الأزمة الاقتصادية تلقي بظلالها على العمل الخيري في الجزائر

  • 4/13/2022
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

سجلت أنشطة التضامن الاجتماعي في الجزائر خلال شهر رمضان تراجعا ملحوظا في مختلف المدن والأرياف بسبب الأزمة الاقتصادية التي أثرت على وفرة المواد الغذائية المستعملة في تحضير وجبات الإفطار، وموجة ارتفاع الأسعار الشاملة مما أثر على قدرات المحسنين على التكفل بتموين وتمويل تلك الأنشطة، ليكون بذلك الفقراء والمساكين وعابرو السبيل ضحايا جددا للأزمة حتى في ذروة الشهر الذي ظل رمزا لقيم التكافل والتضامن الاجتماعي الطوعي. وعرفت مقار ما يعرف بـ”مطاعم الرحمة” في الجزائر تراجعا ملحوظا، حيث تم إقفال العديد منها في مختلف المدن الجزائرية، رغم حضورها الدؤوب خلال المواسم الرمضانية السابقة. وتفاجأ مرتادو هذه المطاعم من محتاجين وعابري سبيل بغيابها نتيجة عدم قدرة القائمين عليها من جمعيات وأفراد مستقلين على فتحها بسبب نقص التمويل والتموين الناجم عن تراجع القدرة الشرائية للمحسنين وندرة بعض المواد الأساسية كالزيت والحليب وغيرهما. مرتادو المطاعم من المحتاجين تفاجأوا بغيابها نتيجة عدم قدرة القائمين عليها على فتحها بسبب نقص التمويل ولم يصمد أمام موجة الغلاء والندرة إلا القليل من الجمعيات والناشطين في المجال الخيري، فرغم الصعوبات المسجلة في التمويل والتموين وضغط المرتادين الذين باتوا يتدفقون عليها، يستمر هؤلاء في تقديم وجبات إفطار لمختلف الفئات الاجتماعية الهشة سواء بالحضور إلى المطعم، أو بتسليم وجبات ساخنة للأسر في بيوتها. ويبدو أن تراكم الأزمات وتسلسلها على غرار الجائحة الصحية والأزمة الاقتصادية وموجة الغلاء قد ألقت بظلالها على العمل التطوعي في البلاد، الأمر الذي سيعري أكثر المنظومة الاجتماعية القائمة. فالمئات من مطاعم الرحمة التي كانت منتشرة في مختلف مدن ومحافظات الجمهورية كانت تغطي عجز الحكومة في التكافل الاجتماعي، رغم جهودها في توجيه منح مالية للفقراء والمعوزين قبيل حلول الشهر الفضيل تقدر بنحو 60 دولارا، لكنها تبقى غير كافية في تغطية توسع دائرة الفقر والغلاء وتلبية الحاجيات الأساسية لهؤلاء. وتعتبر خيمتا “كيتاني” في إحدى ضواحي العاصمة و”قاديرية” على الطريق السيار قرب العاصمة نموذجا للمطاعم الخيرية الصامدة في وجه موجة الغلاء وتراجع قدرات التمويل والتموين. وقدمت كلتاهما نحو ألف وجبة إفطار يوميا، لكن القائمين عليهما لاحظوا ضغطا متزايدا هذا الموسم بسبب تدفق المرتادين، مقارنة بالمواسم الماضية، نتيجة غلق العديد من المطاعم، كما سجلوا صعوبات في تلبية الطلبات المتزايدة على خدماتهما ناجمة عن ندرة بعض المواد الأساسية. وإذ شهدت العاصمة والمدن الجزائرية الكبرى غيابا لافتا للمطاعم العادية خلال السنوات الماضية، كون التقليد جرى على أن إفطار عابري السبيل والفقراء والمعوزين متوفر في مختلف الأحياء والضواحي لهؤلاء، فإن الموسم الجاري عرف انتكاسة لافتة في العمل الخيري للأسباب المذكورة. ويقول الناشط والمتطوع علي عكاش الذي دأب على فتح أحد المطاعم بضاحية الحراش في العاصمة إنه “اضطر رفقة الفريق العامل معه من متطوعين إلى عدم فتح المطعم هذا الموسم بسبب غياب فرص التموين بالمواد الغذائية، وحتى العروض التي وصلته من بعض المحسنين تناقصت بشكل ملحوظ، ولذلك لم يغامر بفتحه”. ولفت إلى أن “تتابع فصول الأزمة من الوباء على سنتين، والأزمة الاقتصادية وموجة الغلاء وتراجع القدرات المالية للمحسنين، أثرت كثيرا على العمل الخيري، وهو ما أدى الى إقفال العديد من المحال التي تعود عليها المرتادون، ولا أمل لنا إلا في تحسن ظروف البلاد وانقشاع هذه الأزمة الخانقة، لأن غياب العمل الخيري في أكبر المواسم يفضي إلى تأزم أوضاع الكثير من الجزائريين”. ويقول المتطوع عزالدين خالفة إن “العملية خلال هذا الموسم واجهت تحديات حقيقية، أمام تراجع عطايا المحسنين وندرة المواد الأساسية وغلائها، وهو ما انعكس على نوعية الوجبات المقدمة ولم يعد فيها تحلية على سبيل المثال، أو أنها تقتصر على حساء ساخن وطبق عادي”. موجة غلاء غير مسبوقة موجة غلاء غير مسبوقة وتبقى خيمة “مرحبا” التي تشرف عليها جمعية “أمل الجزائر” من أكبر المطاعم الناشطة خلال هذا الموسم، وتسجل بذلك حضورها للعام الرابع على التوالي، حيث تستقبل يوميا نحو ألف شخص من عابري السبيل والمعوزين، والأشخاص من دون مأوى، إضافة إلى العائلات ذات الدخل الضعيف. ومع ذلك تبقى الرمزية والروحانية تلقي بظلالها على محيط الخيمة، كونها تستقبل يوميا المئات من الأشخاص تبدأ بتناول فطور عابر قد يتطور إلى علاقات، ويزيد الحضور العائلي لجيران الخيمة من الأجواء الحميمية التي تخيم عليها. وفي خطوة لتخفيف العبء على الجمعيات والناشطين المستقلين، تدخّل الهلال الأحمر الجزائري (منظمة إنسانية حكومية) بفتح 200 مطعم لإفطار عابري السبيل وتوزيع وجبات إفطار ساخنة لمستعملي الطرق، للتقليل من حوادث المرور التي باتت تفتك بأرواح العشرات، إذ تؤدي السرعة المفرطة قبل لحظات من أذان صلاة المغرب إلى تسجيل حوادث مميتة. وقالت الهيئة إن “هذه العمليات التضامنية تعد مكملة لجهود الدولة، وذلك تعزيزا لمبدأ التكافل والتآزر مع مختلف فئات المجتمع، كما تم أيضا استحداث مطاعم رحمة متنقلة إلى أماكن اللاجئين الأفارقة وقرب ورش البناء وأماكن وجود عابري السبيل”. وكانت الحكومة قد وضعت تدابير تقضي بـ”عدم منح تراخيص فتح مطاعم الرحمة بطريقة عشوائية، وفي مواقع متقاربة، وفي المستودعات والمطاعم المدرسية، وبالقرب من الطرقات الخطيرة”. كما شددت التعليمات على الغلق الفوري لأي مطعم رحمة تحرر ضده فرق النظافة تقارير مخالفة للشروط المطلوبة، وتلزم إبقاء البروتوكول الصحي للوقاية من عدوى كورونا داخل هذه المطاعم.

مشاركة :