أنعشت أزمة الحكومة الإسرائيلية آمال رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق بنيامين نتنياهو بالعودة إلى الحكم، وذلك بعد فقدانها الأغلبية البرلمانية إثر استقالة رئيسة الائتلاف الحكومي عيديت سليمان من منصبها. وفي مظاهرة شارك فيها الآلاف من عناصر اليمين الإسرائيلي بالقدس الغربية مساء الأربعاء، دعا نتنياهو في كلمة له أمام المتظاهرين إلى "الإطاحة بالحكومة وتشكيل حكومة يمين"، مضيفا "هذا المساء حان وقت الوحدة والعودة إلى الوطن وتنحية كل رواسب الماضي جانبا والعودة إلى المعسكر الوطني". وغازل رئيس المعارضة أعضاء أحزاب اليمين في حكومة بينيت بقوله "بابنا مفتوح لكل من تم انتخابه بأصوات اليمين ويريد إعادة إسرائيل إلى طريق الانتصار". وأضاف "جئنا إلى هنا الليلة لنقول لهذه الحكومة الضعيفة شيئا واحدا فقط: ارحلي لأنك تضرين بالهوية الوطنية لإسرائيل (..) ارحلي لأنك تجففين الاستيطان ولأنكم ضعفاء أمام إيران". ورغم أن توقيت المظاهرة تم تحديده قبل أيام وخصصت للاحتجاج على الهجمات التي تعرضت لها إسرائيل أواخر الشهر الماضي وأسفرت عن مقتل 11 شخصا، إلا أنها اكتسبت زخما إضافيا مع خسارة الائتلاف الحاكم بقيادة بينيت الأغلبية البرلمانية في الكنيست الأربعاء بعد انسحاب النائبة عيديت سليمان. وحمل المتظاهرون لافتات مكتوبا عليها عبارات من قبيل "الشعب يريد دولة يهودية"، ورددوا هتافات تطالب بينيت بالاستقالة. ووفق تقديرات الشرطة الإسرائيلية، شارك في تظاهرة اليمين نحو 6 آلاف إسرائيلي. وفي وقت سابق من مساء الأربعاء، كشف بينيت أن سليمان تعرضت لتهديدات من أنصار نتنياهو وزعيم "الصهيونية الدينية" بتسلئيل سموتريتش، قبل استقالتها من الائتلاف الحكومي. وقال بينيت، في أول تعليق له على العاصفة السياسية التي لحقت بحكومته، إن "التهديدات دفعت عيديت سليمان إلى الانفصال عن الائتلاف الحكومي وتقديم استقالتها"، وفق ما أوردته صحيفة "جيروزالم بوست" الإسرائيلي. ووصف التهديدات التي تعرضت لها عضو حزب "يمينا" الإسرائيلي بـ"الأكثر رعبا"، مشيرا إلى أن "التهديدات طالت زوجها وأطفالها وأجبرتها على الاستقالة"، لافتا إلى أن "الشيء الرئيس الذي نحتاج إلى التعامل معه في الوقت الحالي هو استقرار حزب يمينا والتحالف الحكومي"، مؤكدا أن "جميع قادة التحالف مهتمون باستمرار الحكومة الحالية". وتشكل الائتلاف الحاكم في يونيو 2021 من 8 أحزاب غير متجانسة من اليمين واليسار والوسط، وأسدل الستار على 12 عاما متواصلة من حكم حزب "الليكود" بقيادة نتنياهو. وحذّر بينيت من أن "البديل للائتلاف الحكومي الحالي هو المزيد من الانتخابات للكنيست الإسرائيلي وربما جولات متعددة من الانتخابات"، معتبرا أن "ذلك يعيد إسرائيل إلى أيام عدم الاستقرار". ويأتي ذلك، في الوقت الذي أكدت فيه هيئة البث الإسرائيلية الرسمية "كان" أن الشرطة قررت رفع مستوى الأمن حول عضو الكنيست عيديت سليمان، وذلك عقب تلقيها تهديدات بزعم أنها أطاحت بحكومة التغيير الحالية، وأنه تقرر أن يرافقها حارس أمن اعتبارا من اليوم (الأربعاء). وبررت سيلمان انسحابها بالقول "لم أعد أحتمل أكثر (..) لا أستطيع الاستمرار في إلحاق الضرر بالهوية اليهودية لدولة إسرائيل"، وفق وسائل إعلام محلية. وكانت تشير إلى خلاف مع وزير الصحة نيتسان هوروفيتش، حول السماح بإدخال الخبز "المخمر" إلى المستشفيات خلال عيد الفصح اليهودي، الذي يبدأ الأسبوع القادم. وتمنع الشريعة اليهودية استخدام "الخميرة"، التي تضاف إلى الخبز، خلال عيد الفصح الذي يستمر لمدة أسبوع. وابتهج نتنياهو بقرار سيلمان الانسحاب من الائتلاف الحاكم، لأنه يفتح الباب أمام إمكانية عودته على رأس حكومة جديدة، بعدما أسدل الائتلاف الحالي الستار على 12 عاما قضاها نتنياهو رئيسا للوزراء. ووفق صحيفة "هآرتس" قطع نتنياهو وعدا لسيلمان بأن يتم تعيينها وزيرة للصحة في حال شكّل "الليكود" الحكومة. ومثّل انسحاب النائبة ضربة موجعة للائتلاف الذي بات لديه 60 نائبا (من أصل 120)، ما يعني أنه فقد الأغلبية لسن وتمرير القوانين بالكنيست. وأمام الائتلاف سيناريوهات، منها أن يلحق بسيلمان نائب آخر من الائتلاف، ليصبح لدى المعارضة أغلبية 61 نائبا يؤيدون حل الكنيست وإجراء انتخابات مبكرة، وهو ما يعمل نتنياهو عليه حاليا. أو أن يتم دعم الائتلاف من "القائمة العربية المشتركة" كي يستمر في العمل، وهو أمر يبدو مستبعدا فأحزاب يمينية في الائتلاف، وبينها "يمينا" نفسه، غير مستعدة لتلقي الدعم من القائمة العربية. ويوجد سيناريو آخر وهو استمرار الائتلاف مع حالة من الشلل، بمعنى أنه لن يتمكن من سن أو تمرير قوانين لخسارته الأغلبية. لكنه في هذه الحالة سيصطدم بموعد تمرير الميزانية نهاية مارس 2023، حيث سيتم حله تلقائيا في حال عدم إقرار الميزانية.
مشاركة :