كان التجار قديما – وربما لا يزالون – يطلقون على من يتولى إظهار بضائعهم من الجمارك مفردة "مُخلّص"، يقوم بمراجعة سلطات الجمارك في الميناء ويدفع الرسوم المستحقة ولديه من الشاحنات مايكفي لنقل البضاعة إلى مخازن التاجر. والحالة تلك موجودة في كل البلدان – ويسمونه Clearing Agent ويدفع فاتورة أتعابه صاحب البضاعة، ويضيفها إلى المستهلك عن طريق تاجر الجملة. لكن مفردة "المُعقّب" جديدة على علم إدارة الأعمال وازدهرت عندنا لفترة طويلة. الباحث في جذور بسط أو تعليل الألفاظ وتاريخها، والقائمون بدراسات تعنى بأصل الكلمات سيجدون صعوبة في إيجاد معنى مُعاصر للمفردة، فهي، أي كلمة مُعقّب لا توجد إلا عندنا فى الشرق. وفى التسعينيات الهجرية كثُر أصحاب المصالح فى بلادنا من الغربيين الذين لا يعرفون كيف تسير الأمور عندنا. وعندما احتاجوا الى من يعينهم على تسيير أمورهم لدى الدوائر الرسمية، أوجدوا - أو هم جاءوا معهم - بكلمة إنجليزية لعلها تقترب من الغرض، فقالوا عن المعقّب Expeditor والكلمة من Expedite أى يُفعّل بسرعة أو يُعجّل أو يُسهّل. واستأجروا لهذه المهمة رجالا من أهل البلد صاروا ضمن الجهاز الإداري، وربما أعطوهم مكانة.. أو خاصية تفوق غيرهم من الجهاز. فالشركة بانتظار مثولهم..! كل صباح لتسليمهم أو الاستلام منهم كل ما قد كان يشغل أفكارهم ليلة البارحة. استقدام أسرة.. سفر زوجة.. قدوم الأبناء والبنات فى الإجازة.. تجديد رخصة.. استقدام زيادة إداريين.. خروج إداريين فى رحلة عمل.. الى آخر المتطلبات الطويلة التي تحتاجها شركة أجنبية. ولاحظتُ، ومتأكّد أن غيرى لاحظ، أن الحكاية تلك مستمرة ومطّردة، منذ التسعينيات الهجرية حتى يومنا هذا، والبعض يقول إن الطلب عليه (على المعقّب) زاد على ذي قبل. مع أن المفترض الزمني يقول العكس. لاحظتُ أيضا أن العمالة الشرق آسيوية أراحت نفسها من تبني الكلمة الإنجليزية Expeditor وصاروا ينطقونها مثلنا Muakkib (مُعقّب). لمراسلة الكاتب: aalthekair@alriyadh.net
مشاركة :