انتخابات مايو تهدد فرص لبنان للاتفاق مع صندوق النقد

  • 4/9/2022
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

يظهر الساسة اللبنانيون في العلن أنّهم يدعمون التسريع بالاتفاق مع صندوق النقد الدولي من أجل الحصول على مساعدات عاجلة لإنقاذ الاقتصاد المتهاوي، لكنّهم لا يأبهون إن كان هذا الاتفاق يمكن أن يتم أو لا، ولا أحد منهم قدّم مبادرة لتسريع هذا الاتفاق الذي قد يتأخّر إلى ما بعد انتخابات مايو القادم التي قد تفضي إلى فراغ جديد يعرقل فرصة الاتفاق. وقال عضوان في مجلس النواب إن لبنان لن يكون قادرا على تنفيذ الكثير من الإصلاحات التي يريدها صندوق النقد الدولي، إن كان سينفذ شيئا منها، كشرط لإبرام اتفاق تمويل قبل الانتخابات، مما يعني أن شهورا قد تمر دون اتخاذ إجراء، ذلك لأن هذه الانتخابات قد يتبعها مأزق سياسي. وكان صندوق النقد الدولي قد أعلن الخميس مسودة اتفاق التمويل، لكنه قال إن مجلس إدارته لن يقرّر ما إذا كان سيوافق عليها حتى تسن بيروت مجموعة من الإصلاحات بما في ذلك إجراءات تعجز القوى الحاكمة عن تنفيذها منذ فترة طويلة. وينظر على نطاق واسع إلى اتفاق صندوق النقد الدولي على أنه سبيل لبنان الوحيد لبدء الخروج من الانهيار المالي والاقتصادي الذي يمثل أكبر أزمة قوّضت استقراره منذ الحرب الأهلية التي دارت بين عامي 1975 و1990. نيقولا نحاس: البرلمان قد يوافق على قانون وضع ضوابط استثنائية ومؤقتة على التحويلات المصرفية والسحوبات النقدية وقانون الموازنة قبل الانتخابات وفي حين أشاد القادة اللبنانيون بالاتفاق المبدئي وقالوا إنهم مستعدون لإنجاحه، شكك محللون كثيرون في إقدام الأطراف المتعنتة بلبنان على إصلاحات ظلت تجد عزوفا أو صعوبة في الاتفاق عليها. ويُنظر إلى الانتخابات على أنها عقبة أخرى أمام تنفيذ الاتفاق. وبعد الانتخابات سيتعين تشكيل حكومة جديدة، وهي عملية تمتد عادة لشهور طويلة. وأشار نيقولا نحاس، أحد كبار المشرّعين ومستشار رئيس الوزراء نجيب ميقاتي، إلى أنه لم يتبق سوى أسابيع قليلة قبل الانتخابات وإلى انشغال النواب بحملاتهم الانتخابية. وعن الإصلاحات قال “لم يكن من المفترض أن يتم ذلك في غضون أسابيع قليلة، ولن يقول أيّ شخص جاد إنه ينبغي القيام به في هذا الإطار الزمني”، مضيفا أن البرلمان قد يوافق على قانون وضع ضوابط استثنائية ومؤقتة على التحويلات المصرفية والسحوبات النقدية (الكابيتال كنترول) وقانون الموازنة قبل الانتخابات. وأضاف “الاتفاق هو نوع من المعايير لما يجب أن يأتي بعد الانتخابات. لذلك، بعد الانتخابات سيبدأ البرلمان في دراسة هذه الإجراءات بسرعة وبعد ذلك سنرى كيف نمضي قدما”. وقال نحاس ونائب آخر هو ياسين جابر من حركة أمل وهي حركة رئيس مجلس النواب نبيه بري إن من المحتمل أن يوافق البرلمان على قانون مراقبة رأس المال وقانون الميزانية قبل الانتخابات. وأوضح جابر أن الحكومة لم تعمل على بقية القائمة. وقال “عليهم أن يؤدوا واجبهم ويرسلوها إلى مجلس النواب ولا أعتقد أن الوقت سيسمح بذلك”. وأضاف “المعضلة الكبرى هي ما سيحدث في السادس عشر من مايو… إذا انتهى الأمر بفراغ (في السلطة)، فستكون مشكلة”. وقبل إحالة الاتفاق إلى مجلس إدارة صندوق النقد الدولي، قال الصندوق إن السلطات وافقت على استكمال إجراءات