حوار - محروس رسلان : أكد الأستاذ راشد محمد العودة الفضلي خبير التعليم والمشرف التربوي بالمجلس الأعلى للتعليم وموجه المهارات البحثية والمكتبية بوزارة التربية والتعليم سابقا أن استيعاب العائدين من البند المركزي للعمل بالتعليم مرة أخرى خطوة تصحيحية تصب في إطار إصلاح وتطوير المنظومة التعليمية عبر الاستفادة من الخبرات والجهود المحلية التي يمكن أن تثري الأفكار والخطط والأنشطة التي تقدم للطلاب. وقال، في حوار مع الراية إن العائدين من البند المركزي قادرون على إعادة الحيوية والفاعلية للميدان التعليمي لامتلاكهم خبرات تربوية تراكمية تصل إلى 30 أو 40 عاما. وحول انخراط الشباب القطري في مهنة التدريس، قال إن المزايا المادية ممتازة ومشجعة لانخراطهم في العمل بالتعليم، لكنها لا تكفي وحدها، حيث يجب تعزيز الجانب القيمي التربوي للمعلم ومنحه صلاحيات أكبر حتى يقبل الشباب على العمل بمهنة التدريس. ودعا إلى منح المعلم مزايا خاصة واستثنائية سواء في تخليص معاملاته أو في العلاج أو في غيرها من الأمور التي تشعره بمدى تقدير المجتمع لدوره. من ناحية أخرى، قال إن حبه للشعر والأدب وشغفه الكبير باللغة العربية دفعه إلى تقديم مقترح يتمثل في العمل على اعتماد إجادة اللغة العربية وجعلها شرطا للقبول في الجامعات وكذلك عند توقيع عقود العمل الخارجية بإجراء اختبار فهم اللغة العربية اختصره في مصطلح "فلق" ، وذلك حتى تستعيد اللغة مكانتها وأهميتها في حياتنا باعتبارها ركيزة ثابتة للحفاظ على هويتنا وشخصيتنا الحضارية الرائدة .. وإلى تفاصيل الحوار: > بداية .. هل لك أن تعطينا نبذة عن النشأة والمسيرة المهنية؟ - ولدت في العام 1964 بأم صلال محمد والتحقت بمدرسة أم صلال محمد في المرحلتين الابتدائية والإعدادية ثم بمدرسة خليفة الثانوية بنين، والتحقت بكلية الإنسانيات التي أصبحت تسمى كلية الآداب بجامعة قطر عام 1983م وتخرجت فيها من قسم اللغة العربية شعبة صحافة عام 1988م .. وفي العام 1989 عينت معلما لمادة اللغة العربية بوزارة التربية والتعليم وبدأت عملي بمدرسة أم صلال علي الابتدائية للبنين لمدة عامين انتلقت بعدهما للعمل بمدرسة أم صلال الإعدادية لمدة عامين أيضا ثم انتقلت للعمل بمدرسة خليفة الابتدائية الإعدادية ثم إلى مدرسة اليرموك الإعدادية ثم إلى مدرسة الأحنف بن قيس الإعدادية، وبعد مرور 10 سنوات على عملي معلما للغة العربية بتلك المدارس انتدبت في العام 1999م معلما لمادة المهارات البحثية بوزارة التربية والتعليم للمرحلة الثانوية بمدرسة محمد بن عبد العزيز المانع الثانوية للبنين، وفي العام 2001 رشحت لوظيفة موجه للمادة برئاسة التوجيه التربوي بوزارة التربية والتعليم. عملت بالتوجيه التربوي منذ ذلك الحين وحتى العام 2010م حيث أحلت للبند المركزي ضمن من أحيلوا من كوادر الوزارة. وفي 2015 تم توجيه دعوة للمحالين إلى البند المركزي من قبل المجلس الأعلى للتعليم بهدف العودة إلى العمل مجددا للاستفادة من خبراتهم، وتم تلبية الدعوة وعرض علينا إبداء رغباتنا في العودة أو التقاعد أو إحضار ما يثبت العمل بجهة أخرى فأبديت رغبتي في العمل بالمجلس وتم توزيع العائدين على مكاتب وهيئات المجلس كل حسب خبراته ومؤهلاته. وفي شهر نوفمبر من العام الجاري 2015 تسلمت العمل رسميا في وظيفة خبير تعليم ومشرف تربوي بمكتب تعليم الكبار بالمجلس الأعلى للتعليم. > وكيف ترى الاستفادة من خبرات العائدين من البند المركزي؟ - خطوة استيعاب المحالين للبند المركزي للعمل بالتعليم مرة أخرى خطوة تصحيحية، وكان من المفترض أن تتم قبل هذا التاريخ ولكن على أي حال الخطوة جيدة وتصب في إطار إصلاح وتطوير المنظومة التعليمية عبر الاستفادة من الخبرات والجهود المحلية التي يمكن أن تثري الأفكار والخطط والأنشطة التي تقدم للطلاب. > وما الذي يمكن أن يضيفه العائدون من البند المركزي للتعليم؟ - العائدون قادرون على إعادة الحيوية والفاعلية للميدان التعليمي لامتلاكهم خبرات تربوية تراكمية تصل إلى 30 أو 40 عاما. > وهل هناك عراقيل أمام العائدين؟ - نناشد المجلس الأعلى للتعليم منح الكوادر المحلية العائدة من البند المركزي الفرصة الكاملة والصلاحيات اللازمة للاستفادة من خبراتهم بالشكل المطلوب؛ حتى لا تكون العودة إلى العمل شكلية .. لذا نأمل أن تزال كافة العراقيل التي يمكن أن تحد من عطاء العائدين من البند المركزي لحاجة الميدان التربوي إلى جهودهم وخبراتهم. > يرى البعض أن جزءا من العائدين لا توجد لديهم رغبة حقيقة لأداء دورهم بالشكل المطلوب .. ما أسباب ذلك؟ - هناك 5 أسباب وراء عدم الاستفادة من جهود العائدين من البند المركزي من المعلمين، هي أن هؤلاء المعلمين تم إقصاؤهم بالأساس دون رغبة منهم، كما أن بعضهم تعود على الراحة بعد الإحالة للبند المركزي وفقد الرغبة في العطاء ولم يعد إيجابيا خاصة مع اختلاف طرق وأساليب التدريس حاليا عنها قديما، فضلا عن أن قرار العودة وضعهم أمام خيارات صعبة فقرر بعضهم العودة دون وجود رغبة حقيقة لديه في العمل بهدف استمرار صرف الراتب لمواجهة أعباء الحياة، وكذلك عدم وجود برنامج تدريبي للعائدين من البند المركزي من المعلمين يؤهلهم للعمل قبل انخراطهم في العمل بالمدارس، وأخيرا أن هناك نسبة من المعلمين العائدين كانوا قد دخلوا المجال التعليمي دون رغبة حقيقية منهم وبالتالي كانت عودتهم للعمل مرة أخرى غير مجدية. > هل لك أن تحدثنا عن أصعب موقف في مسيرتك التعلمية؟ - هناك موقفان تعرضت لهما لا أستطيع نسيانهما أولهما يرجع إلى بداية عملي بالتعليم حين تم إسناد تدريس مادة الشرعية لي بسبب وفاة الشيخ مع عدم امتلاكي خلفية علمية تمكنني من أداء المهمة بالشكل المطلوب الأمر الذي أدى إلى صعوبة السيطرة على الطلاب وكانوا بالصف الأول الابتدائي وكانوا قد ارتبطوا بالشيخ وتعودوا عليه، وقد استمررت في أداء المهمة إلى أن جاء معلم بديل فأنقذ الموقف. والموقف الآخر كان محرجا وطريفا ولكنني تعلمت منه الكثير حيث وجه لي طالب بالصف السادس سؤالا في المادة التي أدرسها ولم أتمكن من الإجابة على هذا السؤال.. وقد شعرت بإحراج شديد حين بدت على الطلاب علامات الدهشة من عدم معرفتي للإجابة، غير أنني يمكن أن أقول أنني بسبب هذا السؤال تمكنت من معرفة معلومة جديدة أضفتها إلى سجل معلوماتي. > وما الموقف المؤثر الذي لا يمكن أن تنساه؟ - من المواقف التي لا أنساها وأعتبرها من قصص الوفاء النادر أنني كنت أشرح للطلاب درسا في المطالعة يتناول فوائد التمر، وخلال الشرح عرضت فوائد عجوة المدينة وأوصيت الطلاب بوصية مضمونها أنه من أرد أن يهديني هدية فعليه أن يأتيني ببعض تمر المدينة إذا ذهب لأداء العمرة أو زار مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم .. الغريب وأنه بعد مرور حوالي 7 سنوات من شرح هذا الدرس تلقيت اتصالا من أحد طلابي الذين حضروا الدرس وكان قد وصل إلى المرحلة الجامعية أو قارب على إنهائها يعرفني بنفسه ويذكرني بالدرس ويخبرني بأنه تذكر وصيتي حين ذهب إلى مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأحضر لي بعضا من عجوة المدينة. > وما أهم اهتماماتك وهواياتك المفضلة؟ - لي اهتمامات عديدة فأنا أهوى الشعر والأدب وأكتب المقالات ولي اهتمام بالمسرح وكنت أحد رواد المسرح التربوي عبر مشاركتي خلال المرحلة الإعدادية في أنشطته ومنافساته حيث حصلت أكثر من مرة على جائزة أفضل ممثل، وأحب أيضا الرياضة، خاصة كرة القدم والسباحة وصيد الطيور البرية. وقد أحرزت المركز الأول في مسابقة الشعر النبطي والفصيح بنادي الريان للموسم الثقافي 1993م. وأجيد اللغة الإنجليزية وقد حصلت على دبلوم اللغة الإنجليزية من معهد اللغات التابع لوزارة التربية والتعليم العام 1994م. ولدي نشاط في الأندية الشبابية فأنا عضو مؤسس في مركز شباب برزان ومستشار في جميعة القرآن الكريم ببنجلاديش وسفير بصندوق الزكاة ومستشار بمجلس وزارة الشباب والرياضة. > وماذا ترى في الفصل بين المناهج والإشراف التربوي؟ فصل المناهج عن الإشراف التربوي كان مطلوبا، وأدعو إلى أن تكون هناك وحدة للتأليف بمكتب معايير المناهج بحيث تشرف على إعداد الكتب وتصميم المناهج وتتولى تنقيحها وتعديلها إذا لزم الأمر، على أن يتم رفدها بعدد من الخبراء والمختصين كل في مجاله. المنسق لا يستطيع أن يتابع المعلم ويراقبه ويقيم أداءه وحده بمعزل عن الموجه التربوي خاصة في ظل التزامه بجدول حصص حتى وإن كانت بمعدل أقل من المعلم وبالتالي كان لا بد من عودة الإشراف التربوي مرة أخرى لتقديم الدعم اللازم للمعلمين والشد من أزرهم والتكامل معهم في أداء المهام بما يحقق أهداف العملية التعليمية. > وما هي أهم المزايا التي تجذب الشباب إلى مهنة التدريس؟ - المزايا المادية ممتازة ومشجعة لانخراط الشباب في العمل بالتعليم، ولكنها لا تكفي وحدها حيث يجب العمل على تعزيز الجانب القيمي التربوي للمعلم ومنحه صلاحيات أكبر حتى يقبل الشباب على العمل بمهنة التدريس، كما أدعو لأن يمنح المعلم مزايا خاصة سواء في تخليص معاملاته أو في العلاج أو في غيرها من الأمور التي تدل على التقدير وتشعره بمدى تقدير المجتمع لدوره. > وما الأمنية التي تأمل أن تتحقق خلال المستقبل القريب؟ - لدي شغف كبير باللغة العربية وآمل أن تستعيد مكانتها وأهميتها في حياتنا باعتبارها ركيزة ثابتة للحفاظ على هويتنا وشخصيتنا الحضارية الرائدة ومن جهتي لدي رؤية تتركز على اعتماد إجادة اللغة العربية وجعلها شرطا للقبول في الجامعات وكذلك عند توقيع عقود العمل الخارجية بإجراء اختبار فهم اللغة العربية والذي اختصرته في مصطلح "فلق" وأحتفظ بحقي في اختيار هذا المصطلح، وهذا المطلب تؤيده ثوابتنا الشرعية والثقافية ويدعمه دستور البلاد، ومستعد للتعاون مع المؤسسات والهيئات ذات الصلة لتطبيق هذا المشروع الحيوي الحضاري.
مشاركة :