شهد الفريق سمو الشيخ سيف بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، يوم الثلاثاء الماضي، المحاضرة الرمضانية الثانية لـ«مجلس محمد بن زايد»، التي ألقاها معالي الدكتور أنور بن محمد قرقاش المستشار الدبلوماسي لصاحب السمو رئيس الدولة، تحت عنوان «الأمن والاستقرار في عالمنا المتغير.. من منظور دولة الإمارات»، واستضافها جامع الشيخ زايد في أبوظبي. وتم التركيز في الجلسة على 5 محاور رئيسية، هي الأمن والاستقرار في عالمنا المتغير وما يعنيه ذلك لدولة الإمارات، إضافة إلى النموذج الإماراتي التنموي في ظل المتغيرات الدولية، وكيفية التعامل مع التحديات الراهنة، وأبرز التطورات الرئيسة الحاصلة في النظام الدولي والتحولات المرتبطة به، بجانب الرهان على التعاون والحوار لتعزيز الاستقرار والازدهار في المنطقة، والانفتاح على التغيرات في النظام الدولي والإقليمي وفق المصالح الوطنية العليا لدولة الإمارات. وأكد معالي الدكتور أنور قرقاش ضرورة أن تكون خياراتنا مفتوحة وبعيداً عن الانغلاق، بحيث تكون مصلحتنا الوطنية وضمان الأمن والاستقرار في المنطقة هي البوصلة التي تحدد خياراتنا وتوجهاتنا في ظل التحول الكبير في العالم، بحيث نتمكن من الموازنة بين الشرق والغرب والحفاظ على الصداقات القائمة وبناء صداقات وشراكات أخرى بعيداً عن سياسة التموضع والمحاور. وقال معاليه: إن سياسة دولة الإمارات للتعامل مع الفرص والتحديات في العقود المقبلة تقوم أساساً على البناء الداخلي وتحصين الوطن من خلال وجود مؤسسة عسكرية ذات كفاءة ومهنية، تتمتع بقدرات احترافية وبناء علاقات وشراكات ذات مصداقية، والتركيز على التنمية الاقتصادية، وبالتالي فإن سياستنا الخارجية ستركز على بناء الجسور وإدارة الخلافات وبناء الشراكات على أساس إمارات مزدهرة في إقليم مستقر. تنافسية وأضاف: على صعيد البناء الداخلي فإن الحفاظ على تنافسيتنا الاقتصادية يبقى خياراً رئيسياً، وضامناً مهماً لمواصلة نموذجنا التنموي، إذ تمكنت الإمارات من ترسيخ مكانتها باعتبارها مركزاً متقدماً وبيئة اقتصادية واستثمارية بمعايير عالمية، وفي هذا الجانب فإن سعي الإمارات لرفع تنافسية المنطقة بشكل شمولي هو سعي لتعزيز مكانة وثقل المنطقة في النظام الدولي وتقليل للارتدادات السلبية التي قد تنشأ عن المعطيات الدولية الجارية حالياً، مشيراً في الوقت نفسه إلى أن الإمارات نجحت في زيادة حجم اقتصادها من نحو 15 مليار دولار في عام 1975 إلى أن يصل اليوم إلى قرابة 430 مليار دولار. محاضرة وفي بداية المحاضرة توجه معالي الدكتور أنور قرقاش بالشكر الجزيل للقائمين على مجلس محمد بن زايد لإتاحتهم الفرصة لي للحديث معكم وتبادل الرأي حول مختلف القضايا، والتواجد مجدداً في هذا المجلس الذي يحمل اسم قائد طموح ورجل وطني حريص على تطور ونهضة الإمارات، وزعيم مُهتم بفتح مسارات تبادل الرؤى والأفكار والمعرفة حول مختلف القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية. إنجازات وقال معاليه: قبل أشهر قليلة احتفلنا باليوم الوطني الخمسين لدولة الإمارات، واحتفالنا لم يكن رمزياً بقدر ما كان احتفالاً بإنجازات عظيمة تمكنا من تحقيقها نتيجة كفاح وعزيمة امتدت خمسة عقود ورؤية قيادة مستنيرة مؤمنة بإمكانات الإمارات وقدرات شعبها على الولوج إلى