حذرت مجلة «ناشيونال إنترست» الأمريكية من تداعيات خطيرة للحرب الروسية في أوكرانيا، تهدد بإثارة مطالب متجددة بالاستقلال من قبل الجمهوريات المكونة لها في إعادة تفكيك للاتحاد السوفييتي.وبحسب مقال لـ «دان نجريا»، الزميل البارز في مركز سكوكروفت الإستراتيجي التابع لأتلانتك كاونسل، يُذكر الغزو الروسي المشؤوم لأوكرانيا بحملة السويس التي شنتها بريطانيا وفرنسا في عام 1956.وأضاف: كان التراجع المهين لبريطانيا وفرنسا بمثابة نهاية لوضعهما كقوتين من الدرجة الأولى، وبداية فترة مضطربة من الأزمات السياسية وفقدان الأراضي لصالح حركات الاستقلال.ومضى يقول: قد يعيد التاريخ نفسه؛ روسيا تفشل في محاولتها احتلال أوكرانيا، في هذه العملية تعاني روسيا من خسائر فادحة في القدرة العسكرية والقوة الاقتصادية والمكانة الدولية. من الواضح الآن أن روسيا ليست قوة عظمى كالولايات المتحدة والصين. وهي تدخل فترة اضطراب سياسي من المرجح أن تشمل مطالب متجددة بالاستقلال من قبل الجمهوريات المكونة لها في إعادة تفكك للاتحاد السوفييتي.وتابع بقوله: في عام 1956، بدت بريطانيا وفرنسا قويتين. لقد كانتا منتصرتين مؤخرًا في الحرب العالمية الثانية، وقوتين أوروبيتين مهيمنتين، وعضوين دائمين في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، وتحكمان إمبراطوريات استعمارية شاسعة.وأردف: لقد شعرتا بالقوة الكافية لغزو مصر لمنع الرئيس جمال عبدالناصر من تأميم قناة السويس، ولكن بعد ذلك اعترضت القوى العظمى الحقيقية في ذلك الوقت، حيث هددت الولايات المتحدة بعقوبات اقتصادية، كما هدد الاتحاد السوفييتي برد عسكري انتقامي، واضطرت بريطانيا وفرنسا إلى الانسحاب المهين.ومضى يقول: اتهم رئيس الوزراء البريطاني أنتوني إيدن، بالكذب على مجلس العموم وأجبر على الاستقالة، ونظرًا للشعور بضعف بريطانيا، زادت المستعمرات البريطانية التي تطالب بالاستقلال، سقط النظام الملكي العراقي الموالي لبريطانيا في عام 1958. وأصبحت قبرص ومالطا مستقلتين بعد ذلك بوقت قصير. وبحلول عام 1967، استقل أكثر من 20 منطقة بريطانية.وأردف: كانت الأزمة في فرنسا أسوأ؛ جاء تراجع السويس بعد عامين من استسلام الحامية الفرنسية في ديان بيان فو للفيتناميين الشماليين، وعزا بعض الضباط العسكريين هذه الهزائم إلى طبقة سياسية ضعيفة. وفي عام 1958، قامت مجموعة من الضباط العسكريين والمسؤولين الاستعماريين بانقلاب في الجزائر، وانهارت الجمهورية الرابعة، وتولى شارل ديغول السلطة كرئيس للجمهورية الخامسة، واكتسبت حركات الحرية قوة في جميع أنحاء المستعمرات الفرنسية.وتابع: كانت الحرب الروسية الأوكرانية التي قادها فلاديمير بوتين بمثابة تجاوز سيجبر روسيا على الاعتراف بمحدوديتها ووضعها المتضائل. ومن المرجح أن تواجه مطالب متجددة بالاستقلال عن الجمهوريات والأراضي المكونة لها.وأضاف: يشهد العالم كله عجز الجيش الروسي عن إبراز قوته التي يتفاخر بها حتى في دولة مجاورة بثلث حجمها، الاقتصاد الروسي ينهار تحت وطأة تكلفة الحرب والعقوبات. التضخم يتجه نحو 20 %، والاقتصاد سينكمش بنسبة 10 % هذا العام، والبورصة الروسية لا تعمل، والأسهم الروسية المتداولة في لندن تنخفض 90 %. إن تأثير العقوبات القاسية والشاملة للغاية المفروضة على روسيا من قِبَل معظم القوى الاقتصادية الكبرى في العالم سوف يزداد بمرور الوقت.وأردف: لقد كان غزو أوكرانيا سوء تقدير كبير. اعتقد بوتين أن ذلك سيكون مثل غزو المجر عام 1956، أو تشيكوسلوفاكيا عام 1968، ما جعل الاتحاد السوفييتي أقوى. لكن بالأحرى فإن هذه الحرب أشبه بحرب أفغانستان 1979-1989 التي تفكك بعدها الاتحاد السوفييتي، وأصبح العديد من الجمهوريات المكونة له مستقلا.وأكد أنه ليس من غير المسبوق أن تطالب الجمهوريات المكونة لروسيا بالاستقلال عندما تكون موسكو ضعيفة.وأضاف: كانت الثورة الروسية عام 1917 إحدى هذه اللحظات. أعلن العديد من الجمهوريات التأسيسية استقلاله في ذلك الوقت، وبقي بعضها مستقلا لسنوات، ومن بينها ليتوانيا، ولاتفيا، وإستونيا، وتتارستان، وجمهوريات شمال القوقاز.
مشاركة :