لم تزل النجمة بينيلوبي كروز تشعل القلوب وتشغل الشاشات بموهبتها الطبيعية وجمالها، لكنها رغم ذلك تثير الانتباه بحماسها الذي لا يُشق له غبار في الاهتمام بالأطفال المرضى. منحتها المجلات لقب المرأة الأكثر جاذبية على وجه الأرض، لكنها تعتبره لقباً مبالغاً فيه وفق ما قالت في حوارها الصريح والمطوّل مع مجلة آل الفرنسية. في المنزل الذي تم استئجاره في مدريد للقاء النجمة كروز، كان ثمة حقل من أشجار الزيتون، تنبعث منه رائحة خبز الرقاق المطبوخ بالبصل، والذي يشعرك أنك في الريف لا في المدينة. وصل فريق التصوير وكأنه يبدو قد خرج من تصوير فيلم ألمودوفار. تلمح من خلال ابتسامتها العريضة خجلاً واضحاً وحساً عالياً. كما لا يمكن للمرء أن يتجاهل عينيها السوداوين اللامعتين اللتين تجذبان من يتحدث إليها. تتحرك بينيلوبي وكأنها متخفية، وتمد لك يدها بلطف، ثم ما تلبث أن تختفي بخطوة حازمة سريعة، ويمكن وصفها مجملاً بأنها منفتحة، لكن بمقدار، حسية، ولكن غير مرنة، بسيطة، ولكن بحدود، جميلة إلى درجة أنها تبهر المرء، ومع ذلك فهي بعيدة كل البعد. وربما يجوز لنا القول إنها تجمع إسبانيا بجمالها ومفارقاتها في آن، فهي الشمس الساطعة والفناء المعتم... لذا فنحن أمام هذا النبل الصارم نجد أنفسنا بعيدين كثيراً عن الشخصية المجنونة المفرطة التي أعطاها إياها المخرج وودي ألن في فيلم فيكي كريستينا برشلونة. عن هذا الفيلم تقول كروز: أحببت الدور، لكنني لن أكون مثلها حتى ولو لثانية! فأنا يمكنني أن أقبل بأي شيء إلّا أن أكون مثل مغنية خاضعة لملحن تقليدي، وأجمل مجاملة يمكن أن تقدمها لي هي أن تقول لي إنني راسخة في مكاني! وهذا أمر يعني الكثير بالنسبة لي، لأنني أعرف من أين أتيت، كما أعلم كم أنا محظوظة للقيام بعمل أحبه، وأعيش منه، وأدرك جيداً أن بلدي إسبانيا في أزمة، وأن الكثير من الشباب المتعلمين تعليماً عالياً عاطلون عن العمل، لكن تبقى مهنتي هي مجرد وظيفة، فعندما أصور فيلماً وأنتهي منه أحاول أن أخرج بإجراء بعض التمارين عدة مرات في اليوم، لأنني أعتبر أنه عليّ الاستيقاظ أوالخروج من الدور سريعاً، خاصة أنني ألعب الكثير من أدوار الدراما، ولا أريد لهذه الشخصيات أن تتبعني إلى المنزل. وهذا يحتاج إلى شيء من الانضباط الشخصي ولولا ذلك لأصبحت مجنونة فعلاً. أمّا عن الصرامة والانضباط فحدث ولا حرج، فهذه الراقصة السابقة تضعهما عنواناً في كل حياتها. وتقول كروز في هذا الصدد: لا شك في أن سبعة عشر عاماً من الرقص صبغت شخصيتي بشكل واضح. وبما أنه كان علي أن أكون قادرة على الابتسام في وجه الجمهور في لحظات صعبة وأنا على المسرح، فإن الصعوبات التي أصبحت أواجهها أثناء تصوير أي فيلم لم تعد تخيفني. من ناحية ثانية أنا منضبطة جداً، لا أدخن، ولا أشرب الخمر، وكثيرة الاهتمام بنوعية طعامي، ولا أتبع حمية معينة فهذا برأيي هراء، لأنني أعتقد أنه إذا كنت تنتبه إلى جسمك بشكل طبيعي فهو كفيل بأن يحميك في المستقبل. وعندما سئلت كروز: لماذا تحبين التمثيل أجابت: التمثيل بالنسبة لي الفرصة الوحيدة التي يمكنني أن أطلق فيها العنان لنفسي للتعبير عن مكنوناتي الدفينة، وربما عن كل شيء، فأنا أعبر عن مشاعري من خلال الآخرين. فعندما كنت في سن الرابعة كنت أتوق لأكون مثل شخصية كارمن، وفي وقت لاحق فهمت أنه من خلال التمثيل يمكنني معرفة المزيد عن مشاعر الإنسان الغامضة