بدأ الرئيس الفرنسي المنتهية ولايته إيمانويل ماكرون ومرشحة اليمين المتطرف مارين لوبان اللذان يتواجهان في الرابع والعشرين من أبريل في الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية الفرنسية، الاثنين حملة محمومة لإقناع الناخبين غير المتحمسين لهذه المواجهة بالإضافة إلى الأصوات المجيرة. وركّز المعسكران على أهمية الأسبوعين المقبلين قبل الدورة الثانية من الانتخابات الفرنسية، التي تتوقع استطلاعات الرأي فوز الرئيس الحالي إيمانويل ماكرون فيها بفارق أصغر بكثير من الفارق بينه وبين لوبان في انتخابات 2017. وتصدر ماكرون نتائج الدورة الأولى الأحد بحصوله على 27 إلى 28 في المئة من الأصوات متقدما على لوبان التي حصلت على نسبة 23 إلى 24 في المئة. وأظهرت الاستطلاعات الأولى التي أجريت مساء الأحد حول نوايا التصويت في الدورة الثانية، تقدم ماكرون بحصوله على نسبة تراوح بين 51 في المئة و54 في المئة من الأصوات، وهي نسبة أدنى بكثير من التي حصدها العام 2017 حيث فاز بـ66 في المئة. وقال الناطق باسم الحكومة غابريال أتال عبر إذاعة “فرانس أنتر” الاثنين “هذا الفوز يجب أن نعمل بجهد لتحقيقه، لأن الأمر غير محسوم”. وكان ماكرون الذي دخل معترك الانتخابات متأخرا، تعرض لانتقادات لأنه لم يخض حملة فعلية في الدورة الأولى. غابريال أتال: ماكرون يعاني للتخلص من صورة رئيس الأغنياء وبعيد ذلك قال جوردان بارديلا، رئيس التجمع الوطني الذي تتزعمه لوبان، إنه على ثقة بأن مرشحة اليمين المتطرف ستتلقى دعما في صفوف “نسبة 70 في المئة صوتت” ضد الرئيس المنتهية ولايته. ودعا ثلاثة مرشحين يساريين لم يحالفهم الحظ في الدورة الأولى هم المدافع عن البيئة يانيك جادو (أقل من 5 في المئة من الأصوات) والشيوعي فابيان روسيل (2 إلى 3 في المئة) والاشتراكية آن إيدالغو (أقل من 2 في المئة)، فضلا عن مرشحة اليمين فاليري بيكريس، صراحة ناخبيهم إلى التصويت لصالح ماكرون. وينبغي على ماكرون ولوبان حشد الناخبين، فيما طبعت نسبة امتناع كبيرة بلغت 25.14 في المئة الدورة الأولى، مع انهيار تام للحزبين الرئيسيين في الجمهورية الخامسة اللذين سجلا أسوأ نتيجة في تاريخهما، مع حصول الديغولية بيكريس الفائزة بالانتخابات التمهيدية لليمين الفرنسي في الخريف الماضي على أقل من 5 في المئة من الأصوات، والاشتراكية إيدالغو على أقل من 2 في المئة. وسيضع المتأهلان إلى الدورة الثانية نصب أعينهما خصوصا استمالة ناخبي مرشح اليسار الراديكالي جان لوك ميلانشون، الذي حل ثالثا بحصوله على 22 في المئة من الأصوات تقريبا بفارق بسيط عن لوبان، وبات يظهر في موقع الحكم. وشدد ميلانشون زعيم “فرنسا المتمردة” مرارا الأحد على ضرورة عدم تجيير “أي صوت” لليمين المتطرف، من دون أن يدعو صراحة إلى التصويت لصالح ماكرون. وقد كرر المسؤول الثاني في حركته أدريان كانتينز الموقف نفسه صباح الاثنين، مضيفا أن “المسؤولية الكاملة عما سيحصل في الدورة الثانية تقع على عاتق الطرف الرئيسي فيها، إيمانويل ماكرون”. وأوضح أن اهتمام حزبه ينصب على الانتخابات التشريعية في يونيو و”فرض التعايش” على ماكرون. وبدأت الاثنين مطاردة أصوات ناخبي اليسار. فشدد أتال صباح الاثنين على سجل ماكرون على الصعيد الاجتماعي، موضحا “لقد بذلنا الكثير من أجل تقليص التباين”. لكن ماكرون يعاني صعوبة في التخلص من صورة “رئيس الأغنياء”. على الورق تتمتع مارين لوبان باحتياطي من الأصوات أقل بشكل ملحوظ عن ماكرون. فيمكنها الاعتماد على دعم مرشح اليمين المتطرف الآخر إريك زمور الذي حصل على 7 في المئة تقريبا من الأصوات. أما المرشح السيادي نيكولا دوبون – إينيان الذي حصل على 2 في المئة من الأصوات، فدعا إلى التصويت لمارين لوبان. فوز لوبان قد تكون له تداعيات دولية مهمة، نظرا إلى مواقفها المعادية للتكامل الأوروبي وتشكل المناظرة التلفزيونية محطة حاسمة في حملة الدورة الثانية التي تستمر أسبوعين. في العام 2017، أتت المناظرة كارثية للوبان التي بدت متوترة وغير ملمة جدا بالملفات، ما ساهم في هزيمتها أمام ماكرون. لكن هذه السنة تبدو ابنة جان ماري لوبان الذي كان أول من أوصل اليمين المتطرف في فرنسا إلى الدورة الثانية العام 2002، أفضل استعدادا. فقد خاضت مارين لوبان حملة على الأرض منذ البداية، ركزت خلالها على القوة الشرائية التي تمثل الشاغل الرئيسي للناخبين، في حين أن إيمانويل ماكرون الذي انشغل بالحرب في أوكرانيا، لم يشارك كثيرا في حملة الدورة الأولى. قد تكون لفوز لوبان تداعيات دولية مهمة، نظرا إلى مواقفها المعادية للتكامل الأوروبي، ورغبتها مثلا في سحب فرنسا من القيادة المتكاملة لحلف شمال الأطلسي “الناتو”. وسيمثل فوزها سابقة مزدوجة، فلم يسبق أن تولت امرأة الرئاسة الفرنسية. كما لم يحكم اليمين المتطرف البلاد من قبل.
مشاركة :