محاولات أوروبية حثيثة للتخلي عن إمدادات الغاز الروسي

  • 4/13/2022
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

تشكل مشاريع محطات الغاز الطبيعي المسال في شمال ألمانيا أو فنلندا أو فرنسا إلى الطرق الجديدة المحتملة عبر إسبانيا أو شرق البحر المتوسط، إحدى العلامات التي تؤكد مدى حرص الأوروبيين على القطع مع أي ارتباط بإمدادات الطاقة الروسية. وبعد توقف دام فترة طويلة استؤنفت الشهر الماضي في منطقة ميدلفارت في جزيرة فونين الدنماركية أشغال بناء أنبوب البلطيق الذي يربط بين النرويج وبولندا لاستكمال هذا الخط الذي يمتد على 900 كيلومتر تقريبا. وقال سورين جول لارسن مدير المشروع في “إينرجينيت”، شركة التشغيل الدنماركية للبنى التحتية للطاقة، لوكالة الصحافة الفرنسية إن “الأمر يتعلق أيضا بامتلاك الغاز في النظام الدنماركي لكن قبل كل شيء بمساعدة نظام الغاز لجيراننا الجيدين وأصدقائنا البولنديين”. تريني فيلومسن برلينغ: حرب أوكرانيا جعلت أنبوب البلطيق للغاز أكثر إلحاحا وبعد أسبوع على اندلاع الحرب الروسية – الأوكرانية منحت هيئة البيئة الدنماركية، التي كانت قلقة خصوصا من تأثير المشروع على الأنواع المحلية من الفئران والخفافيش، ترخيصا لمواصلة البناء بعد تسعة أشهر على تعليقه. وقالت تريني فيلومسن برلينغ، الباحثة في المعهد الدنماركي للدراسات الدولية، “كنا نتوقع أن تتم الموافقة عليه قريبا لكن بالتأكيد جعلت الحرب القضية أكثر إلحاحا”. والمشروع الذي يمر تحت البحر جزئيا برز منذ نحو عشرين عاما وبدأ تنفيذه في 2018 ويفترض أن يبدأ تشغيله في أكتوبر المقبل قبل أن يصبح جاهزا للعمل في الأول من يناير 2023. وقال جول لارسن خلال زيارة إلى الموقع “لدينا تعاون فعلي جيد مع جميع المقاولين للإسراع وبذل كل ما في وسعنا للالتزام بالجدول الزمني”. ويفترض أن يسمح أنبوب الغاز الذي تبلغ قدرته السنوية للنقل عشرة مليارات متر مكعب من الغاز بتأمين نصف استهلاك بولندا التي أعلنت قبل ثلاث سنوات إنهاء عقدها الواسع مع شركة غازبروم الروسية العملاقة في 2022. لكن هذه الأخبار السارة لوارسو قد تعقّد الإمدادات لبقية أوروبا. فالنرويج، ثاني أكبر مورد للغاز في أوروبا بعد روسيا، تنتج بالفعل بكامل طاقتها وبالتالي لن يتم بعد الآن بيع الغاز الذي يصل إلى بولندا في أوروبا الغربية. وقال زونغتشيانغ لوو، الخبير في شركة رايستاد للتحليل، إن “هذا المشروع من شأنه أن يساعد بولندا لكنه قد يؤدي إلى انخفاض في صادرات الغاز النرويجي إلى المملكة المتحدة وألمانيا”. ويؤكد لوو أن “المشكلة الكبرى تكمن في أن العديد من العقود طويلة الأجل بين روسيا والموردين الأوروبيين مازالت سارية لمدة تتراوح بين عشر سنوات وخمسة عشر عاما. وبالإضافة إلى ذلك هناك مشكلة تحويل المدفوعات من الدولار إلى الروبل”. لكن السلطة التنفيذية بالاتحاد الأوروبي تؤكد أن التكتل يمكنه الاستغناء عن الغاز الروسي تماما “قبل العام 2030” لتعويض واردات تبلغ حاليا نحو 150 