جداً، والتي لم أزل أتعلم عنها المزيد، وهو أمر يجعلني أشعر دائماً بالشباب! وعن صديقتها سلمى حايك تقول: العمر مجرد أكذوبة، فكثير من الفتيات الجميلات في سن العشرين يظهرن وكأنهن في الخمسين. والحقيقة أنه وفقاً لكلام سلمى حايك فإننا عندما نلمح مروجة عطر لانكوم وهي في سن ال 41، تتجمع حولها الكاميرات، ندرك أنها على حق. سلمى واحدة من أفضل صديقاتي، وأحب ذلك المزيج الذي تجمعه من الفكاهة، والجمال والقوة. لقد عشنا آلاف الأشياء معاً، وأصبحنا أكثر قرباً. هنا نذكر أنه في العام الماضي، منح العديد من مجلات الموضة والفن بينيلوبي كروز لقب المرأة الأكثر جاذبية على وجه الأرض. لكن وفقاً لمقربين منها، لا تعتقد النجمة الإسبانية أنها تستحق هذا اللقب المبالغ فيه. وتعلق النجمة على ذلك بالقول: لا شك في أنه أمر لطيف أن يقال لامرأة إنها الأكثر إغراء وإثارة، لكن عندما أدعو أخي ذا الطبع القاسي، وأطلب منه أن يجعل مني بينيلوبي الحقيقية، ويحاول أن يميتني من الضحك، عندها أشعر بأنني أكثر النساء جاذبية في العالم. الأسرة بالنسبة لي هي الموطن للحفاظ على قدمين ثابتتين على أرض الواقع! يبدو أن كروز جسدت هذا الأمر مع شقيقتها مونيكا، التي أسست معها علامة تجارية للملابس الداخلية وملابس السباحة بمساعدة المصممة المبدعة سارة شوتون التي تقول: إننا نختار الأقمشة، ونرسم التصميمات أو النماذج للجميع، وليس فقط للعارضات في سن الثامنة عشرة فقط، والواقع أن بينيلوبي في عالم الأزياء ليست نجمة، فأكثر الملابس جاذبية حسب نظرتها هي موضة الروك آند رول: الجينز، والأحذية، والقميص.. وبما أنه لديها طفلان، فلا تستطيع أن تلبس الكعب العالي دائماً حسبما تقول. وفيما يتعلق بحياتها الجديدة منذ أن عادت إلى خافيير بارديم عام 2007، مع طفليها، فسمعنا أن بينيلوبي كروز لا تتكلم كثيراً، اللهم إلّا فيما يخص الانقلاب الذي حدث في حياتها جراء انفصالها ثم عودتها إلى خافيير بارديم. هنا تجيب كروز: عندما كنت حاملاً، برزت فجأة أمامي أطنان من ذكريات الطفولة. وكان ذلك حقاً بمثابة الثورة، إذ لم أشعر قط بقوة ذلك الإحساس من قبل. والآن لديّ طفلان وهما يكبران معي، وأنا كذلك أكبر معهما وأتغير، بل إنهما يجعلاني أنظر إلى العالم بشكل مختلف، فقد أصبحت أرى الفراشة بشكل آخر. أمّا بالنسبة لمشاريعها المقبلة فقد اختارت لها أسرتها أن تمثل بوتيرة أقل من السابق، ففي مارس/ آذار 2016، سيخرج لها ملصق لفيلم Zoolander 2 حيث تقول النجمة: هو فيلم خفيف ومسلٍ أكثر من الجزء الأول، وإنها فرصة للتغيير من مجرد ماما، في فيلمي الأخير الذي جسدت فيه دور أم تعاني مرض السرطان، إلى الأفلام الكوميدية. فضلاً عن ذلك ستمثل كروز أمام خافيير بارديم في فيلم عن السيرة الذاتية لبابلو إسكوبار. لكن المشروع الأقرب إلى قلبها هو الفيلم الوثائقي الذي تصوره عن الأطفال الذين يعانون سرطان الدم. وتقول كروز: إن العلامة التجارية لمجوهرات فيسروي التي تساعد مؤسسة أونو إنتر سيان ميل، سألتني إذا كنت أرغب المشاركة في هذه القضية فأجبت بنعم. وأعطتني الحرية الكاملة لتصوير الفيلم الوثائقي، لذا قررت أخذ آراء الأطفال، وأنا أقضي الكثير من الوقت معهم، لفهم كيف يشعرون بالأشياء من حولهم. وهدفي هو إبلاغ أكبر عدد ممكن من الناس بحقيقة هؤلاء الأطفال المتفائلين جداً، والطيبين، لكنهم أيضاً أقوياء جداً.
مشاركة :