احتفلت مصر بتنصيب القاهرة عاصمة الثقافة لدول العالم الإسلامي، وذلك بعد عامين من التأجيل بسبب أزمة تفشي فيروس كورونا الجديد (كوفيد – 19)، وقررت زيادة عدد الفعاليات التي تعكس التراكم الحضاري والثقافي لعاصمتها العريقة. وذكرت وزارة الثقافة المصرية في بيان اليوم (الإثنين) أن وزيرة الثقافة إيناس عبد الدايم والمدير العام لمنظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة (إيسيسكو) سالم بن محمد المالك ومحافظ القاهرة اللواء خالد عبد العال، أطلقوا فعاليات الاحتفالات باختيار القاهرة عاصمة الثقافة لدول العالم الإسلامي، وذلك خلال احتفالية كبرى أقيمت على المسرح الروماني بسور القاهرة الشمالي، بحضور سفراء وممثلي الدول المشاركة في الفعاليات. وكانت مصر قد تسلمت خلال احتفال أقامته الإيسيسكو في ديسمبر 2019 بتونس، شعلة تنصيب القاهرة عاصمة للثقافة الإسلامية لعام 2020 خلفا للعاصمة التونسية، لكن تفشي فيروس كورونا دفع مصر إلى تأجيل الاحتفالات. وقالت عبدالدايم إنه سيتم تنظيم 149 فعالية إبداعية على مدار العام 2022 تجسد أهم معالم الهوية المصرية بمشتملاتها الثقافية والتراثية المتعددة. وكانت الوزيرة المصرية قد أعلنت في ديسمبر الماضي أنه سيتم تنظيم ما يقرب من 50 فعالية ثقافية وفنية وفكرية وإبداعية بمناسبة اختيار القاهرة عاصمة للثقافة الإسلامية، وهو ما يعني أن مصر قررت لاحقا زيادة عدد الفعاليات. وسوف يتم تنظيم معظم هذه الفعاليات في المواقع التاريخية والأثرية في القاهرة، وفقا لعبدالدايم. وأكدت أن اختيار القاهرة عاصمة الثقافة لدول العالم الإسلامي يمثل انطلاقة دولية جديدة للقاهرة في عام 2022 تقدم خلاله ثقافتها وحضارتها إلى العالم بأسره. وأضافت "نحتفي اليوم بالقاهرة المحروسة، فهي بلد الألف مئذنة وقاهرة المعز وساحرة الشرق، وجميعها أسماء وألقاب تشير لبقعة مضيئة في خارطة العالم تحمل شعلة الحضارة وأمجادا حية، وحاضنة تنوع ثقافي فريد قدمت للعالم نموذجا حضاريا في التعايش الإنساني حتى اليوم، فاستحقت أن تكون منارة الثقافة والتنوير عبر العصور". وأشارت الوزيرة المصرية إلى كنوز القاهرة التراثية التي تتمثل في آثار مادية متنوعة، منها القلاع والحصون والأسوار والمدارس، مثل قلعة صلاح الدين، ومدرسة الأشرف قايتباي، وخان الخليلي، ومسجد السلطان حسن، ومساجد آل البيت. وأوضحت عبد الدايم أن هذه الكنوز وغيرها عبرت عن التنوع الثقافي والفني للحضارات الإنسانية التي احتضنتها مصر على مر التاريخ. من جانبه، قال المدير العام لمنظمة الإيسيسكو إنه "عندما تكون القاهرة عاصمة للثقافة فإنها تربط أيضا أواصر العلاقات الثقافية والأدبية والعلمية مع دول العالم الإسلامي". وأشاد المالك بتاريخ القاهرة التي تعاقبت عليها الحضارات وظلت محتفظة بأهميتها وتراثها، معددا مفردات هذا التراث من الجامع الأزهر ودار الأوبرا ودار الكتب، وأسماء أبرز الكتاب والمفكرين الكبار الذين عاشوا على أرضها. بدوره، أكد محافظ القاهرة أن العاصمة المصرية غنية بتراثها ومبدعيها ومثقفيها وعلمائها، ووجه الشكر لمنظمة الإيسيسكو على اختيار القاهرة عاصمة الثقافة لدول العالم الإسلامي. وخلال الاحتفالية، أهدت وزيرة الثقافة المصرية الدرع التذكاري الخاص باحتفالات القاهرة عاصمة الثقافة لدول العالم الاسلامى للمدير العام لمنظمة الإيسيسكو. وجرى خلال الاحتفالية عرض الفيلم التسجيلي "القاهرة"، وهو من إنتاج قصر السينما تحت إشراف الفنان تامر عبد المنعم، وأوبريت "هنا القاهرة" من إنتاج الهيئة العامة لقصور الثقافة، وعرض لفرقة الحضرة للإنشاد الصوفي. وجرى على هامش الاحتفالية افتتاح معرض بعنوان "القاهرة عاصمة الثقافة في العالم الإسلامي في الوثائق المصرية"، والذي أعدته الهيئة العامة لدار الكتب والوثائق القومية. كما تم افتتاح معرض للكتاب بالتعاون بين الهيئة العامة للكتاب والهيئة العامة لقصور الثقافة والمركز القومي للترجمة، بالإضافة إلى معرض للفنون التشكيلية، وآخر لفنون الخط العربي. كما نظم الجهاز القومي للتنسيق الحضاري مسابقة بعنوان "تراثي" لتسليط الضوء على التراث المعماري الذي تمتلكه الدول الأعضاء في منظمة الإيسيسكو ورصد جماليات التراث المعماري الإسلامي وتفاصيله من خلال لوحات فوتوغرافية. كذلك أصدرت الهيئة القومية للبريد طابعا تذكاريا لتخليد مناسبة اختيار القاهرة عاصمة الثقافة لدول العالم الإسلامي، والتي تعكس المكانة المميزة للمدينة العريقة. وسوف تضم فعاليات اختيار القاهرة عاصمة الثقافة الإسلامية مجموعة متنوعة من الأنشطة الثقافية المعبرة عن الهوية المصرية الثقافية والتراثية، من بينها أمسية ثقافية حول "جماليات العمارة المملوكية.. مسجد السلطان حسن نموذجا"، ومعرض التصوير الفوتوغرافي عن "جماليات القاهرة التاريخية"، ومعرض "القاهرة في عيون فنانيها"، وعدد من المحاضرات والندوات حول العمارة الإسلامية. وستضم كذلك تنظيم مؤتمر دولي بعنوان "تراث القاهرة غير المادي في ألف عام"، وندوات عن الفلكلور المصري وتأثيره في دول العالم الإسلامي، وحفلات للإنشاد الديني والصوفي، وأوبريت غنائي استعراضي بعنوان "هنا القاهرة". وتأسست القاهرة منذ أكثر من ألف عام أثناء حكم الخلافة الفاطمية، وتم إدراج القاهرة التاريخية على قائمة التراث العالمي لكونها "واحدة من أقدم المدن الإسلامية في العالم"، بحسب منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو). وتحتوي القاهرة على حوالي 600 أثر إسلامي وقبطي ويهودي أغلبها من الآثار الإسلامية، حسبما صرح الدكتور أسامة طلعت رئيس قطاع الآثار الإسلامية والقبطية واليهودية بوزارة السياحة والآثار المصرية لوكالة أنباء ((شينخوا)) في وقت سابق.
مشاركة :