أشار الأمين العام لمركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني؛ الدكتور عبد الله الفوزان، إلى أن كثيراً من المشكلات التي تواجه الأسرة والمجتمع في وقتنا الحاضر ترجع إلى افتقاد الحوار بين أفراد الأسرة وقت تزداد الحاجة فيه إلى التواصل والحوار بينهم، خاصة في هذا العصر الذي يشهد تسارُعا غير مسبوق على كافة الصعد، إضافة إلى تدفُّق المعارف والمعلومات عن طريق انتشار وسائل التواصل الاجتماعي والتطبيقات الإلكترونية، وهو ما يجعل أفراد الأسرة في حالة انشغال دائم، مما يغيب فرص الحوار والجهل بحال الطرف الآخر، وبالتالي نشوء العديد من الظواهر السلبية في صفوف الشباب كالانحراف والتطرف والمعاكسات والتَّفحيط والاكتئاب والمشكلات الدراسية وغيرها الكثير. جاء ذلك في المحاضرة التي نظّمها مركز التميز بمؤسسة الملك عبدالعزيز ورجاله للموهبة والإبداع (موهبة)، اليوم، تحت عنوان " الأسرة ورعاية الموهبة"، ضمن فعالية "فوانيس موهبة" في دورتها الثالثة والتي عُقدت افتراضيا، بحضور نخبة من الخبراء والمتخصصين، سلط فيها الفوزان الضوء على أهمية الحوار الأسري، باعتباره اللَّبنة الأهم في التواصل بين أفرادها، مبينا أنه يعـد أساس قيام الحياة الأسرية وضمانة لاستقرارها، ولا تنهض المجتمعات إلا عندما تكون هناك أسر متماسكة ومتفاهمة، وتسود بين أفرادها روح الحوار والتآلف وتتلاشى الخلافات، وتنمو مشاعر المودة. وأكد الأمين العام على الدور الكبير الذي يضطلع به الحوار الأسري في تعزيز منظومة القيم الاجتماعية في المجتمع، مبينا أن الحوار عندما يتواجد بصورة متواصلة بين أفراد الأسرة تترسخ قيم الحوار لدى الأجيال من أجل تعزيز الاستقرار وإشاعة ثقافة التسامح والتعارف والتفاعل، وتقبُّل رأي الآخر، والتعايش معه ومن ثم التَّآلف والانسجام وبناء علاقة وُدِّيَّة، مشيرا إلى أن الحوار الأسري الرشيد يقوي النسيج المجتمعي ويرسَّخ قيم التلاحم والانتماء والولاء للوطن. واستعرض الفوزان جهود مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني في نشر وتعزيز ثقافة الحوار بين أفراد الأسرة، وذلك من خلال عدد من الفعاليات والبرامج، ومنها برنامج الحوار الأسري الذي يعد من أهم البرامج التي يقدمها المركز، مستهدفا من خلاله نشر المفاهيم الثقافية والقيم الاجتماعية للحوار الأسري، وذلك عبر الدورات والحقائب التدريبية والبرامج التثقيفية الحوارية، إضافة إلى الإصدارات واتفاقيات الشراكة التي يهدف من خلالها إلى ترسيخ قيم الحوار لدى الأجيال من أجل الاستقرار ومن أجل إشاعة ثقافة التسامح والتعارف والتفاعل، وتقبُّل رأي الآخر، والتعايش معه ومن ثم التَّآلف والانسجام والتلاحم، وبناء علاقة وُدِّيَّة. وشدد الفوزان على أهمية اضطلاع الأسرة بدورها في غرس ثقافة الحوار في نفوس الأبناء منذ الصغر وتعويدهم على الحوار، مما سينعكس إيجاباً على اتجاهاتهم وسلوكهم في تعاملهم مع الآخرين في المجتمع، وبالتالي التأسيس لحوار مجتمعي واعد يحقق الأمن والاستقرار، ويساعد على تشكيل قاعدة قوية للتعايش المجتمعي وتقبُّل الثقافات الأخرى وقبول الرأي الآخر واحترام التنوع والوقاية من الوقوع في شرك الغلو والتطرف، مبينا أن الأسرة لكي تنجح في تحقيق أهدافها لا بد من بناء جسور التواصل الصادق بين أفرادها، حيث يشكل الحوار المفتوح بينهم الوسيلة المثلى لتلطيف الأجواء وسيادة روح المرح وخلق بيئة قائمة على التفاهم وإيجاد مزيد من نقاط الالتقاء والاتفاق في الرأي وتقبل الرأي الآخر برحابة صدر والعيش بمودة واطمئنان وتعاون، بعيدا عن التشنج والمشاحنة والخصومة.
مشاركة :