عواصم وكالات قُتِلَ 56 مدنياً على الأقل بينهم 16 طفلاً جرَّاء قصفٍ نفذته قوات بشار الأسد في غرب دمشق وكذا في وسط سوريا وجنوبها، فيما تحدث وزير الخارجية الأمريكي، جون كيري، عن إمكانية تعاون النظام والمعارضة في مواجهة «داعش» دون رحيل الأسد أوَّلاً شريطة منح المناهضين له ضمانات «يقينية» بابتعاده في نهاية المطاف. ورأت لندن من جهتها أن الضربات الجويَّة التي بدأتها أمس الأول في أراضٍ سورية ستساعد في التوصل إلى تسوية سياسية، فيما أفاد نوَّاب عماليون بريطانيون بتعرضهم إلى تهديدات بعد تصويتهم لصالح توسيع حملة بلادهم ضد الإرهاب. وأبلغ المرصد السوري لحقوق الإنسان أمس عن قصف مقاتلات النظام بلدتي جسرين وكفر بطنا في غوطة دمشق الشرقية، ما أسفر عن 35 قتيلاً على الأقــل بينهم 6 أطفــال إضــافةً إلى إصـابة عشرات. وبث ناشطون على الإنترنت مقطع فيديو من جسرين يُظهِر شخصاً ينادي «لحم سوري للبيع». وقُتِلَ 6 أشخاص في بلدة دوما القريبة بينهم طفلان جرَّاء سقوط صواريخ. واستهدفت مقاتلات النظام مدينة تلبيسة في محافظة حمص «وسط»، ما أسفر عن مقتل 11 شخصاً بينهم 4 أطفال، بحسب المرصد. ومنذ عام 2012؛ تسيطر فصائل مقاتلة مناهضة للأسد على تلبيسة الواقعة على الطريق الرابط بين حمص وحماة. وعلى جبهةٍ أخرى؛ قُتِلَ 4 أطفالٍ أمس في قصفٍ للنظام على بلدة الحارة في محافظة درعا «جنوب». في غضون ذلك؛ رأى وزير الخارجية الأمريكي أنَّ من الممكن تعاون حكومة دمشق وقوات المعارضة في مكافحة تنظيم «داعش» الإرهابي دون رحيل الأسد أوَّلاً. لكنه أقرَّ بأنه سيكون «من الصعب للغاية» ضمان حدوث التعاون إذا لم يكن لدى المعارضة بعض الثقة في أن رأس النظام سيرحل في نهاية المطاف. وسئل جون كيري خلال مؤتمر صحفي في أثينا أمس عما إذا كان رحيل الأسد شرطاً مسبقاً لتعاون مقاتلي المعارضة المعتدلين مع حكومة دمشق ضد «داعش»؛ فأجاب «فيما يتعلق بمسألة الأسد وتوقيت رحيله؛ فإن من غير الواضح أنه سيتعيَّن أن يرحل إذا كان هناك وضوح فيما قد يكون عليه مستقبله أو لا يكون». ورأى أن «هذا الوضوح قد يأتي في صور عديدة تمنح المعارضة شعوراً باليقين». غير أنه استدرك بقوله «سيكون من الصعب للغاية التعاون دون مؤشرٍ ما أو شعورٍ باليقين من جانب هؤلاء الذين يقاتلونه بأن تسوية أو حلاً يلوح في الأفق». و«إذا لم يكن الأمر كذلك؛ فإنهم سيشعرون أنهم يساعدون على ترسيخ الأسد في السلطة، وهو أمر غير مقبول على الإطلاق»، بحسب كيري. ووفقاً لمسؤول أمريكي طلب عدم نشر اسمه؛ فإن «الرسالة التي يريد كيري أن يبعث بها هي أن الأسد ليس من الضروري أن يرحل الآن شريطة أن يلوح في الأفق انتقال سياسي واضح، وهو موقف تتبناه واشنطن منذ شهور». في سياقٍ متصل؛ توقع رئيس الوزراء البريطاني، ديفيد كاميرون، مساهمة الضربات الجوية التي بدأتها بلاده أمس الأول في سوريا في التوصل إلى تسوية سياسية على المدى الطويل. وذكَّر، خلال زيارته العاصمة البلغارية صوفيا أمس، بأن «سلاح الجو الملكي البريطاني أرسل مزيداً من الطائرات من طراز تايفون وتورنادو إلى قاعدته في قبرص» التي يشنُّ منها غارات جوية على تنظيم «داعش» في كل من العراق وسوريا. ورفض كاميرون القول إن الضربات تقوِّض إمكانية التوصل إلى تسوية سلمية، وقال «في الواقع؛ إنها تساعد في التوصل إلى تسوية سياسية لأنها تُنفَّذ بطبيعة الحال ضد تنظيم عدو للجميع»، مشدِّداً على «الحاجة إلى معارضة معتدلة يمكن أن تكون جزءاً من أي حكومة سورية مستقبلية». ووفق تصريحاته؛ فإن «العملية السياسية والعمل ضد داعش من أجل الحفاظ على سلامتنا في بلادنا يسيران جنباً إلى جنب». ولا تشكل المساهمة البريطانية سوى جزءٍ صغيرٍ من عمليات التحالف الدولي لقصف «داعش» في العراق وسوريا، التي بدأت منذ أكثر من عام باستخدام مئات الطائرات. ووافق المشرِّعون في لندن الأربعاء الماضي على توسيع مشاركة بلادهم في التحالف لتشمل الأراضي السورية. وصوَّت 66 نائباً من حزب العمال لصالح العملية مخالفين موقف رئيسهم اليساري، جيريمي كوربين. وتعرض عددٌ منهم إلى تهديدات بالقتل عبر الإنترنت، ما دفع حزبهم إلى الدعوة للتهدئة. وتلقى النائب، نيل كويل، تهديداً بالقتل، ووُضِعَ تحت حماية الشرطة. وكتبت النائبة، ستيلا كريسي، على صفحتها في موقع «فيسبوك»: «خلال الساعات الـ 24 الأخيرة وصلني أكثر من 1000 تعليق على فيسبوك، وعدد مماثل من الرسائل على تويتر إضافة إلى رسائل البريد الإلكتروني ومئات المكالمات والرسائل النصية»، ملاحظةً أن «عديداً من الرسائل الإلكترونية كانت عنيفة ومسيئة». وقبل التصويت؛ أفصح نواب عماليون عن تلقيهم عبر الإنترنت صوراً بشعة لرؤوس مقطوعة في شكل من أشكال التهديد. وأثارت تلك الرسائل تساؤلات حول دور منظمة «مومينتوم» اليسارية التي تدعم كوربين وأُنشِئَت بعد اختياره رئيساً لحزبه في سبتمبر الماضي. وشنت المنظمة حملةً لمحاولة إقناع المشرعين العماليين بمعارضة توسيع الضربات الجوية، لكنها أكدت أنها «تعارض بشدة» توجيه أي تهديدات أو إساءات. وعلى الإثر؛ بدا الحزب عازماً على وضع مدونة سلوك لمنع الإساءة عبر الإنترنت. ودعا نائب كوربين، توام واتسون، إلى فصل أي عضو يتعرض للنواب أو الموظفين بالمضايقات.
مشاركة :