آفاق أوسع من النهضة والعلم والمعرفة. وأضاف: رغم أن المدة الزمنية المتمثلة بخمسين عاماً تعتبر قصيرة نسبياً في عُمر الدول والشعوب إلا أن الإمارات أثبتت أن الإطار الزمني ليس عاملاً مهماً لتطور الدول وتنميتها، إذ تمكنا خلال هذه المدة من بناء دولة راسخة اقتصادياً واجتماعياً وسياسياً، وتتمتع بحضور دولي مهم في القضايا الإقليمية والدولية. وتابع: ورغم الإنجازات الكبيرة التي تحققت لا بُد لنا أن ندرك تماماً أن هناك العديد من التحديات التي يجب علينا التعامل معها ومواجهتها للحفاظ على هذه الإنجازات، فالمحافظة على المنجز والبناء عليه تتطلب الاستمرار في الجهود وتعزيزها، خاصة وأننا نعيش في عالم متغير وإقليم صعب، ولعل سر نجاح الإمارات يكمن في قدرتها على قراءة التحديات جيداً وتحويلها إلى فرص والتعامل معها بواقعية وعقلانية بعيداً عن الانغلاق والتموضع السلبي. وأوضح: مع هذا نواجه في منطقتنا تحديات عديدة، ولعل الهجمات الإرهابية التي تعرضنا لها في 17 يناير من هذا العام مثال على ذلك، والعبرة أن الوطن يأتي أولاً ومصلحة الإمارات هي فوق أي اعتبار آخر، فالأزمات كما أنها مؤشر على القدرات فهي كذلك مفصلية في قرارنا وتوجهنا، والبوصلة دائماً هي المصلحة الوطنية الصرفة، مضيفاً: استطعنا أن نواجه هذه الهجمات الإرهابية بقدراتنا الوطنية، كما استلزم الأمر مراجعة طبيعة علاقتنا وتحالفاتنا وتحديد مصداقية هذه الارتباطات في ظل حقائق كنا ندركها، وهي أن المنطقة صعبة وأصبحت أكثر تعقيداً في ظل ظواهر جديدة مثل انتشار الميليشيات وتحولات في العتاد العسكري مع تزايد خطر الصواريخ والمسيرات واستمرار الاحتقان والتصعيد الإقليمي. وأفاد: إن موضوع الأمن والاستقرار في منطقة مثل منطقتنا بما تحمله من أزمات وصراعات وارتباطات عالمية يمثل تحدياً رئيسياً يفرض علينا العديد من المسؤوليات تجاه الوطن وضمان مسيرته في هذه الفترة الصعبة، لذلك لا بُد من قراءة التحولات والتغيرات في المشهد العالمي قراءة دقيقة مع الأخذ بعين الاعتبار بأن المصلحة الوطنية هي الأولوية الرئيسية بغض النظر عن الظروف والحسابات المختلفة. وقال: لا شك أن التغيير صفة أساسية في عالمنا، وهذا التغيير من الطبيعي أن يفرض نفسه على الأمن والاستقرار، وهما الركيزة الرئيسية للتنمية، فلا تنمية بلا أمن واستقرار، وبالمحصلة فإن الحديث عن التغيير في العالم يعني بالضرورة الحديث عن النظام الدولي، ومن هذا الواقع لا بُد لنا في دولة الإمارات من رصد حثيث ودقيق لتحولات الأساسية في النظام الدولي وانعكاساته على النظام الإقليمي الذي تمثله الدول الخليجية والعربية، إضافة إلى دول الجوار مثل إيران وتركيا وباكستان والهند. حكمة وقال معالي أنور قرقاش: لا بُد لنا في ظل التطورات الحاصلة في المنطقة من إدارة الأمور بحكمة وعقلانية مع الدول التي لديها سياسات ووجهات نظر مختلفة، وذلك عبر البناء على المشتركات وتقويتها، دون التركيز على نقاط الاختلاف باعتبارها حاجزاً يمنع الحوار والتعاون في النقاط المتفق عليها، فنحن نرى إيران جارة، لذلك نسعى إلى بناء أفضل العلاقات معها، كما نرى تركيا شريكاً في بحثنا المشترك عن الازدهار، ومستمرون في دعم آفاق الاتفاق الإبراهيمي، ولن تكون الإمارات طرفاً أو شريكاً في الإضرار بأي من جيرانها، وأخص بالذكر