مليار متر مكعب سنويا. ورغم أن دول الاتحاد الأوروبي لا تزال منقسمة بشأن الجدول الزمني فإن رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين قالت إن التكتل “يأمل في التخلص التدريجي من اعتماده على غاز روسيا ونفطها وفحمها بحلول عام 2027”. زونغتشيانغ لوو: المشكلة أن العديد من العقود طويلة الأجل مازالت سارية ومع السرعة القصوى التي تعمل بها النرويج وتراجع الحقول في كل من هولندا وبريطانيا والرغبة في الاستغناء عن روسيا، تسعى أوروبا للحصول على غازها من مناطق أبعد عبر جلب الغاز الطبيعي المسال القابل للنقل من الولايات المتحدة أو قطر أو أفريقيا. لكن هذا الاستيراد يتطلب بناء محطات كبيرة أو على الأقل شراء وحدات تخزين عائمة وإعادة تحويل الغاز المسال المستورد إلى غاز طبيعي. وفي مواجهة التخلي عن خط أنابيب الغاز نورد ستريم 2 من روسيا الذي استؤنف بناؤه الشتاء الماضي في المياه الدنماركية، أعادت ألمانيا إطلاق ثلاثة مشاريع بسرعة لتركيب محطات للغاز الطبيعي المسال، لم تكن تحتل أولوية من قبل. ويمكن أن تصبح واحدة منها جاهزة في شتاء العام 2023 والاثنتان الأخريان في شتاء 2026 على أقرب تقدير. وأعلنت فنلندا ومعها إستونيا الخميس الماضي عن مشروع مشترك لاستئجار سفينة – ميناء لاستيراد الغاز، بينما ذكرت دول البلطيق الثلاث أنها أوقفت استيراد الغاز الروسي اعتبارا من مطلع الشهر الجاري. وفي جنوب أوروبا تدافع إسبانيا والبرتغال عن طريق إمداد بديل للغاز الروسي. وينوي مرفأ سينس، أكبر ميناء في البرتغال، مضاعفة قدرة مصبه الغازي خلال أقل من عامين. وقد تكون إسبانيا المرتبطة بخط لأنابيب الغاز مع الجزائر وتملك محطات واسعة لاستقبال الغاز الطبيعي المسال، خيارا مناسبا، لكن هذا يتطلب عملا شاقا لتحسين الشبكة مع بقية الاتحاد الأوروبي، عبر فرنسا. وفي ظل كل المشاريع أعيد إطلاق مسار آخر أيضا وهو ربط أوروبا بالغاز في شرق المتوسط الذي تم اكتشافه بكميات كبيرة قبل عشرين عاما قبالة سواحل إسرائيل وقبرص. ويقول مسؤولون وخبراء إن إسرائيل قد تشهد في السنوات المقبلة بناء خط أنابيب واحد أو أكثر ربما عبر اليونان أو تركيا أو ضخ الغاز إلى مصر لتسييله وشحنه. ويتم تشغيل حقل ليفياثان الإسرائيلي الذي سيكون مصدر الصادرات الأوروبية من قبل كونسورسيوم إسرائيلي – أميركي يضم شركة نيو ميد إنرجي ومجموعة شيفرون الأميركية الكبرى. وأكدت شركة غازبروم الروسية الثلاثاء أنها تواصل ضخ الغاز إلى أوروبا عبر الأراضي الأوكرانية كالمعتاد، ووفقا لطلبات الزبائن الأوروبيين. ونقلت وكالة تاس الروسية عن المتحدث باسم الشركة سيرجي كوبريانوف قوله “تقوم غازبروم بضخ الغاز لنقله عبر الأراضي الأوكرانية بشكل اعتيادي، ووفقا للكميات المطلوبة من المستهلكين الأوروبيين، والتي تبلغ اليوم 74.6 مليون متر مكعب”. وهذه الكمية أقل من إجمالي الالتزامات التعاقدية التي يمكن أن تضخها غازبروم عبر أوكرانيا والبالغة نحو 109.7 مليون متر مكعب يوميا.

مشاركة :