كشفت الدورة الأولى من الانتخابات الرئاسية الفرنسية انقسام المشهد السياسي في هذا البلد إلى ثلاث كتل، هي الوسط واليمين المتطرف واليسار الراديكالي، فيما بات الحزبان التاريخيان اليميني والاشتراكي مهمشين انتخابيا وماليا. بعد عقود من التناوب على الحكم بين الاشتراكيين واليمينيين الديغوليين، وسّع تولّي الوسطي إيمانويل ماكرون زمام السلطة في 2017 نطاق الاستقطاب السائد في المشهد السياسي إلى أقصى حدوده. وفي هذا السياق، بات أكبر حزبين فرنسيين هيمنا على المشهد السياسي بأغلبيته في الجمهورية الخامسة منذ 1958، وهما الحزب الاشتراكي وحزب الجمهوريين (اليميني الديغولي)، مسحوقين. وبالإضافة إلى الانتكاسة السياسية، يواجه هذان الحزبان اللذان سيّرا دفّة السياسة في فرنسا حتّى حوالى 2015، مشاكل مالية خانقة. ولن تسدّد الدولة الفرنسية سوى جزء بسيط من نفقاتهما الانتخابية نظرا لحصولهما على ما دون 5% من الأصوات في الدورة الأولى. واضطر الحزب الاشتراكي لبيع مقرّه التاريخي في أواخر 2017 في مسعى إلى إنعاش وضعه الاقتصادي، ودعت مرشّحة الجمهوريين فاليري بيكريس مناصريها لتقديم تبرّعات مالية بغية إنقاذ الحزب. وفي المقابل، «تتجلّى الكتلة الشعبوية بصورتين، وهي أكثر تنوّعا من القطاع الخاص مناصرة للوبن، في حين يحشد جان-لوك ميلانشون حوله موظّفي القطاع العام والفئات المتحدّرة من الهجرة».
مشاركة :