أكد العميد سعيد بن سليمان مدير مركز شرطة الراشدية، أن هناك عدداً من الحوادث المرورية التي تقع على الطرق، وتعدّ من الحوادث الغامضة التي لابدّ من دراسة موقعها من قبل خبراء التحقيق في الحوادث للتوصل إلى مرتكبيها، سواء ممّن هربوا من مكان الحادث، أو هؤلاء الذين تكون هناك أكثر من مركبة عابرة للطريق في لحظة وقوعه. أشار العميد بن سليمان إلى أن شرطة دبي لديها من الخبراء الفنيين المؤهلين لدراسة تلك الحوادث وتحليلها، واكتشاف مرتكبيها؛ مستخدمين في ذلك تقديرات وحسابات وإحصاءات وتحليلات للحادث من كل جوانبه. ولفت في هذا الصدد إلى حادث مروري وقع منذ بضعة أشهر، وكان دهساً لسائق شاحنة كانت معطلة على كتف الطريق، وكان يقوم بتغيير إطار مركبته الذي انفصل، وهناك سيارتان إحداهما من نوع بي إم دبليو وكان قائدها شاباً مواطناً، وأخرى من نوع هيونداي ويقودها عربي وهما صديقان، ونتيجة الصدمة القوية من إحدى المركبتين طار سائق الشاحنة المدهوس لمسافة 75 متراً للطرف الآخر من الطريق، وكان الحادث عند أحد المخارج على شارع الإمارات وكان الوقت ليلاً، وأبلغ عن الواقعة شخص كان يقود سيارة من نوع لاند كروزر، وأنه كان يسير على الطريق بالمصادفة وشاهد جثة السائق، وهي تطير من طرف إلى آخر. ولفت بن سليمان، إلى أنه بناء على البلاغ تم انتقال رجال المرور وخبراء تحقيق حوادث السير بالمركز، وتم استدعاء المبلّغ الذي أشار إلى المركبتين اللتين مرّتا، وذكر سيارة ثالثة كانت تسير في الوقت نفسه، لكن لم يحدد نوعيتها. وبعدها وجدت جثة السائق، والإطار الذي كان يقوم بتركيبه، وهو ينزلق على الطريق لمسافة طويلة، وتبيّن من خلال المعاينة أن الشابين كانا متوقفين بعد المخرج بمسافة لمعاينة مركبتيهما، وفي انتظار رجل المرور لإعداد تقرير عن الصدم الجانبي الذي تعرضت له المركبتان، ولم يكونا على علم بدهس أحد الأشخاص، بسبب الظلام، ولم يحددا من هو مرتكب حادث الدهس. التفاصيل من جانبه قال المقدم الخبير عمر عاشور، رئيس قسم تحقيق حوادث السير في المركز، إنه بمعاينة المركبتين تبيّن أن الأولى كانت بها صدمة أكبر من الثانية، ونظراً لأن السيارة لونها أسود والوقت ليل، كان من الصعب تحديد المتسبّب في حادث الدهس، واستمرت عملية المعاينة والفحص للمركبتين من قبل خبراء تحقيق الحوادث، نحو ساعتين ونصف الساعة، حتى تم العثور على خيط رفيع من نوعية ملابس المدهوس نفسها، محشور بين طيّات عجلة قيادة المركبة السوداء بي إم دبليو الأولى، وهذا كان دليلاً على أن سائق المركبة هو من ارتكب حادث الدهس أولاً، ونظراً لسرعته لم ينتبه لوجود السائق إلى جوار الشاحنة، ولم ينتبه كذلك إلى جثة السائق وهي تقذف إلى طرف الطريق بالاتجاه المعاكس. لافتاً إلى أن الحادث كان غامضاً، خاصة أن الدليل المادي كان شبه منعدم، وعلى إثر ذلك، أحيل قائد المركبة إلى الجهات القضائية بتهمة القتل الخطأ، مع تقرير كامل عن الحادث بالدليل الذي تم العثور عليه. وأفاد عاشور بأن تلك الحادثة هي واحدة من حوادث عديدة يكتنفها الغموض في بداية وقوعها، لكن من خلال نظريات دراسية قام خبراء تحقيق الحوادث، أصبح لدى شرطة دبي خبراء متمرسون في تحقيق الحوادث المرورية بشكل عام. وأضاف: إن هذا النظام يعتمد على نظريات عدة في علم الفيزياء، والرياضيات، والعمليات الحسابية التي يتم من خلالها استخلاص النتائج. وأشار إلى حادث آخر اتهمت فيه فتاة مواطنة بدهس سائق دراجة هوائية، ما أدى إلى وفاته عند أحد التقاطعات. وبتفريغ الفيديو الخاص بالواقعة ودراسته مرات عدّة، تبيّن أن سائق الدراجة عَبَر التقاطع حين كانت الإشارة الضوئية حمراء، بينما الطرف الذي كانت تعبره الفتاة كانت إشارته تحولت للصفراء، بعد تخطيها التقاطع مباشرة، وكان ذلك في 5 ثوانٍ فقط، ما بين تحول الإشارة من الأخضر إلى الأصفر. وكانت تلك الثواني الخمس هي التي حولت الفتاة من متهمة إلى بريئة من واقعة الدهس. وأكد أن التحقيق في حوادث المرور يحتاج إلى دقة وصبر وتركيز من الخبير ومساعديه، حتى تكون النتائج منصفة لكل أطراف الحادث، لافتاً إلى أن شرطة دبي تهتم اهتماماً كبيراً بتأهيل العاملين في تحقيق حوادث السير، ودائماً يتمّ إرسال فرق العمل إلى دورات تدريبية إلى دول العالم المتقدم في هذا المجال، ومن بينها الولايات المتحدة الأمريكية. وأضاف أن آخر تلك الدورات التي شارك فيها، كانت دورة متقدمة مكثفة في المملكة الأردنية الهاشمية، عن كيفية استخراج السرعات، ودوران المركبة، وقوة الاصطدام في الحوادث المرورية. وقبلها حضور دورة في جامعة نورث ويسترن، عن إعادة بناء الحادث المروري.
مشاركة :