شهدت الساحة السياسية في لبنان، أمس، سلسلة اتصالات ولقاءات لإنجاح التسوية الرئاسية وتأمين الغطاء السياسي والنيابي الكافي لانتخاب رئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية رئيساً للجمهورية، كجزء من تسوية شاملة، وتقديم موعد الانتخاب إلى ما قبل 16 الجاري موعد الجلسة الذي حدده رئيس المجلس نبيه بري للجولة رقم 33 والعمل لإنهاء الشغور الرئاسي الذي مضى عليه حتى الآن 558 يوماً، على أن يكون الانتخاب هدية للبنانيين قبل عيدي الميلاد ورأس السنة بدءاً من 25 الجاري حتى نهاية الجاري، وبالتالي فالأسبوع المقبل سيكون حاسماً في تظهير الصورة الرئاسية بشكل كامل في تحديد خيارات الكتل النيابية النهائية. وأظهرت المواقف الداخلية والعربية والدولية أن هناك تأييداً واسعاً لفرنجية ومباركة موصوفة، حتى إن الغطاء المسيحي الروحي تأمن عبر بكركي إثر زيارة فرنجية للبطريرك بشارة الراعي، وقول الأخير للأول إنه أبهج اللبنانيين وحرّك الملف الرئاسي، مثنياً على مبادرة رئيس تيار المستقبل سعد الحريري الرئاسية، فيما أوضح فرنجية أن هدفه ليس الوصول إلى رئاسة الجمهورية، بل معالجة الأمور، والوقت كفيل بحلها، ونحن اليوم معَجّلون، ولكن غير مستعجلين، وقال: سأعمل دائماً على قانون انتخاب ينصِف التوازن الوطني ويعطي تمثيلاً حقيقياً لباقي الطوائف، وإذا كان لدى الفريق الآخر هواجس فمِن واجبي تطمينه، مؤكداً أنه لا يطلب من الفريق الآخر تبني مواقف 8 آذار، لكن في المقابل لا يمكن للفريق الآخر أن يطلب منه أن يتبنى مواقف 14 آذار، معتبراً أن الأهم هو حماية لبنان. ودعا المطارنة الموارنة في بيان إلى التعاون بين جميع الفرقاء اللبنانيين لملء الفراغ الرئاسي، وقالوا بعد اجتماعهم الشهري بعد مرور ثمانية عشر شهراً على شغور منصب رئاسة الجمهورية، تبرز فرصة جدية لملء هذا الشغور، ما يقتضي التشاور والتعاون بين جميع الفرقاء اللبنانيين لإخراج البلاد من أزمة الفراغ الرئاسي وتعطيل المؤسسات الدستورية، وأضافوا أن الرئيس، بما أنه رأس الدولة، كما ينص الدستور، هو حجر الزاوية في العمارة الوطنية بأبعادها التاريخية والمؤسساتية، ولذلك ينبغي أن يأتي انتخابه عن تبصر عميق في أهمية هذا الموقع ودوره الأساسي. وأكد وزير الصحة اللبناني وائل أبو فاعور أن إتمام التسوية في ملف الرئاسة فرصة نادرة قد لا تتكرر ونعمل على أن ينتخب فرنجية رئيساً في جلسة 16 الجاري، وأشار إلى أن العمل منصرف إلى كيفية إقناع الجهات للوصول إلى هذه التسوية. من جهته، جدد السفير السعودي في لبنان علي عواض عسيري مباركة الرياض لهذا الخيار، ولفت إلى أنه باشر تحركاً في اتجاه القيادات المسيحية من أجل تقريب وجهات النظر، مؤكداً في حديث صحفي أنه انطلاقاً من حرص السعودية على الوضع اللبناني، فإنه يدعو القيادات اللبنانية إلى عدم تفويت الفرصة لانتخاب رئيس جديد للجمهورية، وشدد على أن السعودية باركت المبادرة لانتخاب فرنجية حرصاً منها على ملء الفراغ الرئاسي في لبنان المستمر منذ أكثر من عام ونصف العام، وبات يشكل خطراً على الاستقرار اللبناني في جميع الاتجاهات. بدوره، حض الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون الزعماء السياسيين اللبنانيين على إنهاء الشغور الرئاسي، مؤكداً أنه ينبغي على الزعامات اللبنانية ملء هذا الفراغ السياسي، لاسيما أن الرئاسة شاغرة منذ 18 شهراً، وقال: أنا أخذت علماً بأن حواراً يجري في هذا الشأن وآمل صدقاً في أن يجري في أسرع وقت ممكن تطبيع الوضع السياسي، ومن ثم فإن الأمر الأول والأهم تشجيع المزيد من المصالحة. وتوج هذا التوجه باتصال أجراه الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند بالنائب فرنجية، حيث دار الحديث حول الأوضاع السياسية على الساحة اللبنانية. أمنياً، استهدف الجيش اللبناني مواقع المسلحين في رأس بعلبك وجرود عرسال بالمدفعية الثقيلة وراجمات الصواريخ. وأكد وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق أن عملية تحرير العسكريين لم تكن بسيطة مع تداخل الشق العسكري والسياسي والأمني فيها، والخريطة السياسية لهذه العملية كانت واسعة جداً، وقال، خلال مؤتمر صحفي: حزب الله قام أيضاً بجهود كبيرة في عملية تحرير العسكريين بتواصله مع النظام السوري، وشدد على أنه علينا العمل على مبدأ التماسك الوطني لحماية الداخل اللبناني، مؤكداً أننا لن نألو جهداً في سبيل إطلاق العسكريين التسعة لدى تنظيم داعش، وأوضح أن منطقة عرسال محتلة من قبل جبهة النصرة منذ أكثر من عام، وفيها 120 ألف لاجئ سوري، وجرود عرسال تحوي آلاف المسلحين، وأن القوات المسلحة اللبنانية لن تقوم بأي عمل من شأنه الانزلاق في أتون الحرب السورية، والابتعاد عن الحريق السوري.
مشاركة :