رغم عودة الارهاب إلى فرض حضوره على الساحة التونسية مجدداً مع الهجوم على حافلة لرجال الأمن الرئاسي. الا أن المراقبين يرون أن هناك قصة واحدة فقط يمكن أن تكون قصة سعيدة تخرج من أحداث الربيع العربي عام 2011. فبينما استسلمت غالبية الدول الأخرى للفوضى والعنف، فإن تونس، وهي الدولة الأولى التي أطاحت بالدكتاتور الذي كان يحكمها، تظل على طريق الديمقراطية السلمية. كان هناك انتكاسات على امتداد الطريق، ولكن في عام 2014، أجرت تونس انتخابات عامة ورئاسية نزيهة، واعتمدت دستوراً ليبرالياً نسبياً. وكان جزاؤها جائزة نوبل للسلام التي منحت في أكتوبر الماضي لأربع منظمات مدنية عملت على المساعدة في إبقاء تونس على المسار. متاعب تونس وقالت لجنة جائزة نوبل، إن الجائزة كانت بمثابة تشجيع لتونس كي تواصل المسيرة. ولكن عقب شهر من ذلك، تبدو البلاد متذبذبة. ويهدد صدع حدث في الحزب السياسي البارز بزعزعة استقرار الحكومة، التي عانت لتحريك الاقتصاد الذي يعاني من الفساد، وهجمتين كبيرتين على السياحة، تبناهما تنظيم داعش خلال العام الحالي. ليبيا الغارقة في الحرب الأهلية، قد تكون منحت هذه الهجمات الإرهابية أرضية ملائمة للتدريب. وفي هذه الأثناء، فإن الجيش التونسي يقاتل ميلشيات متطرفة تتمركز على الحدود مع الجزائر. ويضيف التهديد الأمني من حدة الضغط الواقع على حزب نداء تونس، الذي يشكل أغلبية في البرلمان، من الضغط الواقع عليه لحل الصراع الدائم على بين الجماعات المتناحرة. وقال محسن مرزوق، أمين عام حزب نداء تونس الذي يرأس أحد أجنحة الحزب، إن حافظ قائد السبسي الذي يقود الجناح الآخر من الحزب، يحاول إيجاد نظام حكم عائلي. فوالده الباجي قائد السبسي، هو رئيس تونس ومؤسس الحزب. وظهر الخلاف في الثامن من نوفمبر، عندما استقال أكثر من ثلاثين عضواً في البرلمان، ممن يبدو أنهم مؤيدون لمرزوق، من حزب نداء تونس. ويمثل الفريق أكثر من ثلث البرلمانيين المنتمين للحزب. تواصل الخلاف إلا أن الصراع داخل حزب نداء تونس، سيستمر. فالحزب خليط من اليساريين والليبراليين والمحافظين، فضلاً عن أعضاء النقابات ورجال الأعمال، وكثير منهم على صلة بنظام زين العابدين بن علي. وفي حال تخطت حكومة تونس الحالية العقبات التي تواجهها، كما هو متوقع، فإن ذلك قد يكون الإنجاز الأكبر الذي تحققه. ف قد عملت القليل من أجل إصلاح الاقتصاد المتهالك، الذي لا يزال يحبذ النخب القديمة. وحجم القطاع العام أكبر مما ينبغي، وقد أصبح أكبر في المرحلة الأخيرة. ويقول البعض إن الفساد أسوأ من أي وقت مضى. ويخشى البعض من أن تقود تهديدات المتطرفين إلى استيلاء قطاعات أمنية على السلطة، التي ينظر إلى بعضها على أنها متواطئة مع بعض رجال الأعمال ورجال مافيا. ولا تزال تونس تعاني لاستيعاب إرث الانتهاكات التي أقدمت عليها السلطات. ومع ذلك، فإن الوضع الحالي يغذي الحنين إلى الماضي عند بعض التونسيين. ويتفق البعض ممن يتنقلون بين مدينة القصرين وتونس العاصمة، على أن الأمور كانت أفضل حالاً في عهد زين العابدين بن علي.
مشاركة :