إيران، حيث سنلجأ دائماً إلى الدبلوماسية والحوار والتعاون الاقتصادي. وأضاف: إن التحولات والتغيرات التي يشهدها العالم هي تغيرات مترابطة ومتداخلة ستفرز آثارها سلباً أو إيجاباً على مختلف دول العالم، وعلى الأمن والاستقرار الدولي والإقليمي، ومن هذا المنطلق فإن هذه التغيرات بقدر ما تحمله من تحديات تحمل في ذات الوقت فرصاً وآفاقاً أوسع للتطور والتنمية، لذلك فإن المصلحة الوطنية ستبقى هي الموجه الرئيسي لتعاملنا مع هذا المشهد العالمي، بحيث نعزز مكانة الدولة وثقلها السياسي والاقتصادي في المنطقة والعالم، وذلك عبر الانفتاح على التحولات بروح العزيمة والتحدي التي ميزت تجربتنا على مدار العقود الخمسة الماضية، وأن نكون جزءاً من صناعة الحدث والاستعداد لنتائجه لتعظيم استفادتنا وضمان مصالحنا الوطنية. وتابع: في الوقت الذي يشهد فيه العالم تغيرات جوهرية في ميكانيزمات النظام الدولي فإن منطقتنا كذلك تشهد تغيرات وتطورات مهمة، في مقدمتها السعي نحو تعزيز فرص السلام والاستقرار وخفض التصعيد والانفتاح بين دول الإقليم بعيداً عن الخلفيات التاريخية التي عززت الصراعات والنزاعات على مدى العقود الماضية، ولعل هذا التوجه يمثل الأداة الأفضل لمواجهة ما يحدث على الصعيد العالمي، وبناء نموذجنا الإقليمي الخاص بنا، والذي يمثل رهاناً مهماً لضمان أمن واستقرار المنطقة وتنميتها وازدهارها. وأضاف في ختام كلمته: أكرر شكري على هذه الدعوة الكريمة وإتاحة الفرصة لي للحديث عن موضوع في غاية الأهمية، لما له من انعكاسات وتأثيرات على مختلف الصعد، وأنا سعيد جداً بوجودي في مجلس محمد بن زايد، الذي يشكل ورشة عصف ذهني ومنارة للبحث والنقاش في القضايا المعاصرة التي يشهدها العالم. 6 ملاحظات رئيسية حول النظام الدولي والتحولات المرتبطة به أوضح معالي أنور قرقاش 6 ملاحظات رئيسية حول النظام الدولي والتحولات المرتبطة به، أولها: الأزمة الأوكرانية العميقة والممتدة التي تهدد بالتصعيد الأفقي والعمودي، وهي أزمة رئيسية ستكون لها تداعياتها الخطيرة على النظام الدولي، وسيكون عالمنا أكثر اضطراباً وأقل استقراراً، ومن المهم أن ندعو جميعاً لوقف إطلاق النار والوصول إلى حل سياسي سريع لتفادي المزيد من التداعيات الجسيمة. وأفاد: هنا أود أن أضيف أن هذه الأزمة لن تكون الأخيرة في نظام دولي تعوّد على الأزمات العنيفة وغير العنيفة، فنحن ما زلنا نتعايش مع أزمة الجائحة الصحية، وبالتالي فإن طبيعة النظام الدولي المأزومة مستمرة معنا وتمثل أحد المكونات الأساسية لعالمنا المعاصر، وعليه فإن حسن الإدارة ضروري، وتحصين الوطن والمنطقة من الأزمات أو على الأقل تخفيف ومعالجة حدتها جزء رئيسي من المشهد الحالي والمقبل. أما فيما يتعلق بالملاحظة الثانية، فقال: وبما أن الأزمات مستمرة فإن التغيير هو القاعدة في النظام الدولي، وقد يكون التغيير بسبب حدث سياسي أو اختراق علمي أو تحول اقتصادي، وهذه التحولات والمتغيرات مترابطة فيما بينها، بحيث ينتج عنها تحولات أوسع في طبيعة وكينونة النظام الدولي، وهناك أمثلة عديدة على هذه التحولات التي نشهدها حالياً في مرحلة المخاض العالمي نحو نظام متعدد الأقطاب، بعيداً عن حالة التفرد والزعامة الأحادية لهذا النظام. وأضاف: ومن هذه الأمثلة، الهيمنة الأمريكية على النظام الدولي