تحليل إخباري : أزمة انتخاب رئيس الجمهورية تدخل العراق بانسداد سياسي

  • 4/8/2022
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

دخل العراق في أزمة سياسية خانقة وانسداد سياسي منذ عدة أسابيع بسبب أزمة انتخاب رئيس الجمهورية وتعمقت هذه الأزمة بعد إعلان الزعيم الشيعي البارز مقتدى الصدر إعطاء مهلة لمدة 40 يوما لقوى الإطار التنسيقي التي تضم أغلب الأحزاب الشيعية لتشكيل الحكومة الجديدة. وبدأت بوادر الأزمة بعد إعلان نتائج الانتخابات المبكرة التي جرت في العاشر من أكتوبر الماضي والتي حصل فيها التيار الصدري على المركز الأول بـ 73 مقعدا في البرلمان والذي أعلن زعيمه سعيه لتشكيل حكومة أغلبية وطنية في محاولة منه لإنهاء المحاصصة الطائفية. ولتحقيق هدف تحالف الصدر مع تحالف السيادة السني بزعامة خميس الخنجر والحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني اصبح لدى هذا التحالف الذي اطلق عليه انقاذ وطن 174 مقعدا برلمانيا من أصل 329 ونجح في انتخاب مرشح تحالف السيادة محمد الحلبوسي رئيسا للبرلمان في التاسع من يناير الماضي، وأعلن فيما بعد ريبر أحمد مرشحا لمنصب رئيس الجمهورية وجعفر الصدر مرشحا لرئاسة الحكومة. وحسب الدستور العراقي فإن على البرلمان انتخاب رئيس الجمهورية خلال 30 يوما من انتخاب رئيس البرلمان، لكن الخلافات حالت دون ذلك وما عقد الأمور أكثر قرار المحكمة الاتحادية العليا الذي اشترط حضور ثلثي أعضاء البرلمان جلسة انتخاب رئيس الجمهورية ما أدى لفشل البرلمان عدة مرات بعقد جلسة يتوفر فيها النصاب القانوني لانتخاب الرئيس. ويعود سبب فشل البرلمان إلى الخلافات السياسية بين الكتل السياسية وخاصة الشيعية منها، حيث يصر الصدر على تشكيل حكومة أغلبية وطنية فيما يعارض الإطار التنسيقي ذلك ويطالب بتشكيل حكومة توافقية كما جرت عليه العادة بعد عام 2003. وانتهت قبل يومين المهلة التي حددتها المحكمة الاتحادية للبرلمان لعقد جلسة وانتخاب رئيس الجمهورية، ما أدى إلى حصول خرق دستوري وفقا لخبراء القانون ما سيعقد المشهد العراقي أكثر. وقال المحلل السياسي علي الموسى لوكالة أنباء ((شينخوا)) "نتابع بقلق أوضاع العراق السياسية، برغم أن فقهاء القانون يقدرون تسامح المحكمة الاتحادية مع المدد الدستورية في ظل الأزمة الحالية لضمان عدم تعطيل مؤسسات الدولة بإعتبارها أهم من الخروقات دستورية". وأضاف "أن عدم انتخاب رئيس الجمهورية هو نتيجة استمرار الخلافات بين رافضي تأثيرات الخسارة في الانتخابات، والفائزين فيها والذين ذهبوا باتجاه الفضاء الوطني، وطبعا هذا التوجه مرفوض من قبل المتمسكين بالمحاصصة والتي تخدم أجندات خارجية أكثر من منفعتها الوطنية". وعزا الموسى سبب عدم تمكن البرلمان من انتخاب رئيس الجمهووية إلى "الخلاف الشيعي- الشيعي والخلاف الكردي-الكردي)، لأن بعض الفاعلين على المسرح السياسي من الشيعة يحاولون المحافظة على هيمنتهم الطائفية". وأكد أن الصدر يصر على تشكيل حكومة أغلبية بسبب