جاءت المصاعب التي يواجهها تشيلسي هذا الموسم بمثابة صدمة للكثيرين، لكنها ليست المرة الأولى التي يخفق فيها أبطال إنجلترا إخفاقًا مروعًا في الدفاع عن التاج الذي يحملونه. * مانشستر سيتي 1937 - 1938 مسألة الفوز بالبطولة، ثم تقديم مستوى رديء في الموسم التالي مباشرة ليست بالأمر الجديد على مانشستر سيتي، ذلك أن ما حدث خلال السنوات الأربع الماضية أمر هين مقارنة بالتراجع الهائل الذي تعرض له النادي خلال موسم 1937 - 1938 1938.. بعد أن خسر أمام غريمسبي في يوم عيد الميلاد، شق مانشستر سيتي طريقه طيلة النصف الثاني من الموسم السابق لموسم 1937 - 1938 من دون هزيمة، ونجح بالفعل من اقتناص البطولة بفارق ثلاث نقاط عن تشارلتون. وكان من بين صفوفه نجوم كبار أمثال حارس المرمى فرانك سويفت، والجناح السريع إرني توسلاند وثلاثي الهجوم الذين سجلوا كثيرا من الأهداف: إريك بروك وأليكس هيرد وبيتر دوهيرتي. وفي الوقت الذي هبط فيه مانشستر يونايتد، كان ذلك الموسم المثالي لجماهير مانشستر سيتي. إلا أن رد مانشستر سيتي على ذلك جاء على النحو المعتاد منه، حيث سرعان ما تهاوى كل هذا النجاح. ورغم استمرار بروك وهيرد ودوهيرتي في تسجيل الأهداف، حيث أحرز النادي 80 هدفًا في 42 مباراة، متفوقًا بذلك على أي ناد آخر في البطولة، فإن شباكه للأسف تلقت 77 هدفًا. واللافت أن مانشستر سيتي بدأ ذلك الموسم (1937 - 1938) على نحو أفضل نسبيًا عن الموسم الذي شهد قمة تألقه في العام السابق، عندما فاز في مباراتين فقط من المباريات الـ10 الأولى. خسر مانشستر سيتي أمام وولفرهامبتون واندررز في يوم الافتتاح الذي وافق السبت، لكنه نجح في هزيمة إيفرتون وليستر على أرضه. واعتمد بذلك نمطًا في النتائج استمر حتى نهاية نوفمبر (تشرين الثاني)، فبحلول ذلك الوقت كان مانشستر سيتي قد تعادل في ثلاث مباريات وخسر ستًا من بين إجمالي تسع مباريات خارج أرضه، لكنه فاز في سبع مباريات وتعادل في واحدة من إجمالي تسع مباريات على أرضه. بعد 17 مباراة، أصبح مانشستر سيتي في المركز الـ10، لكنه خسر بعد ذلك أربع مباريات متتالية، أعقبتها ثلاث مباريات فاز فيها وتعادل بأخرى من إجمالي أربع مباريات، قبل أن يتعرض لموجة جديد من الهزائم بلغت ست هزائم ومباريتي تعادل خلال ثماني مباريات. ولم يفلح مانشستر سيتي قط في استعادة زخمه، ورغم إلحاقه الهزيمة بليدز بـ6 أهداف مقابل هدفين في لقائه قبل الأخير ليصعد إلى المركز الـ16، هبط مانشستر سيتي في النهاية بعد تعرضه للهزيمة بهدف مقابل لا شيء على يد هدرزفيلد في اليوم الأخير للبطولة، ليصبح النادي الوحيد الذي يفوز بالبطولة ويهبط في الموسم التالي مباشرة، والنادي الوحيد كذلك الذي يهبط رغم وجود فارق إيجابي في الأهداف لصالحه. أما المدرب ويلف وايلد، فقد استمر مع النادي حتى عام 1946، لتجعله الأعوام الـ14 التي قضاها مع النادي المدرب صاحب سنوات الخدمة الأكبر في تاريخ النادي. * تشيلسي 1955 - 1956 رغم أن هذا قد لا يكون فيه كثير من التعزية لرومان أبراموفيتش، مالك نادي تشيلسي، وأصحاب التذاكر الموسمية، فإن حالة التراجع الغريبة التي يشهدها النادي حاليًا سبق وأن تعرض لفترة مشابهة لها من قبل. عند مراجعة التاريخ، يتضح أن أول بطولة دوري حصدها النادي كانت عام 1954 - 1955 قد تحققت بفضل حصوله على 52 نقطة، وهو أقل مجموع للنقاط لأي حامل للقب البطولة خلال حقبة ما بعد الحرب. وقد اتسمت البطولة في ذلك العام تحديدًا بمنافسة محتدمة وتقارب شديد بين الأندية المتصارعة على اللقب. ورغم التعليقات الصحافية السلبية على أداء تشيلسي، فإن حقيقة إنجاز النادي للموسم بفارق أربع نقاط عن وولفرهامبتون واندررز الذي احتل المرتبة الثانية (في فترة كان من المعتاد فيها تقدم الأول عن الثاني بنقطتين فقط) تؤكد على أن تشيلسي كان جديرًا بالبطولة، فإن وولفرهامبتون واندررز كان واحدًا من ستة من الأندية المتصارعة بقوة والتي فصل بينها نقطتان فقط، ما جعل هذا الموسم واحدًا من أكثر المواسم في تاريخ الدوري الإنجليزي الذي تقاربت خلاله نقاط الفرق المتصدرة له. وفي العام التالي، تردى مستوى تشيلسي في الوقت الذي انطلق فيه مانشستر يونايتد ليتغلب على الجميع ويحصد البطولة بفارق 11 نقطة. خلال ذلك الموسم، فاز تشيلسي في واحد فقط من مبارياته التسع الأولى. ورغم أن تحقيقه أربعة انتصارات خلال أكتوبر (تشرين الأول) خفف من مخاوف التعرض للهبوط، فإنه أنهى الموسم في المركز الـ13. ومثلما هو الحال مع الكثير من الأندية، فإن فوز تشيلسي بالبطولة قضى على رغبته في تحقيق مزيد من الإنجازات الكروية. وكان تشيلسي بقيادة المدرب تيد دريك الفريق الـ14 من بين 19 ناديًا فاز ببطولة الدوري الإنجليزي انتهى به الحال في الموسم التالي مباشرة خارج قائمة العشرة المتصدرين للدوري. وكان أحدث المنضمين للقائمة أستون فيلا عام 1981 - 1982 وليدز عام 1992 - 1993. * إيبسويتش تاون 1962 - 1963 اللافت في البطولة أن هناك أندية تفوز بها على نحو غير متوقع على الإطلاق لدرجة أن سقوطها لاحقًا وتراجعها يبدو بمثابة استعادة الأمور لنصابها الصحيح. وينطبق هذا القول على إيبسويتش الذي تألق في ظل قيادة المدرب ألف رامزي على نحو مثير للدهشة. عندما تولى رامزي مسؤولية تدريب الفريق عام 1955، كان إيبسويتش في دوري الدرجة الثالثة. ولم تبد على الفريق أي مؤشرات على تحقيق تقدم لافت في أدائه حتى ديسمبر (كانون الأول) من العام التالي عندما قرر رامزي الاستعانة بجيمي ليدبيتر في الجناح الأيسر. من جانبه، أبدى اللاعب تخوفه من افتقاره إلى السرعة اللازمة للمشاركة في هذا المركز، لكن هذا الأمر لم تكن له أهمية بالنسبة لخطة رامزي. وعن الأسلوب الجديد، شرح ليدبيتر أنه «كنا نسعى لخطف الكرة من مدافعي الخصم. مدافعو الخصم لن يتقدموا كثيرا لمراقبتي قبل الحصول على الكرة ز هذا سيعطيني مساحة أكبر