تشمل موافقة مجلس الوزراء على إعادة هيكلة البنوك التي تعترف بالخسائر الكبيرة في القطاع وتعالجها، مع حماية صغار المودعين والحد من اللجوء إلى الموارد العامة. وقال آندرو تابلر، الزميل في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، إن الخطوتين تعكسان نفس الشيء “ألا وهو أن القلق من حدوث انهيار للدولة اللبنانية يتزايد في الغرب وفي المنطقة”. الانتخابات التشريعية عقبة أخرى أمام تنفيذ الاتفاق، فبعد الانتخابات سيتعين تشكيل حكومة، وهي عملية تمتد عادة لشهور وأضاف “أشك أن (السياسيين اللبنانيين) سيتخذون الخيارات الصعبة. هم عادة لا يفعلون”. واعتبر مايك عازار الخبير في الشؤون المالية في لبنان أن الصفقة تفتقر إلى التفاصيل بما في ذلك أيّ حلول، وسيجري الترويج لها بين الناخبين على أنها “نصر بينما هي في الواقع بيان نوايا غير ملزم لا يرافقه شيء ملموس”. وأشار إلى أنه “من المؤسف أن صندوق النقد الدولي وافق على منح الحكومة نصرا أجوف قبل الانتخابات مباشرة”. وكانت النخبة السياسية والمالية في لبنان على خلاف حول مثل هذه الخطة لمدة عامين، لاسيما مسألة كيفية توزيع حوالي 70 مليار دولار من الخسائر بين البنوك والدولة والمودعين. وقال حاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامة الجمعة إنه يأمل في تلبية شروط صندوق النقد الدولي وإن المصرف المركزي “تعاون وسهّل مهمة الصندوق، واصفا الاتفاق بأنه “حدث إيجابي للبنان”. وقال سلامة لرويترز “الاتفاق مع صندوق النقد الدولي سيسهم في توحيد سعر الصرف”. ورحبت جمعية مصارف لبنان بتوقيع الاتفاق المبدئي بين الحكومة وصندوق النقد الدولي على مستوى الخبراء فيما يمهد الطريق لحزمة إنقاذ مالي مقابل مجموعة من الإصلاحات. وقالت الجمعية في بيان إنها تتوقع أن تشمل الخطة “توزيعا عادلا” للخسائر التي يتكبّدها القطاع المصرفي على الحكومة ومصرف لبنان المركزي بهدف تعزيز عملية استعادة المودعين لودائعهم. وتقول البنوك منذ زمن طويل إن الحكومة والبنك المركزي يجب أن يتحملا نصيب الأسد من الخسائر. ودعا صندوق النقد الدولي في بيانه الخميس الذي أعلن فيه عن مسودق الاتفاق إلى “الحد من اللجوء إلى الموارد العامة”. وقال غولدمان ساكس إن الإصلاحات صعبة اقتصاديا وسياسيا “لكن ليس أكثر من إعادة هيكلة البنوك المحلية من وجهة نظرنا”. وأضاف في مذكرة “توزيع الخسائر بين الحكومة ومساهمي البنوك والمودعين هو سؤال ينطوي على تحديات سياسية ومن غير المرجح أن يتم حله بسهولة (أو بسرعة) من وجهة نظرنا”. وقال إن الاتفاق “خطوة مهمة إلى الأمام”، لكنه تلويح بشيء مأمول “أكثر من كونه وعدا بمساعدة على المدى القريب”. ويريد المانحون أن يعالج لبنان الأسباب الجذرية للأزمة بما في ذلك هدر الدولة والفساد، قبل الإفراج عن المساعدات. ورحبت الولايات المتحدة بالاتفاق وحثت بيروت على إجراء إصلاحات. ووصفته فرنسا بأنه “خطوة أولى مهمة”. وربط البطريرك بشارة بطرس الراعي عقب لقائه بالرئيس ميشال عون اتفاق صندوق النقد الدولي بعودة المبعوثين الخليجيين قائلا إن الخطوات “يكمل بعضها بعضا”. وتابع “هذا الأمر يصبّ في الاتجاه ذاته، خصوصا وأن دول هذا المجلس تعبر دائما عن استعدادها للوقوف إلى جانب لبنان ومساعدته، إذا ليس هناك تناقض بل تكامل”.

مشاركة :