تزايد منسوب القلق الممزوج بالتحذيرات من قبل المنظمات الدولية بسبب تواصل الارتفاع القياسي لأسعار السلع الأساسية والضرورية في الأسواق الدولية، مما سيفاقم معضلة توفير الغذاء للملايين من الناس في العالم. وذكرت الأمم المتحدة الجمعة أن أسعار السلع الغذائية، مثل الحبوب والزيوت النباتية، وصلت إلى أعلى مستوياتها الشهر الماضي بسبب الحرب الروسية – الأوكرانية و”اضطرابات الإمدادات الهائلة” التي تسببها. وقالت منظمة الأغذية والزراعة (فاو) في بيان نشرته على حسابها في تويتر إن الأسعار “بلغت أعلى المستويات على الإطلاق في مارس الماضي علي خلفية الحرب الروسية – الأوكرانية وعرقلة صادرات القمح والحبوب”. جوزيف شميدهوبر: الأسعار المرتفعة للغاية تتطلب إجراءات عاجلة وبلغ مؤشر أسعار الغذاء، الذي يتتبع التغيرات الشهرية في الأسعار الدولية لسلة من السلع، في المتوسط 159.3 نقطة الشهر الماضي بزيادة 12.6 في المئة عن فبراير الماضي والذي كان المؤشر خلال ذلك الشهر في أعلى مستوى منذ إنشائه في عام 1990. وقالت فاو إن “الحرب في أوكرانيا كانت مسؤولة إلى حد كبير عن زيادة بنسبة 17.1 في المئة في أسعار الحبوب، بما في ذلك القمح وأنواع أخرى مثل الشوفان والشعير والذرة”. وتظهر التقديرات أن روسيا وأوكرانيا تمثلان معا حوالي 30 في المئة و20 في المئة من صادرات القمح والذرة العالمية، على التوالي. وقال جوزيف شميدهوبر نائب مدير قسم الأسواق والتجارة في منظمة الأغذية والزراعة خلال مؤتمر صحافي في جنيف إنه بالرغم من أنه يمكن التنبؤ بذلك في ضوء الارتفاع الحاد في شهر فبراير 2022 إلا أن السعر “مرتفع حقا”. وأضاف “من الواضح أن هذه الأسعار المرتفعة للغاية للمواد الغذائية تتطلب اتخاذ إجراءات عاجلة”. وتتفق بيانات منظمات أممية ودولية تُعنى بمجال توفير الغذاء ومحاربة الفقر والجوع في العالم على أن أسعار السلع الغذائية ظلت ترتفع بشكل مطرد منذ يونيو 2020، تاركة الحكومات تغرق في مأزق كبير، خاصة بعد تضرر الدول من قيود الإغلاق التي فرضتها بهدف تطويق الأزمة الصحية. وبسبب الأزمة في أوكرانيا كانت أكبر الزيادات في الأسعار للزيوت النباتية حيث ارتفع مؤشر هذه السلعة بنسبة 23.2 في المئة، مدفوعا بارتفاع أسعار زيت بذور عباد الشمس، والتي تعتبر أوكرانيا المصدر الأول لها على مستوى العالم. وفي الوقت ذاته ارتفعت أسعار زيوت النخيل والصويا واللفت بشكل حاد وذلك على وقع زيادة الطلب العالمي على الواردات بسبب الاضطرابات في المعروض من زيت عباد الشمس. وأوضح شميدهوبر أن “هناك بالطبع اضطرابا كبيرا في الإمدادات وهذا الاضطراب الهائل في الإمدادات من منطقة البحر الأسود أدى إلى ارتفاع أسعار الزيوت النباتية”. الجائحة ألقت بقرابة 20 مليون شخص في براثن الفقر المدقع خلال 2021 وقال إن المزيد من “الأسعار تأخذ منحى تصاعديا مثل الأرز ومنتجات الألبان والسكر”. وسبق أن تعالت أصوات محذّرة من أن يتسبب التدخل العسكري الروسي في أوكرانيا في تقلب وارتفاع أسعار المواد الغذائية، ما قد يعرض شعوب منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إلى “مجاعة شديدة”. ووفقا لوزارة الزراعة الأميركية ارتفعت أسعار المواد الغذائية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إلى أعلى مستوياتها منذ عشر سنوات. ويرجح خبراء أن تؤدي المزيد من الخسائر داخل الأسواق المحلية في العديد من البلدان إلى تراجع ما لدى السكان من مبالغ نقدية لشراء الغذاء، في الوقت الذي يسبّب فيه تعطل الإمدادات نقصا كبيرا في السلع والبضائع وهو ما سينجر عنه انفلات أكبر في الأسعار. ويهدّد تفاقم الجوع في العالم، والذي زاد بواقع 18 في المئة خلال العام الماضي وحده وهو الأكبر منذ 15 عاما على الأقل، أكثر من أي وقت مضى الهدف الذي حدّدته الأمم المتحدة والمتمثل في القضاء عليه في عام 2030. ووفق مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة ألقت الجائحة بقرابة 20 مليون شخص في براثن الفقر المدقع خلال 2021.
مشاركة :