موسكو/كييف - هدد الجيش الروسي الأربعاء بقصف مراكز قيادة في كييف التي تخلت موسكو في الوقت الحالي عن فكرة السيطرة عليها، متهمة أوكرانيا بشن ضربات والقيام بعمليات تخريب على الأراضي الروسية، بينما حذّر الروس من أنهم سيعتبرون المركبات الأميركية وتلك التابعة لحلف شمال الأطلسي التي تنقل أسلحة على الأراضي الأوكرانية أهدافا عسكرية مشروعة. وتأتي هذه التطورات بينما لا تلوح في الأفق مؤشرات على نهاية قريبة للحرب رغم إعلان موسكو تغيير وجهة أهدافها من عملية عسكرية باتجاه قلب العاصمة الأوكرانية إلى المناطق الانفصالية في شرقها. وقال الناطق باسم وزارة الدفاع الروسية إيغور كوناتشينكوف "نرى محاولات تخريب وضربات تشنها القوات الأوكرانية على أهداف في أراضي جمهورية روسيا الاتحادية. وإذا استمرت هذه الأفعال، سينفّذ الجيش الروسي ضربات على مراكز قيادة، بما فيها مواقع في كييف وهو أمر امتنع عن القيام به الجيش الروسي حتى الآن". وفي سياق التصعيد العسكري، أبلغ نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف وكالة تاس للأنباء في مقابلة اليوم الأربعاء بأن أي محاولات من جانب الغرب لإلحاق ضرر كبير بالجيش الروسي أو حلفائه الانفصاليين في أوكرانيا سيتم "قمعها بشدة". ونقلت تاس عن ريابكوف قوله "نحذر من أن عمليات نقل الأسلحة من الولايات المتحدة وحلف الأطلسي عبر الأراضي الأوكرانية سنعتبرها أهدافا عسكرية مشروعة"، مضيفا "نوضح للأميركيين والغربيين الآخرين أن محاولات إبطاء عمليتنا الخاصة وإلحاق أكبر ضرر ممكن بالوحدات والتشكيلات الروسية في جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك الشعبيتين سيتم التعامل معها بشدة". و تأتي هذه التحذيرات بينما أعلن زعيم انفصالي في شرق أوكرانيا الأربعاء أن نحو 90 بالمئة من أراضي جمهورية لوغانسك الشعبية المعلنة من جانب واحد أصبحت الآن تحت سيطرة الانفصاليين. وقال ليونيد باسيشنيك زعيم جمهورية لوغانسك الشعبية الانفصالية للصحافيين خلال نزع القوات الروسية للألغام من محطة كهرباء بالقرب من بلدة ششاستيا التي كانت سابقا تحت سيطرة كييف "لقد تم تحرير 80 إلى 90 بالمئة من أراضي جمهورية لوغانسك الشعبية من مجموعات القوميين الأوكرانيين". وأضاف أن الكثير من البلدات بما فيها سيفيرودونيتسك وكريمينا لا تزال خاضعة لسيطرة الحكومة الأوكرانية، مشيرا إلى أنه بعد انتهاء القوات الانفصالية من "تحرير" بقية الأراضي، فإنها ستقرر حينها ما إذا كانت ستدعم القوات الروسية أو "إخواننا" في جمهورية دونيتسك الشعبية المعلنة أيضا من جانب واحد، مجددا تأكيده على أن المنطقة الانفصالية تريد الانضمام إلى روسيا، قائلا "أعتقد أن هذا سيحدث بالتأكيد هذه المرة". وجاء حديث باسيشنيك للصحافيين في اليوم التاسع والأربعين للغزو الروسي لأوكرانيا الذي أسفر عن مقتل الآلاف ونزوح أكثر من 11 مليون أوكراني إلى البلدان المجاورة في أسوأ أزمة لاجئين تشهدها أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية. وبعد إعادة تركيز القوات الروسية لجهودها العسكرية في شرق أوكرانيا، بدا أن الرئيس فلاديمير بوتين يسعى للاستيلاء على المزيد من الأراضي لإنشاء ممر جنوبي يشمل ميناء ماريوبول باتجاه شبه جزيرة القرم. وقالت قيادة القوات المسلحة الأوكرانية اليوم الأربعاء إن القوات الروسية