جمع «مركز الملك عبد العزيز الثقافي العالمي (إثراء)» مذاقات القهوة بمختلف مناطق السعودية في «مجلس تعاليل»، الذي أقامه خلال شهر رمضان، وذلك تزامناً مع «عام القهوة السعودية»، وبهدف تعزيز مكانتها بوصفها موروثاً ثقافياً وعبقاً من الماضي. ووسط أجواء رمضانية، تمكن الزوار من فرصة لاختبار مذاقات القهوة المختلفة، مثل القهوة الجنوبية والحساوية والنجدية والحجازية والشمالية، مما أتاح فرصة التعرف على ارتباطها بالعادات والتقاليد وقيم الكرم والضيافة، بعد أن أصبحت رمزاً وعلامة ثقافية تتميز بها المملكة، سواء في زراعتها أو طرق تحضيرها إلى مرحلة إعدادها وتقديمها للضيوف. واستهل «مجلس تعاليل» أولى جلساته التي أقيمت في حديقة «إثراء»، بسرد تاريخ القهوة على مر العصور، حيث سرد ضيف الجلسة، وهو أديب وناقد، ومؤلف كتاب «غواية الاسم - سيرة القهوة وخطاب التحريم» الدكتور سعيد السريحي، السجالات التاريخية لـ«القهوة»، وما لها من تأثير في عصرنا الحالي، واصفاً أماكن القهوة المتراصة ومراكز بيعها بأنها «بلا ذاكرة». ووصف السريحي، خلال حديثه الذي استمر زهاء ساعتين، القهوة بأنها كانت الجسر الذي يربط بين الأمم، مستعرضاً تاريخها بمنأى عن القهوة المنتشرة في الوقت الحالي، فالآيديولوجية التي تفوح منها رائحة القهوة ترتكز على الدلائل والروايات والمعنى التي تحيل إليه، لا سيما أنه في اكتشافها حكايات ترتقي إلى مقام التقدير؛ لارتباطها بمضمار الفكر الديني، مبيناً: «في القهوة سر. يمتد تاريخها بين غايات عدة، بعيداً عن الجانب الوثائقي، وإنما تتعمق بزوايا الروايات». وللقهوة حكايات موغلة على مر العصور، ولطالما كانت نبتة ارتبطت بالعديد من الروايات العربية والإنجليزية، والسريحي أشار إلى أنها نبتة لا يدرك سرها إلا من أبحر في حيثياتها، موضحاً أن «القهوة محاطة بهالة الروحانية، ومع مرور الأيام خرجت عن بيئتها وباتت أمراً اعتيادياً بين الناس، بيد أن التاريخ يكشف أسرارها ومدى علاقتها بما حولها»، وتابع السريحي حديثه وسط أجواء رمضانية أعادت نبض الجلسات التاريخية، حيث ازدان المكان بالنقوش والزخارف التراثية، مستفيضاً بذاكرة الكتب المليئة بالحقائق التاريخية وأماكن ظهور القهوة والعلاقة الوثيقة بين هويتها والمهتمين بها.
مشاركة :