للتحرك. كلما تقدمت للأمام أستطيع سحب قلب الدفاع من مركزه، لأنه بطبيعة الحال لن يبقى في منتصف الملعب لا يراقب أحدًا، وإنما كان يشعر بأن من واجبه مراقبتي». وأضاف: «ترتب على ذلك خلق فجوة كبيرة على الجانب الأيسر من الملعب، وهنا كان يلعب تيد فيليبس (لاعب خط الوسط المتقدم). لقد كان بحاجة لمساحة فقط، وإذا ما وفرتها إليه واستحوذ على الكرة، كان ذلك يعني هدفا محققا». كان ذلك بداية التحول في خطة لعب الفريق من 4 - 4 إلى 4 - 3 - 3 ثم إلى 4 - 4 – 2، والتي أسهمت في فوز الفريق الوطني الإنجليزي بعد عقد بكأس العالم. وبالفعل، فاز إيبسويتش بالترقي عامي 1957 و1961، ثم فاز ببطولة الدوري في خضم حالة واسعة من الذهول. إلا أنه بمجرد أن اكتشف الخصوم الحيلة التي تنطوي عليها خطة لعب النادي، أصبح من الممكن التغلب عليها. وتجلى ذلك في فوز توتنهام على إيبسويتش بـ5 أهداف مقابل هدف واحد في الموسم تالٍ؟ بحلول نهاية أكتوبر، عندما وقع الاختيار على رامزي مدربًا للفريق الوطني الإنجليزي، كان إيبسويتش قد فاز في اثنتين فقط من إجمالي 15 مباراة. يذكر أن رامزي تولى رسميًا مهمة تدريب المنتخب الإنجليزي في مطلع مايو (أيار) 1963، وحل محله جاكي ميلبورن في تدريب إيبسويتش. ورغم أن سلسلة من الانتصارات في مارس (آذار) وأبريل (نيسان) قضت على خطر الهبوط، أنهى إيبسويتش الموسم في الترتيب الـ17 وهبط في الموسم التالي. * ليدز يونايتد 1974 - 1975 كان براين كلوف الاختيار الخطأ لنادي ليدز يونايتيد، وكذلك كان ليدز بالنسبة له. وجاء تولي كلوف مسؤولية تدريب النادي في أعقاب رحيل دون ريفي عنه بعد فوزه ببطولة الدوري أخيرا للمرة الثانية لخلافة ألف رامزي في تدريب الفريق الوطني الإنجليزي. جدير بالذكر أن ليدز نافس على البطولة بقوة خمس مرات خلال الأعوام الـ13 التي قضاها ريفي معه. أما كلوف فقد كان متاحًا بعد أن واجه مشكلات جمة داخل برايتون. ورغم توجيه كثير من سهام النقد إلى ريفي وليدز وكل ما يمثله على مدار الأعوام الأربعة السابقة، أبدى كلوف حرصه على الاضطلاع بالمهمة الجديدة لأنها توفر له طريق عودة إلى الكأس الأوروبية. والواضح أنه أصبح مفتونًا بهذه المسابقة، حيث رأى أنه تعرض للاحتيال والغش من جانب يوفنتوس في دور قبل النهائي أثناء وجوده في ديربي - الحادث الذي ارتبط بداخله بوفاة والدته التي رحلت ليلة فوزه في دوري ربع النهائي على سبارتاك ترنافا. من جهته، شعر ماني كسينز، رئيس ليدز، بحاجة النادي إلى اسم كبير وشخصية قوية لتدريب فريق تقدمت أعمار لاعبيه. آنذاك، كان هناك بعض اللاعبين أكبر سنًا من كلوف، لكن باعترافه شخصيًا فإن حاول إدخال قدر بالغ من التغييرات بسرعة كبيرة للغاية. في الوقت ذاته، اتبع أسلوبا فظًا في التعامل مع الفريق، حيث أخبرهم على سبيل المثال بأن يلقوا بالميداليات التي حصلوا عليها في سلة القمامة لأنهم نالوها بالغش، الأمر الذي أثار سخط اللاعبين