تونس - تمتلك الجزائر التي وقعت اتفاقا الاثنين لزيادة شحنات الغاز إلى إيطاليا الساعية إلى تقليل اعتمادها على روسيا، احتياطيات كبيرة لكن طاقاتها التصديرية شبه مشبّعة. وتبلغ الاحتياطيات الجزائرية المؤكدة من الغاز الطبيعي ما يقرب من ألفين و400 مليار متر مكعب، وهي تساهم بتوفير حوالي 11 بالمئة من الغاز المستخدم في أوروبا، في مقابل 47 بالمئة للغاز الروسي. وتوجهت الكثير من الدول التي تسعى لتقليل تبعيتها لروسيا منذ غزو أوكرانيا إلى الجزائر، حليف موسكو التاريخي، لكن قدرات تصدير هذه الدولة الشمال أفريقية محدودة للغاية. ولم تتوافر تفاصيل كثيرة في هذه المرحلة حول هذا الاتفاق الذي تم التوصل إليه خلال زيارة قام بها رئيس الوزراء الإيطالي ماريو دراغي إلى الجزائر، لكن بيانا لمجموعة "إيني" الإيطالية أكد أن الاتفاق ينص على أن الإضافات في رفع كميات الغاز "ستزيد تدريجا اعتبارا من 2022 لتبلغ 9 مليارات متر مكعب في 2023-2024" عبر خط أنابيب ترانسمد الذي يربط البلدين عبر تونس والبحر المتوسط. وإيطاليا هي أكبر زبائن الغاز الجزائري الذي يوفر ثلث احتياجاتها، ففي الفصل الأول من سنة 2021 استوردت 6.4 مليارات متر مكعب، أي بزيادة قدرها 109 بالمئة مقارنة بسنة 2020، بحسب وكالة الأنباء الجزائرية. وقال أيدين كاليك المحلل في نشرة "ميدل إيست إيكونوميك سيرفي" إن "تساؤلات تحيط بقدرة الجزائر على زيادة صادراتها". وتعتبر الجزائر المصدّر الإفريقي الأول للغاز الطبيعي والسابع في العالم، لكن بسبب البنية التحتية التي يتعين تحديثها وزيادة الاستهلاك المحلي أصبح هامش المناورة محدودا من أجل زيادة كبيرة في صادراتها. ووفقًا للأرقام التي جمعتها نشرة "ميدل إيست إيكونوميك سيرفي" لعام 2021، تبلغ الطاقة غير المستخدمة لخط أنابيب الغاز "ترانسمد" الذي يزوّد إيطاليا، حوالي 7.8 مليارات متر مكعب، أي أقل من 9 مليارات مخطط لها بموجب الاتفاقية الجزائرية الإيطالية الأخيرة. ويقول الخبير عبدالمجيد عطار وزير الطاقة الجزائري الأسبق، إنه يمكن أيضا تسييل الغاز وإرساله عبر ناقلات الغاز الطبيعي، بينما "وحدات التسييل الموجودة في الجزائر تعمل فقط بنسبة 50 إلى 60 بالمئة من قدراتها". وأكدت شركة النفط والغاز الجزائرية العملاقة سوناطراك في بيان الاثنين أن الاتفاق مع "إيني" "يسمح للشركتين بتحديد مستويات أسعار مبيعات الغاز الطبيعي تماشيا مع معطيات السوق وذلك للسنة 2022-2023 وفقًا للبنود التعاقدية المتعلقة بمراجعة الأسعار". وبحسب كاليك، فإن هذا قد يعني أن سوناطراك حصلت بفضل الاتفاقية الجديدة على إمكان "رفع" سعر شحنات الغاز إلى إيطاليا. ويرى إلى أنتوني دوركين الخبير في المجلس الأوروبي للعلاقات الدولية، أن الجزائر تحاول الاستفادة من السياق الحالي للحرب في أوكرانيا لزيادة شحناتها إلى أوروبا ومداخيلها، مضيفا "إنها تريد أيضا أن تُظهر أنها شريك موثوق به لأوروبا على صعيد الطاقة". والجزائر باعتبارها الحليف التاريخي لموسكو، صرّحت مرارا أن قدراتها لتصدير كميات إضافية من الغاز إلى أوروبا، محدودة للغاية ولا يمكنها تعويض الغاز الروسي. وبحسب دوركين، فإن الجزائر "ستلتزم على الأرجح سياسة متوازنة للحفاظ على علاقاتها مع روسيا وأوروبا في الوقت نفسه". وأشار إلى أن الجزائر زبون تاريخي للسلاح الروسي ولكنها تستورد أيضا من دول أوروبية مثل إيطاليا وألمانيا، وأنها امتنعت عن التصويت أو صوتت ضد قرارات اتخذتها الأمم المتحدة لفرض عقوبات على روسيا بعد غزوها لأوكرانيا، معتبرا أن "الحفاظ على العلاقات مع روسيا لا يعني أن الجزائر ستضيع فرصا تجارية لجني أرباح من تصدير" غازها. الجزائر - توصل رئيس الوزراء الإيطالي ماريو دراغي في الجزائر الإثنين إلى اتفاق مع الرئيس عبدالمجيد تبون لزيادة كميات الغاز التي تستوردها روما من الجزائر