ظاهرة تاريخية حديثة نسبياً، وهي اليوم تمر بحالة أشبه ما تكون بالاختبار، في ظل بروز قوة أخرى طامحة لمنافسة الزعامة الأمريكية، وهي ليست بالضرورة منافسة سياسة أو عسكرية، بل في شق كبير منها اقتصادية وعلمية، فالواقع السياسي يشير إلى أن العديد من الدول تسعى لتغيير هذا الواقع. كما تطرق في الأمثلة التي قدمها إلى التحولات في الثورة الصناعية، فكما هو معروف فإن الثورة الصناعية الأولى وما تلاها من ثورات غيرت مجرى الحياة، وأثرت بشكل مباشر على البشرية بكافة نواحيها، واليوم نشهد ثورة جديدة، هي الثورة الرقمية المستندة إلى العلوم والتكنولوجيا الرقمية والذكاء الاصطناعي والروبوتات، وهذه التحولات الصناعية كافة أثرت وتؤثر على العالم الذي أصبح أكثر ترابطاً بحيث لا يمكن فصل الدول عن بعضها جغرافياً أو ديمغرافياً، وبالتالي من الطبيعي انعكاس ذلك كله على طبيعة النظام الدولي. ولفت إلى أن الصعود الصيني يمثل أحد أهم التحولات التي يشهدها العالم، إذ تمثل الصين اليوم قوة صاعدة وعملاقاً اقتصادياً من الصعب كبح جماحه، إذ ترى الصين أنها أصبحت مهيأة ولديها من القدرات والإمكانات ما يؤهلها لأن تكون قطباً عالمياً ومنافساً لمبدأ الهيمنة الأمريكية، وهنا بات من الواضح أن الصين تمكنت من تعزيز نفوذها ومكانتها في العديد من مناطق العالم، خاصة وأنها تمتلك أدوات العصر المتمثلة بقوة الاقتصاد والتفوق التكنولوجي، وبرغم أن التوجه السياسي الصيني في النظام الدولي ليس واضحاً بشكل كامل، إلا أن الثقل الاقتصادي والعلمي يشير إلى الدور الصيني المتنامي في العالم. وحول الملاحظة الثالثة، قال معالي الدكتور أنور قرقاش: عند الحديث عن التحولات في النظام الدولي لا بد من النظر إليها نظرة شمولية غير مرتبطة فقط بالبُعد السياسي، فالنظام الدولي هو مجموعة متوازية ومتشابكة من العلاقات والارتباطات، وأبرزها القدرات العسكرية والإمكانات الاقتصادية والتقدم العلمي والتكنولوجي. وأضاف: وللتدليل على الترابط والنظرة الشمولية للنظام الدولي نعود إلى الوراء لنرى أن بناء نظام ما بعد الحرب العالمية الثانية ارتبط ببناء نظام اقتصادي مالي عُرف باتفاقية بريتون وودز العام 1944، والتي أفرزت في هذا الجانب هيمنة الدولار، كما نرى أن ثورة النفط في منتصف السبعينيات لعبت دوراً في تحول النظام الدولي، ولا شك أن صعود نمور آسيا لعب دوراً محورياً في تغيير التوازن الاقتصادي الدولي بين الشرق والغرب، وفي تقديري فإن الجائحة الصحية الحالية كوفيد 19 سيكون لها تأثير على التحولات في عالمنا المعاصر. وفيما يتعلق بالملاحظة الرابعة، أشار قرقاش إلى أنه من الواضح أن النظام الدولي أصبح أقل غربياً مما كان عليه في العقود الماضية، وإذا عدنا إلى الفواصل التاريخية في صياغة النظام الدولي كمؤتمر فيينا 1815 بعد الحروب النابليونية ومعاهدة فرساي 1919 بعد الحرب العالمية الأولى، ومؤتمر يالطا 1944، الذي قسم مناطق النفوذ في الحرب العالمية الثانية، فسنجد أنها جميعاً تعكس خططاً غربية أعادت صياغة النظام الدولي، ولا يخفى أن النظام الدولي خلال القرنين الماضيين كان نظاماً غربياً صرفاً، أما اليوم فنرى أن عالمنا أصبح أقل غربياً بفعل العديد من التطورات السياسية والاقتصادية والعلمية من حركات التحرر الوطني إلى نهضة آسيا الاقتصادية