لمحات من نضال المرأة الفلسطينية

  • 4/8/2022
  • 01:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

في‭ ‬فلسطين،‭ ‬كلما‭ ‬جاءت‭ ‬الاحتفالات‭ ‬السنوية‭ ‬بأعياد‭ ‬المرأة‭ ‬عالميا‭ ‬ومحليا،‭ ‬نلمس‭ ‬نكهة‭ ‬عطرة‭ ‬ولو‭ ‬حزينة‭ ‬وموجعة‭ ‬في‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الأحيان‭. ‬فالمرأة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬تحمل‭ ‬ابنها‭/ ‬ابنتها‭ ‬مرتين‭: ‬مرة‭ ‬في‭ ‬بطنها‭ ‬وهي‭ ‬حامل،‭ ‬ومرة‭ ‬ثانية‭ ‬وهي‭ ‬تحمل‭ ‬الجثمان‭ ‬إلى‭ ‬المقبرة‭ ‬إثر‭ ‬الاستشهاد‭.‬ وهذه‭ ‬خصوصية‭ ‬جاءت‭ ‬بفعل‭ ‬استمرار‭ ‬الاحتلال‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬منذ‭ ‬ما‭ ‬يقرب‭ ‬من‭ ‬75‭ ‬عاما،‭ ‬سجل‭ ‬تاريخ‭ ‬المقاومة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬خلالها‭ ‬حكايات‭ ‬عديد‭ ‬‮«‬الخنساوات‮»‬‭ ‬الفلسطينيات‭ ‬بأحرف‭ ‬محفورة‭ ‬في‭ ‬الضمير‭ ‬والوجدان،‭ ‬تحمل‭ ‬في‭ ‬خصوصيتها‭ ‬مدى‭ ‬النضج‭ ‬الوطني‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭ ‬الفلسطيني،‭ ‬وتحكي‭ ‬كل‭ ‬واحدة‭ ‬منهم‭ ‬حكايات‭ ‬وملاحم‭ ‬بطولية‭ ‬وتضحيات‭. ‬ فالأم‭/ ‬المرأة‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬الرجل‭ ‬تقوم‭ ‬بدورها‭ ‬النضالي‭ ‬في‭ ‬مقاومة‭ ‬الاحتلال،‭ ‬وتلجأ‭ ‬مع‭ ‬الرجل،‭ ‬إلى‭ ‬كل‭ ‬أشكال‭ ‬النضالات‭ ‬المتعددة‭ ‬في‭ ‬سبيل‭ ‬تحسين‭ ‬شروط‭ ‬الحياة‭ ‬المعيشية‭ ‬والتصدي‭ ‬لسياسات‭ ‬القمع‭ ‬والبطش‭ ‬الإسرائيلية‭. ‬ومعروف‭ ‬للكثيرين‭ ‬تلك‭ ‬الحالات‭ ‬التي‭ ‬استشهد‭ ‬للأم‭ ‬الواحدة‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬ابن‭ ‬وابنة،‭ ‬وسجن‭ ‬باقي‭ ‬الأبناء‭ ‬في‭ ‬غياهب‭ ‬السجون،‭ ‬مع‭ ‬استشهاد‭ ‬الزوج‭ ‬قبل‭ ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬الحالات‭.‬ وقد‭ ‬سجلت‭ ‬الأم‭ ‬والمرأة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬منذ‭ ‬بدايات‭ ‬الصراع‭ ‬مع‭ ‬الدولة‭ ‬الصهيونية،‭ ‬عبر‭ ‬المسيرة‭ ‬النضالية‭ ‬للشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬علامة‭ ‬فارقة‭ ‬في‭ ‬الثورة‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬ولعبت‭ ‬دورا‭ ‬في‭ ‬التصدي‭ ‬للاحتلال‭.