أعلنت وكالة «أعماق» الإخبارية مساء أمس أن اثنين من أنصار تنظيم داعش نفذا هجوم ولاية كاليفورنيا الأميركية. وقالت وكالة «أعماق» الإخبارية التابعة لـ«داعش» إن اثنين من «أنصار الدولة الإسلامية» هاجما مركزا في مدينة سان برناردينو في ولاية كاليفورنيا الأميركية». وفي وقت سابق من أمس ذكرت تقارير إعلامية أميركية أن المرأة التي نفذت مع زوجها حادث إطلاق النار الذي خلف 14 قتيلا و21 جريحا في سان برناردينو سبق لها أن أعلنت مناصرتها ومبايعتها أبو بكر البغدادي زعيم تنظيم داعش الإرهابي على شبكة الإنترنت. وقال مسؤولو إنفاذ القانون الذين رفضوا الكشف عن هويتهم لشبكتي «سي إن إن»، و«إن بي سي» الإخباريتين إن تاشفين مالك زوجة المسلح والمشاركة في الهجوم، نشرت رسالة على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» مؤيدة لزعيم تنظيم داعش أبو بكر البغدادي أثناء أو مباشرة قبل الهجوم الذي وقع الأربعاء». واتهمت مالك (27 عاما)، وزوجها سيد رضوان فاروق (28 عاما)، بتنفيذ الهجوم، الذي استهدف زملاءه في إدارة الصحة بالمقاطعة. ولقي الزوجان حتفهما في تبادل لإطلاق النار مع الشرطة بعد ساعات من المذبحة داخل قاعة مؤتمرات بالمدينة الواقعة شرق لوس أنجليس. وقال مسؤولان باكستانيان لـ«رويترز» إن تشفين مالك المتهمة بارتكاب حادث إطلاق النار في ولاية كاليفورنيا الأميركية انتقلت للسعودية من باكستان قبل نحو 25 عاما لكنها عادت لبلادها لتدرس الصيدلة. وفي مقابلة مع صحافيين بعد أن ألقى خطابا خلال حملته الانتخابية، قال دونالد ترامب، ملياردير العقارات ومن مرشحي الحزب الجمهوري أمس: «هذه حلقة أخرى من مسلسل إرهاب الإسلام المتطرف». وعندما سأله صحافيون عن الدليل، أجاب: «انظروا إلى أسمائهم، أليست أسماء مسلمين؟». من جهته، قال جارود بورجوان قائد شرطة سان برناردينو في مؤتمر صحافي أمس إن عمليات التفتيش في المنزل الذي يستأجره فاروق ومالك في بلدة ريدلاندز القريبة تمخضت عن العثور على وحدات تخزين إلكترونية وأجهزة كومبيوتر وهواتف جوالة. وقال مسؤولون في واشنطن على دراية بالتحقيق إنه لا توجد أدلة دامغة أو صلة مباشرة بين المهاجمين وأي جماعة متشددة في الخارج لكن سيتم فحص الأجهزة الإلكترونية لمعرفة ما إذا كان الاثنان يتابعان مواقع متطرفة على مواقع التواصل الاجتماعي. ونقلت شبكة (سي إن إن) أمس عن مصادر في وكالات إنفاذ القانون أن فاروق اعتنق الفكر المتطرف فيما يبدو لكن عوامل أخرى ربما لعبت دورا في دافعه. ووصف فاروق بأنه من أبناء الجيل الثاني للمهاجرين وولد في ولاية إلينوي ونشأ لأبوين باكستانيين. وولدت مالك في باكستان وعاشت في السعودية حتى تعرفت على فاروق. ونسبت (سي إن إن) إلى مسؤولين آخرين في جهات إنفاذ القانون القول إن فاروق تواصل عبر الهاتف وعلى مواقع التواصل الاجتماعي مع أكثر من شخص أجنبي كان مكتب التحقيقات الاتحادي يحقق في أمرهم للاشتباه في ضلوعهم بالإرهاب. وقالت صحيفة «يو إس إيه توداي» نقلا عن مصدر في جهات إنفاذ القانون إن المحققين يفحصون علاقات فاروق مع عدد من الأشخاص الذين رصد مكتب التحقيقات الاتحادي صلاتهم المشبوهة بالتطرف. وقال مسؤولون أميركيون بدءا من الرئيس باراك أوباما وانتهاء ببورجوان قائد شرطة سان برناردينو إن الهجوم قد يكون عملا إرهابيا لكن الدافع