بهدف التقليص من التبعية للغاز الروسي. وكان دراغي قد وصل العاصمة الجزائرية في الظهيرة واستقبله رئيس الوزراء الجزائري أيمن عبدالرحمان ووزير الخارجية رمطان لعمامرة ووزير الطاقة محمد عرقاب والمدير التنفيذي لشركة المحروقات "سوناطراك". وذكر بيان للرئاسة الجزائرية أن الزيارة جاءت تلبيةً لدعوة تبون "في إطار تعزيز علاقات التعاون بين البلدين". وأجرى رئيس الوزراء الإيطالي مع الرئيس الجزائري "محادثات على انفراد" أكد على إثرها رئيس الوزراء الإيطالي للصحافيين "لقد وقعت حكومتانا إعلان نوايا بشأن التعاون الثنائي في قطاع الطاقة، بالإضافة إلى الاتفاق بين المجموعة الإيطالية إيني وسوناطراك لزيادة صادرات الغاز إلى إيطاليا". وأوضح بيان لسوناطرك انها وقعت مع إيني اتفاقية بغرض تسريع وتيرة تطوير مشاريع إنتاج الغاز الطبيعي، وزيادة حجم الغاز المصدّر باستخدام القدرات المتاحة لخط أنبوب الغاز - ترانسمد". وتابع البيان "كما تسمح هذه الاتفاقية للشركتين بتحديد مستويات أسعار مبيعات الغاز الطبيعي تماشيا مع معطيات السوق وذلك للسنة 2022-2023 وفقًا للبنود التعاقدية المتعلقة بمراجعة الأسعار". وبحسب بيان لمجموعة "إيني" فإن الإضافات في كميات الغاز "ستزيد تدريجيا لتبلغ 9 مليارات متر مكعب في 2023-2024". وأضاف ان "إيطاليا مستعدة للعمل مع الجزائر لتطوير الطاقات المتجددة واستغلال الهيدروجين الأخضر. نسعى لتسريع الانتقال في مجال الطاقة وخلق فرص للتنمية والتوظيف". وأكد دراغي أنه "فور غزو أوكرانيا، أعلنت أن إيطاليا ستتحرك بسرعة لتقليل الاعتماد على الغاز الروسي. واتفاقيات اليوم هي استجابة مهمة لهذا الهدف الاستراتيجي". واعلن عن زيارة مرتقبة للرئيس الجزائري إلى إيطاليا في نهاية أيار/مايو. والجزائر ثاني مزود للغاز لإيطاليا بعد روسيا، التي تشهد أزمة مع كل شركائها الأوروبيين منذ غزوها أوكرانيا في شباط/فبراير. وتستورد إيطاليا نحو 95 بالمئة من الغاز الذي تستهلكه. وهي من أكثر الدول الأوروبية اعتمادا على الغاز الروسي بنحو 45 بالمئة من احتياجاتها، بينما تزودها الجزائر بنحو 30 بالمئة. ودفعت الحرب في أوكرانيا وحزمة العقوبات الاقتصادية ضد موسكو، إيطاليا إلى نشاط دبلوماسي مكثف للبحث عن موارد أخرى خاصة أن الغاز يمثل 42 بالمئة من استهلاك البلاد للطاقة. وقال دراغي في السابق إنه في حين أن استبدال 30-50 بالمئة من الإمدادات من روسيا ممكن تحقيقه على الفور إلا أن استبدال النسبة المتبقية سيكون أصعب بكثير. وسبقت زيارة دراغي للجزائر زيارة كلاوديو ديسكالزي الرئيس التنفيذي لمجموعة "إيني" الإيطالية العملاقة للجزائر، بداية الشهر حيث التقى الرئيس تبون لمناقشة "إمداد إيطاليا بالغاز". وكان وزير خارجيته لويجي دي مايو زار الجزائر كذلك في 28 شباط/فبراير حيث ناقش مع نظيره زيادة إمدادات الغاز لتعويض الخفض المحتمل للواردات من روسيا. وأكد دي مايو حينها أن "الحكومة الإيطالية ملتزمة زيادة إمدادات الطاقة، ولا سيما الغاز، من مختلف الشركاء الدوليين" ومن بينهم الجزائر "التي لطالما كانت موردا موثوقا". من جانبها، أعلنت مجموعة النفط والغاز الجزائرية العملاقة "سوناطراك" نهاية شباط/فبراير استعدادها لتزويد أوروبا بمزيد من الغاز خصوصا عبر خط الأنابيب الذي يربط الجزائر بإيطاليا. وأكد المدير العام لـ"سوناطراك" توفيق حكار أن "للمجموعة قدرة غير مستخدمة على خط أنابيب ترانسميد" يمكن استعمالها "لزيادة الإمدادات إلى السوق الأوروبية". وإلى جانب الجزائر، يمكن لإيطاليا أن تزيد واردات الغاز من أذربيجان وتونس وليبيا، وفق الحكومة. وكانت إيطاليا، خلال سنة 2021 الوجهة الأولى لصادرات الغاز الجزائري بحجم إجمالي قدره 6,4 مليار متر مكعب، اي بزيادة قدرها 109 بالمائة مقارنة بسنة 2020، بحسب وكالة الأنباء الجزائرية.
مشاركة :