الكبار. وقدم ليدز بداية سيئة للموسم الجديد، بهزيمته أمام ليفربول في لقاء درع الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم، وهي مباراة كان من المفترض أن تكون احتفالاً في وداع بيل شانكلي، مدرب ليفربول، لكنها محفورة في الأذهان الآن بسبب طرد بيلي بريمنر كيفين كيغان. كما خسر ليدز ثلاث مباريات وتعادل في اثنتين من بين أولى المباريات الست له بالموسم الجديد من البطولة، وبحلول ذلك الوقت بدا واضحًا أنه بات من المستحيل على كلوف الاستمرار في منصبه. وبالفعل رحل عن الفريق بعد تعادله أمام هدرزفيلد الذي كان يلعب في دوري الدرجة الثالثة بهدف لكل من الفريقين في إطار بطولة كأس رابطة الأندية الإنجليزية المحترفة. ومن بعده، تولى جيمي أرمفيلد تدريب ليدز ونجح في تحقيق استقرار بالفريق، ما انعكس على نتائجه حيث خسر ثلاث مباريات فقط في الدوري بعد أعياد الميلاد وأنهى الموسم في المركز التاسع، بينما بلغ دور النهائي في بطولة الكأس الأوروبية، حيث تعرض للهزيمة على يد بايرن ميونيخ في ظل ظروف مثيرة للجدل على نحو بالغ. * ليدز يونايتد 1992 - 1993 يوعز الكثيرون السبب وراء تراجع نتائج ليدز يونايتد بعد فوزه بالبطولة إلى انتقال إريك كانتونا لمانشستر يونايتيد - وإلى أي مدى كانت الأوضاع ستختلف لو أن رئيس ليدز، بيل فوزربي لم يتصل هاتفيًا بنظيره في أولد ترافورد، مارتن إدواردز، ليسأله حول ما إذا كان بمقدوره شراء دينيس إروين. إلا أن هذا حدث بالفعل في نهاية نوفمبر 1992. وربما كان استمرار كانتونا بصفوف ليدز سيوقف أو على الأقل يبطئ وتيرة تراجع أداء الفريق، لكن تبقى الحقيقة المؤكدة أن البداية السيئة للموسم جاءت وكانتونا لا يزال في صفوف ليدز يونايتيد. بدأ ليدز الموسم بفوزه على ويمبلدون بهدفين مقابل هدف واحد. بعد ذلك تعادل الفريق مع أستون فيلا وخسر أمام ميدلزبره المرتقي حديثًا للدوري الممتاز بأربعة أهداف مقابل هدف واحد. وساعد اللاعب السابق لدى ليدز، تومي رايت، في تسجيل هدفين منهم وسجل الثالث بنفسه، بينما أحرز الرابع جون هيندري. وجاء الفوز على توتنهام بخمسة أهداف بلا مقابل لتوحي بأن الأمور أصبحت على ما يرام، لكن عيوب الدفاع التي تكشفت خلال لقاء ميدلزبره تفاقمت - وخلال المباريات الـ11 التالية خرج الفريق من واحد منها فقط بشباك نظيفة، بينما دخلت شباكه في بقية اللقاءات 19 هدفا. وعند النظر إلى تلك الفترة الآن يتضح للجميع أن التخلي عن كانتونا كان خطأ قاتلاً، لكن يبدو أن مسؤولي النادي حينها كانوا مشغولين بأمور أخرى. وبعد تعرضه للهزيمة على يد بلاكبرن روفرز بثلاثة أهداف مقابل هدف واحد، استقر ليدز عن الترتيب الـ16 بالبطولة، وإن كان نجح في ضمان دخول منطقة الأمان عبر سلسلة من التعادلات في النصف الثاني من الموسم لينهيه في الترتيب الـ17، وهي ثاني أسوأ نتيجة ينهي بها حامل للقب الموسم التالي لفوزه بالبطولة بعد هبوط مانشستر سيتي.
مشاركة :