وبالنسبة للفحم على سبيل المثال، زادت مشتريات الاتحاد الأوروبي من روسيا من ثمانية ملايين طن عام 1990 (7 بالمئة من الواردات) إلى 43 مليونا في 2020 (54 بالمئة)، لكن ألمانيا تخطط للتخلي عن الفحم الروسي اعتبارا من هذا الخريف. واعتبر معهد بروغل أن "الفحم الروسي يمكن استبداله لأن أسواق الفحم العالمية مزودة بشكل جيد ومرنة". والمنتجون الرئيسيون الآخرون هم الولايات المتحدة (17.5 بالمئة من واردات الاتحاد الأوروبي اليوم) وأستراليا (16 بالمئة) وجنوب إفريقيا أو حتى إندونيسيا. وروسيا هي أول مصدر عالمي للنفط وتؤمن أكثر من 25 بالمئة من واردات النفط للاتحاد الأوروبي بحسب الاحصاءات الأوروبية. وفي النصف الأول من عام 2021، حصلت بلغاريا وسلوفاكيا والمجر وفنلندا على أكثر من 75 بالمئة من إمداداتها من روسيا. ولفت بروغل إلى أنه في "المبدأ، استبدال النفط الروسي سيكون أكثر سهولة مما هو بالنسبة للغاز" لأن الواردات تصل عبر السفن وليس عبر بنى تحتية ثابتة مثل أنابيب الغاز. وتطرق خبراء أيضا إلى ظاهرة محتملة وهي نقل البراميل الروسية في نهاية المطاف إلى الصين، لتحل محل البراميل من الشرق الأوسط التي ستصبح متاحة لأوروبا. لكن روسيا تصدر أيضا 1.5 مليون برميل يوميا من الديزل الذي تحبذه أوروبا. وحذرت باربرا بومبيلي وزيرة التحول البيئي في فرنسا التي تتولى الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي من أن "هذا سيطرح مشكلة حقيقية للديزل". وفي حال فرض حظر، سيكون من الضروري إيجاد مصادر أخرى للديزل بالإضافة إلى النفط الخام. على سبيل المثال، تخطط شركة توتال اينرجي لاستيراده من مصفاتها في السعودية. وتصدر روسيا الغاز مباشرة إلى أوروبا لا سيما من خلال شبكة أنابيب مع 155 مليار متر مكعب سنويا، تمثل 45 بالمئة من واردات الاتحاد الأوروبي وحوالي 40 بالمئة من استهلاكه. وتثير مسألة فرض حظر محتمل انقساما في صفوف الدول الأوروبية لأن البعض يعتمد عليه كثيرا مثل ألمانيا التي تستورد 55 بالمئة من الغاز من روسيا. وقال وزير المالية الألماني كريستيان ليندنر الاثنين إن "شحنات الغاز الروسي ليست قابلة للاستبدال" وإن وقفها "سيضرنا أكثر مما يضر روسيا". وبحسب يوروستات فان عشر دول (بلغاريا وتشيكيا وإستونيا ولاتفيا والمجر والنمسا ورومانيا وسلوفينيا وسلوفاكيا وفنلندا) كانت تعتمد بأكثر من 75 بالمئة على الغاز الروسي العام الماضي. وتوقفت دول البلطيق في مطلع أبريل/نيسان عن استيراد الغاز الروسي وهي تستخدم احتياطياتها، لكن من خلال حرمان نفسها منه تماما، ستواجه أوروبا صعوبة في ملء مخزونها لفصل الشتاء المقبل. ويشير خبراء إلى أن التحول إلى موردين آخرين لا سيما بشكل الغاز الطبيعي المسال الذي يصل عبر السفن، سيعوض فقط جزئيا. ويجب أيضا خفض الاستهلاك عن طريق الحد من إنتاج بعض الصناعات على سبيل المثال. بحسب تقديرات مجلس التحليل الاقتصادي الفرنسي فإن فرض حظر على الطاقة الروسية، بما يشمل الغاز، سيكلف ألمانيا ما بين 0.3 بالمئة و3 بالمئة من إجمالي ناتجها الداخلي. و"يمكن أن تشهد ليتوانيا وبلغاريا وسلوفاكيا وفنلندا وجمهورية تشيكيا انخفاضا في العائدات الوطنية يتراوح بين 1 و5 بالمئة.

مشاركة :