‬ حملت‭ ‬المرأة‭ ‬السلاح‭ ‬وخبأته،‭ ‬ونظمت‭ ‬المظاهرات‭ ‬والاحتجاجات،‭ ‬فاستشهدت،‭ ‬وجرحت،‭ ‬وأسرت،‭ ‬وأبعدت‭. ‬لكن‭ ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬لم‭ ‬يثنها‭ ‬أو‭ ‬يحبط‭ ‬عزيمتها،‭ ‬فيما‭ ‬تستمر،‭ ‬بين‭ ‬الحين‭ ‬والآخر،‭ ‬هجمة‭ ‬إسرائيلية‭ ‬مسعورة‭ ‬ضد‭ ‬الأسيرات‭ ‬الفلسطينيات‭ ‬تحت‭ ‬ذرائع‭ ‬وحجج‭ ‬متعددة،‭ ‬حيث‭ ‬يواجهن‭ ‬في‭ ‬معتقلات‭ ‬الاحتلال‭ ‬ظروفا‭ ‬اعتقالية‭ ‬قاسية‭ ‬وصعبة‭ ‬جدا،‭ ‬ويتعرضن‭ ‬منذ‭ ‬لحظة‭ ‬اعتقالهن‭ ‬إلى‭ ‬الضرب‭ ‬والإهانة‭ ‬والشتم،‭ ‬وتمارس‭ ‬بحقهن‭ ‬كل‭ ‬أنواع‭ ‬التضييق‭ ‬النفسي‭ ‬والجسدي‭.‬ وقد‭ ‬أصدر‭ ‬نادي‭ ‬الأسير‭ ‬الفلسطيني،‭ ‬تقريرا‭ ‬بمناسبة‭ ‬يوم‭ ‬المرأة‭ ‬العالمي‭ ‬مؤخرا،‭ ‬قال‭ ‬فيه‭ ‬إن‭ ‬‮«‬31‭ ‬أسيرة‭ ‬فلسطينية‭ ‬يقبعن‭ ‬في‭ ‬سجن‭ ‬‮«‬الدامون‮»‬‭ ‬الإسرائيلي،‭ ‬بينهن‭ ‬10‭ ‬أمهات،‭ ‬وأن‭ ‬إدارة‭ ‬سجون‭ ‬الاحتلال،‭ ‬تحرم‭ ‬أطفال‭ ‬وأبناء‭ ‬المعتقلات‭ ‬الأمّهات‭ ‬من‭ ‬الزيارات‭ ‬المفتوحة،‭ ‬ومن‭ ‬تمكينهن‭ ‬من‭ ‬احتضانهم،‭ ‬عدا‭ ‬عن‭ ‬حرمان‭ ‬البعض‭ ‬منهن‭ ‬من‭ ‬الزيارة،‭ ‬أو‭ ‬عرقلتها‭ ‬في‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الأحيان،‭ ‬يرافق‭ ‬ذلك‭ ‬استمرار‭ ‬رفض‭ ‬إدارة‭ ‬السّجون‭ ‬توفير‭ ‬هاتف‭ ‬عمومي‭ ‬لهنّ،‭ ‬رغم‭ ‬المطالبات‭ ‬المستمرة‭ ‬منذ‭ ‬سنوات‮»‬‭.‬ لقد‭ ‬أدركت‭ ‬الأم‭/ ‬المرأة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬مسبقا‭ ‬أنها‭ ‬بحق‭ ‬نصف‭ ‬المجتمع‭ ‬وأن‭ ‬عليها‭ ‬أن‭ ‬تبقى‭ ‬واقفة‭ ‬شامخة‭ ‬كحد‭ ‬السيف‭ ‬صامدة‭ ‬في‭ ‬وجه‭ ‬الظلم‭ ‬والقهر،‭ ‬رغم‭ ‬تجرع‭ ‬الألم‭ ‬والمهانة‭ ‬والاعتداءات‭ ‬الجسدية‭ ‬سواء‭ ‬داخل‭ ‬السجون‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬أو‭ ‬على‭ ‬الحواجز،‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬فلسطين‭ ‬جادت‭ ‬بالزوج‭ ‬والابن‭ ‬والحبيب‭ ‬بل‭ ‬وضحت‭ ‬بالروح‭.‬ ومع‭ ‬وصول‭ ‬الأم‭/ ‬المرأة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬إلى‭ ‬درجة‭ ‬من‭ ‬النضج‭ ‬الفكري‭ ‬والوعي‭ ‬السياسي‭ ‬أدت‭ ‬إلى‭ ‬إدراكها‭ ‬أهمية‭ ‬النضال‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الوطن،‭ ‬برزت‭ ‬صورة‭ ‬المرأة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬المضحية‭ ‬الشجاعة،‭ ‬الموْمنة‭ ‬بعدالة‭ ‬قضيتها،‭ ‬واستطاعت‭ ‬إثبات‭ ‬قدرتها‭ ‬على‭ ‬التفاعل‭ ‬مع‭ ‬مسيرة‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬النضالية‭ ‬واتسع‭ ‬نشاطها‭ ‬العسكري‭ ‬والسياسي‭ ‬والاجتماعي‭ ‬فاكتسبت‭ ‬هذه‭ ‬المكانة‭ ‬المميزة‭ ‬في‭ ‬تاريخ‭ ‬نضال‭ ‬المرأة‭ ‬العربية‭ ‬والعالمية‭.‬

مشاركة :