مستعدة تماما لشن هجوم جديد في منطقة دونيتسك بشرق أوكرانيا ومنطقة خيرسون الجنوبية، مضيفة في منشور على صفحتها بفيسبوك "في اتجاهي دونيتسك وتافريا (خيرسون)، وفقا للمعلومات المتاحة، العدو مستعد للقيام بعمليات هجومية". ويأمل الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بشدة أن يزور المستشار الألماني أولاف شولتس كييف، إذ يتوقع منه تسليم أسلحة ثقيلة لبلاده على الفور، وفق ما قال مستشاره أوليكسيتش أريستوفيتش الأربعاء. وأضاف في حديث لقناة "تسي دي اف" الألمانية العامة أن "رئيسنا ينتظر المستشار حتى يتمكن من اتخاذ قرارات عملية على الفور، بما في ذلك تسليم أسلحة". وقال أريستوفيتش إن مصير ماريوبول والسكان في شرق البلاد خصوصا "يعتمد على الأسلحة الألمانية التي يمكننا الحصول عليها"، لكنها لا تصل. وتأتي هذه الدعوة العاجلة والمتجددة على خلفية توترات بين ألمانيا وأوكرانيا، بعد رفض الرئيس زيلينسكي الثلاثاء استقبال الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير الذي أراد الذهاب إلى كييف مع وفود من بولندا ودول البلطيق. واعتبرت صحيفة 'دير شبيغل' الألمانية أنها "إهانة غير مجدية"، تسببت بمفاجأة واستياء في ألمانيا، وليس فقط في صفوف الاشتراكيين الديمقراطيين أي حزب شتاينماير. ويتعرض الرئيس الألماني الذي يُعتبر منصبه فخريا إلى حد كبير، لانتقادات بسبب دبلوماسيته للتقارب مع روسيا عندما كان وزير خارجية في حكومة أنغيلا ميركل. وأقر بـ"الذنب" مؤخرا معترفا بأنه ارتكب "أخطاء" في ذلك الوقت. وتعتبر أوكرانيا أنّ دعم ألمانيا لها خجول جدا بشكل عام، لكن المستشار الألماني أشار إلى تقدم برلين للتوصل إلى "مناقشة توريد الأسلحة الثقيلة"، بعدما كانت ترفض ذلك. وتُسلم ألمانيا حالياً أسلحة دفاعية إلى أوكرانيا، لكن أولاف شولتس يتعرض لضغوط منذ عدة أيام، حتى ضمن أغلبيته، لإعطاء الضوء الأخضر لإرسال معدات هجومية، ولا سيما مركبات مدرعة. ودعا وزيرا الخارجية والاقتصاد وهما من كبار المسؤولين البيئيين في الحكومة، المستشار الألماني إلى اتخاذ قرار لصالح هذه التسليمات، بينما تكرر وزيرة الدفاع الاشتراكية الديمقراطية أن احتياطيات الجيش الألماني استنفدت. واعتبرت رئيسة لجنة الدفاع في البوندستاغ (البرلمان الألماني) والعضو في حزب الليبراليين حلفاء شولتس في الحكومة ماري-أغنيس شتراك-زيمرمان أنّ "هناك شخصا واحدا فقط يجب أن يظهر الطريق إنه المستشار أولاف شولتس". ودعته مرة أخرى في مقابلة مع صحيفة 'دي فيلت' اليومية، إلى التصرف "كقائد". لكن تسليم المعدات العسكرية الثقيلة لا يزال يواجه مقاومة داخل الحزب الاشتراكي الديمقراطي، حيث أشار النائب جو وينغارتن إلى خطر "الانجرار تدريجيا إلى الحرب". وتساءل في حديث لصحيفة دي فيلت "هل من الواقعي هزم روسيا في أوكرانيا بدبابات ألمانية؟". ويعتقد آخرون أنه يمكن اتخاذ مثل هذا القرار في حال حصول تصعيد روسي جديد، لا سيما الاستخدام المحتمل لأسلحة كيميائية. وترى أوكرانيا الأمور بشكل مختلف، فالوقت يداهمها لأنه "في كل دقيقة لا تأتي فيها دبابة، يموت أطفالنا ويغتصبون ويقتلون"، وفق أريستوفيتش، مؤكدا أنّ السلطات الألمانية "رأت الصور الرهيبة" للصراع، التي تُذكر بتدمير برلين عام 1945، لافتا إلى أن ما يفعله الجيش الروسي في أوكرانيا "ليس مختلفا".
مشاركة :