رغم أنّ الولايات المتحدة الأمريكية وكندا وأوروبا وأستراليا والمنظمّات الدولية التي تقع تحت الهيْمنة الأمريكية؛ تستنكر الانقلابات غير الشرعية، وتبادر بفرض عقوباتها على الانقلابيين؛ إلا أنها لم تستنكر انقلاب الحوثيين على الشرعية، ولم تعتبر ما قاموا به انقلابًا، بل أسمت الأمم المتحدة حكومتهم في تقاريرها: «حكومة الأمر الواقع»، وفي أواخر عهد الرئيس ترامب صُنِّفَ الحوثيين جماعة إرهابية، وعندما أصبح بايدن رئيسًا كان من أولى القرارات التي اتخذها رفع الحوثيين من قائمة الجماعات الإرهابية، فأعطاهم بذلك الضوء الأخضر لممارسة هجماتهم على المنشآت الحيوية بالسعودية، وهناك إمكانية رفع الرئيس بايدن الحرس الثوري من قائمة الإرهاب بشرط أن تُخفِّف إيران من تصعيدها في المنطقة، وذلك لإتمام الاتفاق النووي، وهذا بمثابة إعطاء الضوء الأخضر لإيران باستمرار عمليات مليشياتها المسلحة في المنطقة، وفي مقدمتها هجمات الحوثيين على المنشآت الحيوية بالسعودية، في وقت مورست ضغوط على قوات التحالف والجيش اليمني لتخفيف هجماتهم على الحوثيين. ولم تتخذ الأمم المتحدة أي موقف من ضربات الحوثيين الأخيرة على خزانات البترول في جدة، بينما نجدها أصدرت بيانًا احتجاجيًا على العملية النوعية التي نفذها تحالف دعم الشرعية ضد مواقع حوثية ردًا على الهجمات الأخيرة على السعودية! ورغم مخالفة الحوثيين لاتفاق ستوكهولم في 13 ديسمبر 2018م، الذي نص على: «وقف كامل لإطلاق النار وانسحاب عسكري لكافة الأطراف من محافظة الحديدة، لتبقى ممرًا آمنًا للمساعدات الإنسانية، وانسحاب مليشيات الحوثي من المدينة والميناء خلال 14 يومًا».. إذ خرق الحوثيون اتفاق وقف إطلاق النار من يومه الأول، ولم ينسحبوا من الحديدة، وحالوا دون دخول السفن الإغاثية إلى ميناءي الحديدة والصليف، مع احتجاز بعضها كناقلة صافر، ونهبها لـ (697) شاحنة إغاثية في الطرق الرابطة بين محافظات الحديدة وصنعاء وإب وتعز وحجة وذمار، ومداخل المحافظات اليمنية الخاضعة لسيطرتها، مع أنّ بعض تلك الشاحنات المنهوبة كانت تحمل أدوية خاصة بوباء الكوليرا ولقاحات الأطفال، إلا أن المجتمع الدولي لم يُحرّك ساكنا. بل استغلّت إيران وحزب الله لمينائي الحديدة والصليف في تهريب الأسلحة والخبراء إلى الحوثيين الذين حوّلوا ميناء الحديدة إلى معامل ومخازن للقوارب المفخخة والألغام البحرية المهددة لخطوط الملاحة الدولية على مرأى من مراقبي الأمم المتحدة ولم تتخذ أي إجراء ضدهم. وكما قال عضو الفريق الحكومي في لجنة تنسيق إعادة الانتشار، العميد صادق دويد: «إنّ تغاضي الأمم المتحدة عما يقوم به الحوثيون من انتهاكات لاتفاق ستوكهولم؛ جعل من الاتفاق نافذة تستغلها إيران لإقلاق أمن الملاحة والتجارة الدوليتين في البحر الأحمر». خلاصة القول، إنّ الولايات المتحدة تريد استمرار التواجد الحوثي في اليمن لاستنزاف السعودية، فهي لا تريد لها أن تكون دولة قوية، ويلتزم بهذه السياسة كندا وأوروبا وأستراليا والأمم المتحدة وسائر المنظمّات الدولية، إضافة إلى روسيا والصين حليفتا إيران، وهذا يُبرر صمت المجتمع الدولي تجاه جرائم الحوثيين داخل اليمن وخارجها، إضافةً إلى احتجازهم للناقلة صافر الراسية قرب الحديدة منذ عام 2015م، وبها 1.4 مليون برميل بترول، رافضين إجراء عمليات الصيانة عليها، رغم أنّ مصادر فنية في شركة صافر النفطية كشفت عن تسرّب النفط بشكل جزئي من الناقلة، ممّا يضاعف المخاوف من حدوث كارثة بيئية وإنسانية في المنطقة، قد تؤدي إلى موت الحياة في البحر الأحمر، وليس من المعقول أن يعجز مجلس الأمن والأمم المتحدة والمجتمع الدولي عن إجبار مليشيا مسلحة من إجراء عمليات صيانة لصافر، وفك احتجازها لها على مدى سبع سنوات، ولو كان هذا حدث على بحار أو محيطات تطل عليها أمريكا أو كندا، أو أوروبا أو أستراليا وإسرائيل، لما تم احتجاز هذه الناقلة سبعة أيام، وليس سبع سنوات. إنّ انحياز الأمم المتحدة للحوثيين واضح للعيان، لدرجة سماحها للحوثيين استخدام طائراتها وسياراتها، وكلما يصبح مجرى سير المعارك ليس لصالح الحوثيين، نجد التدخل الفوري للأمم المتحدة والمجتمع الدولي لإيقاف القتال، مع منع تسليح الجيش اليمني، والتغاضي عن السلاح المهرب من إيران وحزب الله للحوثيين، ممّا أطال أمد الحرب الاستنزافية في اليمن.. وهذا الانحياز أفقد الثقة بالأمم المتحدة والمجتمع الدولي، وشل دورها في إحلال السلام في اليمن، وكلنا أمل أن تُثمر المشاورات اليمنية - اليمنية التي انطلقت برعاية مجلس التعاون يوم 30 مارس وحتى 7 إبريل، إلى الوصول إلى التوافق بين الأطراف اليمنية المجتمعة، لمواجهة الحوثيين الذي تخلفوا عن حضور هذه المشاورات، ليعم السلام جميع أرجاء اليمن، ويعود إليه أمنه واستقراره.
مشاركة :