لم يتحدد بعد. وقال أوباما للصحافيين «من الممكن أن يكون له صلة بالإرهاب. لكننا لا نعرف. ومن الممكن أيضا أن يكون له صلة بمكان العمل». من جهتها، قالت صحيفة «لوس أنجليس تايمز» أمس، على لسان مسؤول في مكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي آي) في لوس أنجليس، إن المحققين «لم يحسموا» إذا كانت دوافع الزوجين «إرهابية». وفسر ذلك بأنه «العنف السياسي» الذي يشمل أهدافا سياسية، أو أهدافا تؤثر على سياسات معينة، وفي هذه الحالة سياسات الحكومة الأميركية. وقال: إن ذلك يختلف عن «العنف العائلي»، أو «العنف الاجتماعي». وأشار إلى ما حدث قبل عامين عندما قتل شاب 26 تلميذا وتلميذة في مدرسة ابتدائية في نيوتاون (ولاية كونيتيكات). في تصريحاته عن المجزرة، ربط الرئيس أوباما بين دوافع المجزرة وسهولة شراء الأسلحة الفتاكة في الولايات المتحدة. وقال لصحافيين: «نعرف جميعا أنه صار سهلا جدا لأي شخص أن يرتكب مثل هذا القتل الجماعي في الولايات المتحدة بسبب عدم وضع قيود فعالة على شراء الأسلحة الفتاكة». ونقلت صحف وتلفزيونات أميركية تصريحات خبراء وناس عاديين بأنهم فوجئوا باشتراك زوجة فاروق في المذبحة، جنبا إلى جنب مع زوجها. وقالت هاناي بورتبيرغ، في نفس مدينة سان برناردينو التي وقعت فيها المجزرة: «هذا شيء غريب، وشيء مخيف. هذه فتاة في العشرينات من عمرها، ويبدو أنها متعلمة وطموحة، وها هي تتدرب لشهور على البنادق الأوتوماتيكية، وترتدي زيا عسكريا، وتشترك مع زوجها، جنبا إلى جنب، في أكبر مذبحة جماعية في كاليفورنيا. هذا شيء لا يصدق، وشيء يخيف». وقالت زميلتها سوزان باكونري: «كيف تقدر امرأة على ترك طفلها الرضيع عمره ستة أشهر، عند والدتها، وتذهب لتقتل عشرات من زملائها في نفس المكتب؟ إذا لم تعطف على مصير زملائها في المكتب، ألم تعطف على مصير طفلها؟». وحسب تقرير سابق أصدره «إف بي آي»، تظل نسبة كبيرة جدا من منفذي عمليات القتل الجماعي من الرجال. من جملة 230 حادث إطلاق نار في الولايات المتحدة، من عام 1966 حتى عام 2012. اشتركت نساء في ثماني حوادث فقط. في عام 1979. قتلت برندا سبنسر شخصين وأصابت ثمانية أطفال في مدرسة في شيكو (ولاية كاليفورنيا). وفي عام 1988، حاولت جنيفر لوريدان في وينيتكا (ولاية إلينوي) تفجير مدرسة، وقتلت تلميذا، وجرحت تسعة. وقال بريان جينكنز، خبير في مؤسسة «راند» في كاليفورنيا: «فاجأني ما حدث (اشتراك امرأة). ليس هذا هو النمط العادي. هذا شيء غير عادي للغاية. ليس فقط في سجلات الشرطة هنا، أو في أي دولة أخرى في العالم. في كل تاريخ العالم، يظل إطلاق النار، فرديا أو جماعيا، متعمدا أو غير متعمد، عملا رجاليا». وحسب صحيفة «لوس أنجليس تايمز»، أثار الاستغراب، أيضا، أن فاروق وزوجته خزنا في شقتهما أكثر من ستة آلاف طلقة، وأكثر من عشر قنابل أنبوبية. وأن هذه «تكفي لقتل مئات من الناس». وقال مسؤولون في الشرطة المحلية إن الزوجين «ربما كانا يعدان لهجوم آخر». ونقلت صحيفة «واشنطن بوست» أمس تصريحات أقرباء ومعارف للزوجين بأنهما كانا يبدوان «سعيدين، وهادئين، ومتدينين جدا». وقال موظفون معهما في نفس المكتب إنهما لاحظا شيئين بعد هذه الزيارة: أطلق فاروق لحية طويلة، وعاد مع زوجة كان قابلها في الإنترنت. وقالت الصحيفة: «كان فاروق عاديا: أحب المشي