إلى ثورة الطاقة، فنحن نشهد نهضة دول كانت ضعيفة أو مستعمرة مثل الصين والهند، والآن أصبحت في صلب النظام الدولي. ولفت إلى أن الملاحظة الخامسة تشير إلى أن هناك محاولة من قبل العديد من السياسيين الغربيين لتأطير عالمنا المعاصر أيديولوجياً باعتباره ثنائياً ومنقسماً بين أنظمة ديمقراطية وأخرى استبدادية، وهذه المقاربة مرفوضة وغير مقبولة، وتمثل جزءاً من الدعاية الغربية ومحاولة للتمسك بنظام دولي غربي التوجه، ورافض للحقائق المحيطة، فالتنوع الكبير في عالمنا والتجارب التاريخية المتباينة ترفض هذا المنطق، فما يصلح لدولة ما ليس بالضرورة أن يصلح لدولة أخرى، فلكل دولة أطرها وثقافتها وإمكاناتها وقدراتها، بحيث تبني نموذجها بناءً على واقعها بعيداً عن الاستنساخ الذي أثبت أن ضرره أكثر بكثير من نفعه، ولا يخفى أن محاولة فرض هذه الرؤية خلال فترة ما عُرف بالربيع العربي كانت كارثية على العرب وأوطانهم، وجاءت التجربة ممزقة للدولة الوطنية أو هزيلة لا يعتد بها. كما أوضح أن الملاحظة السادسة تقوم على أنه تقليدياً كانت محاور النظام الدولي سياسية في الغالب واقتصادية إلى حد ما، ولعب القانون الدولي والقوة العسكرية والاعتبارات الجيوسياسية الدور الرئيسي في تحديدها، لكننا نرى اليوم أن الهموم والتحديات غير السياسية تلعب دوراً رئيسياً في تحديد شكل وتغييرات النظام الدولي، وملف التغيّر المناخي والطاقة المستدامة والصحة العالمية ما هي إلا دليل على ذلك، وهي في تقديري من جهة تكشف الهوة الكبيرة بين الدول النامية والأقل نمواً، لكنها كذلك تعتبر حافزاً ودعوة للتعاون بسبب الطبيعة العالمية للتحدي، وفي هذا الجانب نرى أداءً إماراتياً جيداً في هذه الملفات واستعداداً مبكراً وريادة إقليمية، وأشير هنا إلى استعدادنا لاستضافة مؤتمر المناخ الدولي 2023. تحولات وشدد على أن النظام الدولي يشتمل على أنظمة إقليمية تلعب دورها في بلورة وتحولات النظام الدولي، وواقع الإمارات أنها تعمل وتتحرك ضمن دائرة النظام الإقليمي الشرق أوسطي، وهو من ضمن أكثر الأنظمة الإقليمية اضطراباً، وجميع المؤشرات تشير إلى أن النظام الشرق أوسطي سيستمر في مثل هذا الاضطراب، وبالتالي فإن إدارة مصالحنا الوطنية تتطلب الحكمة وتغليب الدبلوماسية، كما أنها تتطلب العمل على المشترك على حساب جوانب الاختلاف، أي أن ندعو إلى أجندة ازدهار للمنطقة كما ندعو إلى أجندة أمن واستقرار. وأفاد بأن هذه الملاحظات الست التي أجملها في الأزمة الأوكرانية، وأن التغيير هو القاعدة في النظام الدولي وشموليته وعدم اقتصاره على البُعد السياسي، وأنه أصبح أقل غربياً، ومحاولة تأطير العالم بين قسمين ديمقراطي واستبدادي، وبروز ملفات جديدة تلعب دوراً رئيسياً في تحديد شكل هذا النظام، هذه الملاحظات تجعل من الضروري والمهم للإمارات، كونها دولة متوسطة الحجم وأحد أكبر اقتصادات الشرق الأوسط، أن تتابع هذه التغيرات في النظام الدولي، وأن تُكيف سياستها وتتكيف مع التحولات العالمية، مع الأخذ بعين الاعتبار أن التحدي الرئيسي يكمن في التوازن الدقيق بين المحافظة على القيم والثوابت بالتزامن مع الانفتاح على العالم والثورة التكنولوجية. تابعوا أخبار الإمارات من البيان عبر غوغل نيوز طباعة Email فيسبوك تويتر لينكدين Pin Interest Whats App
مشاركة :