التجارب الخاسرة على مدى 18 السنة الماضية لذلك يحاول مع شركائه التخلص من التمترس الطائفي والانصياع للاعبين الخارجيين. وتابع " أن توجه الصدر يصطدم بإصرار الإطار التنسسيقي على تشكيل حكومة مبنية على التوافقات لأن جوهر الخلاف لايزال يكمن في أن تكون الكتلة الأكبر هي من تسمي رئيس الوزراء وليس التحالف الثلاثي لأن المنصب من حصة البيت الشيعي". ووصف الموسى مهلة الصدر البالغة 40 يوما التي منحها للإطار، بأنها مناورة سياسية كونه متأكد من أن الإطار لن ينجح في تشكيل الحكومة وبذلك يمنع خصمه الشخصي نوري المالكي رئيس الوزراء الأسبق من المشاركة في الحكومة المقبلة. ولم يستبعد الموسى حل البرلمان والذهاب إلى انتخابات مبكرة، للخروج من الانسداد السياسي، بالرغم من مخاطر هذه الخطوة على استقرار العراق ووحدته. وكان فائق زيدان رئيس مجلس القضاء الأعلى العراقي ذكر في مقالة نشرها مؤخرا على الموقع الرسمي للمجلس أن البرلمان لم يتمكن من انتخاب رئيس الجمهورية بسبب عدم الاتفاق السياسي بين الأحزاب والقوى السياسية المكونة له، مقترحا تعديل الدستور لمنع وقوع انسداد سياسي مستقبلا. بدوره قال الدكتور ناظم علي عبدالله الخبير لدى المنتدى العربي لتحليل الدراسات الاستراتيجية لـ ((شينخوا)) "إن إصرار الصدر على تشكيل حكومة أغلبية وطنية بعيدا عن الأحزاب الشيعية ومطالبته بدمج الحشد الشعبي ضمن القوات الأمنية وحصر السلاح بيد الدولة شكل نقطة صادمة لتلك الأحزاب ودفعها إلى رفض حكومة الأغلبية لأنها شعرت أن الصدر يريد تصفية حسابات قديمة معها وخاصة مع المالكي". واوضح ان اعلان تحالف انقاذ وطن بانه الكتلة الاكبر في البرلمان دفع الاحزاب الشيعية الى الاصطفاف فيما بينها مع بعض المناهضين لحلفاء الصدر من السنة والاكراد وبعض المستقلين لتشكيل الثلث المعطل في البرلمان والذي يمنع عقد جلسة انتخاب رئيس الجمهورية. وأضاف "في ظل الانسداد السياسي وغياب الحلول التوافقية وما يرافقه من وضع إقليمي ودولي معقد مع اشتداد الحرب في أوكرانيا وإعلان لبنان عن إفلاسها، فلا أحد يستطيع أن يتنبأ بما يحدث مستقبلا مع تراجع الدور الإايراني الذي يتمكن من فرض الحلول على الأطراف الشيعية وتشكيل حكومة جديدة". وشدد عبد الله على أن المشكلة الحقيقة في العراق تكمن في الصراعات الإقليمية وليس في قادة الكتل أنفسهم ، مضيفا "أن التوافقات والحلول تأتي من الخارج وليس من الداخل وهذا ما اعتادت عليه الكتل السياسية العراقية طيلة الفترة الماضية". وربط عبدالله بين الانسداد السياسي والأزمة العراقية مع الاجتماعات في فيينا بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية وبقية القوى الدولية الكبرى بخصوص الملف النووي الإيراني. وقال "إن الأزمة في العراق قد تطول ولاسيما إن إيران إذا لم تحصل على إجابات واضحة في اجتماعات فينيا فإنها قد تحاول استخدام الورقة العراقية في هذه المفاوضات والحصول على مكتسبات مقابل السماح بتمرير الحكومة العراقية الجديدة".

مشاركة :