أخيراً وجد هـشـام، الـطالب فـي جامعة مؤته بمدينة الكرك (150 كلم جنوب العاصمة عمان)، ضالته في العمل في الجامعة للحصول على الأقساط من دون ان يعرض نفسه للسؤال وطلب المساعدة، سواء من اعمامه الأربعة الذين اعتاد منذ سنتين اقتراض الأقساط منهم، او الجمعيات الخيرية التي كان يخطط للذهاب اليها وشرح وضعه الإنساني علها تمنحه قرضاً ميسراً. فهشام الذي يعيش أوضاعاً اقتصادية صعبة في كنف جده بعدما توفي والده وتزوجت أمه من رجل آخر رفض التكفل به، ظل يراقب لوحة الإعلانات على مدخل كلية الآداب. وغالباً ما تعرض تلك اللوحة كل النشاطات الثقافية والترفيهية التي يتابعها هشام خصوصاً لقاءات الأدب والشعر التي تعقد في الكلية في الفترة المسائية. وذات يوم وقعت عيناه على إعلان للجامعة تطلب فيه ممن لا يستطيعون تسديد أقساطهم الجامعية بسبب سوء الحال، مراجعة عمادة شؤون الطلاب من اجل الحصول على عمل، شريطة إثبات الظروف المالية الصعبة. لم تسع الفرحه هشام الذي راح ينتظر بزوغ فجر اليوم التالي، للذهاب الى «العمادة» من اجل تقديم طلب. وكم كان محظوظاً بالحصول على عمل في مكان يحبه جداً هو مكتبة الجامعة، حيث كان يمضي أوقاتاً طويلة يقرأ الشعر والأدب. ويقول هشام ان العمل في المكتبة مناسب جداً له ويقضي بترتيب الكتب التي يبقيها الطلاب على الطاولات بعد مطالعتها او تصنيف الجديدة منها وفق اختصاصها ونوعها. وما ساعده في ذلك دورة مجانية في العمل المكتبي كان تابعها في وقت سابق ووجد اليوم فرصة ممتازة لتطبيق ما اكتسبه فيها من مهارات. ويقول هشام: «الدوام في المكتبة مرن ويتوافق مع جدول دراستي وما سأحصل عليه من مال لقاء هذا العمل يكفي لتغطية الأقساط الجامعية والمواصلات، لا بل أيضاً يتعدى ذلك الى وجبة غداء في كافتيريا الجامعة والتي كنت محروماً منها بسبب خواء جيبي». ويضيف بأن زملاء له يعيشون ظروفاً مشابهة إن لم يكن أسوأ بدأوا العمل في الجامعة في مجالات مختلفة مثل الحدائق والمطاعم وغيرها، مؤكداً ان هذه الفرصة من اهم الفرص التي منحت له في حياته. ويعتبر عميد شؤون الطلاب في جامعة مؤتة الدكتور سليمان الصرايرة ان هذه الفكرة تأتي من باب حرص الجامعة على تقديم المساعدات المختلفة لطلابها وخصوصاً الطلاب الفقراء منهم اضافة الى المتميزين من خلال برنامج تشغيل الطلاب. وشرح الصرايرة ان البرنامج يهدف الى تنمية الحس بالمسؤولية تجاه الجامعة وتفادي الحرج في تلقي المساعدة التي تحولت الى اجور بدلاً من مساعدات، لافتاً الى ان العمادة عملت على تشغيل حوالى 350 طالباً وطالبة كخطوة أولى بكلفة 45 ألف دينار (نحو 60 ألف دولار) ووفق برنامج من العدالة بين الطلاب يراعي الظروف الاقتصادية لأسرهم. ولفت الى ان برنامج التشغيل يوفر فرصة عمل للطلاب داخل الجامعة مقابل اجر، مشيراً الى ان عمل الطلاب يتوزع على مختلف مرافق الجامعة الأكاديمية والإدارية ويشمل مساعدة العاملين بمختلف الوظائف وخصوصاً المكتبة والكليات وعمادة شؤون الطلاب. وأشار الصرايره الى اهمية تعميق مفاهيم الانتماء والحس الوطني لدى طلاب الجامعة وإشغال أوقات فراغهم بما يخدم الأهداف التعليمية والتنموية، ويرسخ حضورهم على خريطة التنمية المجتمعية، ويعزز بناء القاعدة الجامعية المتوازنة ما بين كل أطرافها الممثلة برئاسة الجامعة وهيئتها التدريسية والإدارية والطلاب في سبيل الحفاظ على الجسم الطالبي في جامعة مؤتة ضمن التطلعات التعلمية والتنموية والأمنية المنشودة. وأشار إلى استقبال الجامعة هذا العام ستة آلاف طالب وطالبة جدد ليرتـفع معهم العـدد الإجـمالي الى 22 ألف طالب وطالـبة مـا يحـتم على الجامعة البحث عن تـوفـير كل المقومات والـبيئات التعــليـمية ســيما أنها أكـثـر الجـامعات الأردنيـة التي بـاتـت موسـومة بـأعمال العنف الطالبي.
مشاركة :