على البلاج، والتزحلق على الجليد، وهواية إصلاح السيارات. كان مسلما رسميا يصلي خمس مرات في اليوم. ووصف نفسه، في صفحته في الإنترنت، بأنه (دائما في خشية الله)». وأضافت الصحيفة: «اتفق كل الأقارب، والأصدقاء، وزملاء العمل، والشرطة، والجيران على شيء واحد: لا نفهم لماذا حدث هذا. لا يتفق ما حدث مع مئات من حالات القتل الجماعي الأخرى. أضف إلى ذلك أن فاروق، قبل أقل من ثلاث ساعات من قتل زملائه في العمل، جلس على طاولة في غرفة الاجتماعات مع ستة من زملائه. وضحك معهم عندما تناقلوا خبرا داخليا بأن تغييرات في نظام العمل في العام القادم ستعني أعباء أقل». وقال زملاء ومعارف إنه، إذا توجد أي أشياء تدعو للاهتمام في تصرفات فاروق هي: زيارته مرتين إلى السعودية في العام الماضي والذي قبله، وحديثه عن فريضة الحج التي أداها في واحدة من الزيارتين، وتعليقاته عن عدم رغبته في أن يظل يعيش في الولايات المتحدة التي ولد وتربى فيها. عن الزوجة، قالت الصحيفة: «تظل لغزا كبيرا. لا يوجد لها موقع أو صفحة أو تعليق في الإنترنت، وقال معارف وأقرباء لفاروق إنهم لم يعرفوا عنها أي شيء قبل أن يحضرها فاروق من السعودية. ولا يعرف أحد لماذا وهبت نفسها لزوجها، ولخطة المذبحة». ورغم أن المحققين لم يؤكدوا ذلك، قال تلفزيون «إن بي سي» إن فاروق وزوجته مسحا كل البرامج في كل أجهزة الكومبيوتر والتليفونات في شقتهما. وإن هذا يمكن أن يعقد البحث عن أسباب ما فعلا. لكن، يمكن أن تحتوي الرسائل الإلكترونية التي تبادلوها مع آخرين، والتي يمكن الوصول إليها، على معلومات مفيدة. وفي غضون ذلك، قال تلفزيون «فوكس» صباح أمس، إن المحققين يتابعون «خيوطا هامة» عن صلة فاروق بجهات إرهابية داخل وخارج الولايات المتحدة. ونقل التلفزيون على لسان مسؤول أمني، طلب عدم نشر اسمه أو وظيفته، أن فاروق كان يتابع مواقع منظمات إرهابية، منها «داعش». ونقل التلفزيون فيديو من أحد مواقع «داعش» عن طريقة صناعة قنبلة أنابيب. وقال: إنها نفس الطريقة التي يبدو أن فاروق صنع بها مجموعة كبيرة من قنابل الأنابيب وجدت في سيارته، وفي منزله. وأضاف التلفزيون أن المحققين عثروا على متابعات مكثفة من كومبيوتر فاروق لمواقع إسلامية، خاصة مواقع تلاوة القرآن الكريم، ومواقع تفسيراته. وفي بعض المواقع مناقشات فلسفية عن الإسلام والمسلمين. وحسب المعلومات التي جمعتها صحيفة «واشنطن بوست»، يعمل والد رضوان فاروق، سيد فاروق، سائق شاحنة، وتظل العائلة فقيرة منذ أن هاجرت إلى الولايات المتحدة قبل أربعين عاما تقريبا. وأكثر من مرة، لم يقدر الوالد على الحصول على عمل، وبقي عاطلا لسنوات. وفي الوقت الحاصر، تعمل والدته، رافيه، التي حصلت على الطلاق من زوجها، في تحصيل الفواتير في مؤسسة «كايزر» للرعاية الصحية. وحسب وثائق قضائية، منذ بداية الزواج، مال والد فاروق نحو العنف والقسوة في معاملته لزوجته. وفي عام 2002، عندما كان عاطلا، زاد عنفه، وزاد فقره، ووصلت ديونه إلى 50.000 دولار، واضطر لإعلان إفلاسه. وبداية من عام 2004. شن الوالدان حروبا على بعضهما البعض في المحاكم، وزجرت المحكمة الزوج مرتين، وطلبت منه الابتعاد عن زوجته. وصار، منذ سنوات، يعيش بعيدا عن زوجته، التي انتقلت من منزل العائلة، وتعيش في منزل آخر، وتعتمد على عملها في مؤسسة «كايزر».
مشاركة :